ان الهجمات والتفجيرات الإرهابية المتنقلة من دولة إلى أخرى، في السعودية والكويت وتونس ومصر، تشكل دليلاً قويا بان الامة العربية تواجه تنظيمات منظمة ومدعومة، وهو الأمر الذي يدعونا أن نتعامل مع هذه التنظيمات بجهود موحدة وتواصل امني لمكافحة الإرهاب بكافة اشكاله والوانه في مختلف المواقع والبلدان العربية..!.
فالتفجيرات التي حدثت في هذه الدول العربية وفي فرنسا وغيرها، هي إشارات واضحة إلى أن الجميع بات في دائرة الاستهداف، من المشرق وحتى المغرب، وهذا يجب ان يشد من عزيمتنا لإيجاد الوسائل الكفيلة للقضاء على هذه الآفة قبل أن تستفحل أكثر، وتطال الاخضر واليابس، وتضرب استقرار البلدان وحياة الشعوب.
والرهان الاكبر هو الشعوب التي يجب عليها ان تكون واعية بما يدور حولها من اخطار قادرة على تهديد استقرار بلدانها ورفاهية مواطنيها، وما تتعرض له مصر (ارض الكنانة) اليوم يعطي فكرة عن حجم التحديات التي تواجها لمحاولة ضربها أو جرها للخلف، كما حدث في بعض الدول التي اخترقت بنيران الغدر والكراهية والقتل وعدم الاستقرار وتدمير بنيتها التحتية ومنشاتها العملاقة التجارية والاقتصادية والامنية، فسقوط مصر ـ لا قدر الله ـ يعني تدمير وتقسيم للامة العربية ويخل بالتوازن في المنطقة بشكل عام.
لذا لا بدّ من مساندة ودعم مصر، ضد ما يحاك لها داخليا وخارجيا، وعلى اصحاب العقول المنفتحة والديمقراطية والشعب، ان يحتكموا للصناديق في حياتهم السياسية والاجتماعية، وليس جر البلد لحروب وقتل وتدمير يكون ضحيتها الشعب المصري في المقام الاول وانجازاته وتاريخه والتخلص من كل ما يهدف لجرها مستنقع القتل والخراب او التقسيم..
فاغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة والتفجيرات التي تحدث في أنحاء مختلفة من مصر، وصولاً إلى الهجمات على مواقع الجيش والأمن في شمال سيناء، كلها تبعث على الخوف، رغم يقيننا بقوة ونزاهة وبسالة الجيش المصري والشرطة والاجهزة الامنية وقدرتها على دحر التنظيمات والاشخاص الذين يقفون خلفها. والقوى الخارجية التي تدعم هذه الحرب بشكل او بآخر..
لذا فالدول العربية في حاجة إلى مبادرات مدروسة بالتنسيق فيما بينها لوضع حدّ لهذه المحاولات التخريبية والحروب والتفجيرات والفتن والنعرات الطائفية. فهذا الحراك الدخيل على الامة العربية سيكون طويلا، اذا لم نسرع من اجل اجتثاثه من خلال رؤي واضحة وقمة عربية واسلامية لانهائه والقضاء عليه.
انها حرب على الإسلام وعلى العرب وهذا يستدعي أكثر من أي وقت مضى لاعداد استراتيجية بعيدة المدى تأخذ في الاعتبار أوّلاً أنّ لا هوادة في المواجهة مع الارهاب وداعميه. فمن اراد اسقاط الحكومة او تغيير النظام لا يقتل ولا يدمر ولا يحرق ولا يفجر، بل يلجأ للطرق الديمقراطية عبر (صناديق الانتخابات) كما هو في الدول المتقدمة، ويحافظ على انجازات بلده، أو ينتظر أنتهاء فتره الحكومة.
لذا كان الاسبوع الماضي أسبوعا حزينا وفي شهر رمضان الفضيل، بالنسبة لعالمنا العربي الذي جرحه الإرهاب والقتل في الكويت الانسانية والديمقراطية، وضرب تونس في اقتصادها المتميزة به .. وأخيراً مصر في قطعة عزيزة من ارضها وهي سيناء ، ومن قبل في السعودية ارض الخير والعطاء.
أياً كانت الجهة الفاعلة، ومهما كانت الغاية، فالنتيجة واحدة وهي أن الفعل إرهابي، ويحتاج لتدخل وسند قوانين ووحدة عربية من الخليج الى المحيط، وتلاحم شعبي والتفافها حول قياداتها وتضامنها مع الشعوب لمواجهة الخطر الذي لا يعرف أصحابه الإنسانية ولا يقيمون وزنا لحياة الأبرياء ولا لسماحة الدين الاسلامي.
إن التفجيرات لا تمت إلى الإسلام بصلة حتى وإن حاول أصحابها رفع شعارات الإسلام، بل هي أعمال إجرامية تستهدف ضرب وزعزعة أمن واستقرار المجتمعات العربية..
فقد ان الاوان لمراجعة مناهج التعليم والخطابات والتصريحات والأفكار التي تملأ الدنيا ضجيجاً باسم الدين والطائفية في المجالس او المساجد والاعلام والافلام وغيرها من الامكان، والحل هو في الاحتواء والتعايش بين أبناء الوطن الواحد. وليس من حل آخر. وعندما نقبل التغيير بالوسائل السلمية الديمقراطية نستطيع أن ننهض بالبلد ونعيش كأسرة واحدة.
أتمنى أن ينتصر العقل في النهاية .. ويضع عقلاء الأمة حداً للافكار الهدامة والقتل والخراب الذي يحدث في المنطقة ويسعون للتقريب بين المذاهب تفادياً للمزيد من الأزمات والانشقاقات وانقاذ الامة العربية بما هو قادم .. كما امل من كل مواطن عربي ان يقوم بواجبه كل في مجاله للتصدي لهذه المؤامرات والقضاء علي منفذيها وتصفية المنابع التي تزودها بالعملاء والمخدوعين .. اللهم احفظ الامة العربية وشعوبها من كل مكروه .. فمصر قد تتوعك ولكنها حتما لن تسقط..!

د. احمد بن سالم باتميرا
[email protected]