احتفل مركز رعاية الطفولة التابع لوزارة التنمية الاجتماعية مساء أمس الاول بـ "يوم اليتيم الاسلامي الثاني" والذي يصادف الخامس عشر من رمضان تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن سعيَد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية وبحضور لفيف من مسؤولي وموظفي الوزارة وأطفال المركز.
بدأ الحفل والذي اقيم بمقر المركز بالخوض بكلمة ترحيبية للقائم بأعمال مدير مركز رعاية الطفولة حميد بن برمان المطروشي حيث رحب في مستهلها بالحضور وأكد فيها بأن الاسلام أرسى قواعد التكافل الاجتماعي في المجتمع قبل جميع الاعراف والمبادئ والمواثيق الدولية ، وحث عليها وجعلها سببا من أكبر أسباب دخول الجنة، وذلك لما فيها من صلاح المجتمع ونشر العدالة والتراحم بين أبنائه وما ينتج عنه من شيوع المحبة بين أبناء البلد الواحد ، فصيحة التوجع التي ربما تخرج من يتيم في أدنى الارض يشعر بها الغني ميسور الحال ويسمع صداها فيتحرك له قلبه فيمضي متكفلاً له وهذه هي أروع صور التكافل الاجتماعي التي عرفتها المجتمعات على مدى التاريخ فهي صورة عامة وشاملة للإخاء الإسلامي الذي لاتحد له حدود ولا توقفه أغلال أو قيود فهي تقتحم الحدود بين جميع الدول.
وتحدث المطروشي في كلمته عن أوجه رعاية الايتام في السلطنة ، حيث قال : بأنه إذا ما نظرنا لمنهجية رعاية الايتام في السلطنة ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية نجد أنها تمتزج فيها عوامل كثيرة بدءاً من مبادئ الدين الاسلامي الحنيف الذي يحث على رعاية اليتيم وترتب على رعايته والعناية به الأجر العظيم ومروراً بالقيم الانسانية التي تربط مجتمعنا العماني ببعضه البعض كما أن أوجه الرعاية التي تقدم للأيتام داخل المركز وخارجه تشمل كافة نواحي الرعاية الاجتماعية، والنفسية، والصحية، والتعليمية والترفيهية ، وتسخر لها كافة الإمكانات بهدف توفير بيئة اجتماعية وتربوية سليمة تساهم في بناء الفرد ليكون عضواً فاعلاً يساهم في بناء مجتمعه ووطنه.
عقب ذلك استمع راعي الحفل والحضور لمداخلة الشيخ سالم بن علي النعماني خبير الارشاد والتوجيه الديني بجامعة السلطان قابوس ذكر فيها بأنه لشرف عظيم أن يختص الله تعالى من يشاء من عباده لخدمة الأيتام ، سائلا الله تعالى التوفيق لمن يعمل جاهدا لخدمتهم ورعايته ، فهؤلاء الاطفال بحاجة إلى يد حانية تمسك بهم، وبحاجة إلى من يعلمهم القرآن ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "علموا أولادكم القرآن، فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو" ، علينا أن نعلمهم القرآن والفقه لقول الرسول الكريم " فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" ، وإن المسلم لا يسعى لأجل تحقيق مصلحته وحسب بل يسعى لتحقيق مصالح عباد الله تعالى إلى جانب مصلحته، فإن الاعمال التي يتقرب بها المسلم من ربه تعالى منها ما يقتصر ريعه عليه ومنها ما يتعدى إلى الاخر والنبي صلى الله عليه وسلم قال " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" ، فالقرآن هو الأساس الذي تبنى عليه الأمم وتعمل به الشعوب ، وان الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويخفض به آخرين، فإذا كانت الخيرية للناس الذين يتعلمون القرآن ويعلمونه فأن الخيرية كذلك في الناس الذين يقومون بخدمة بعضهم بعضا .
وأضاف قائلا: هؤلاء أبناءنا واخواننا وهنيئا لكم دار رعاية الطفولة بما تقدمونه من عمل عظيم عند الله تعالى، فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" فالدعاء الخالص لمن كانت له يد في بناء هذا المكان الذي يحوي بين جنباته هؤلاء الأطفال وهنيئا لمن بنى وهنيئا لمن أشرف، ولا ننسى بأن الإنسان مهما عمل فلن يوفي المحسنين جزائهم فجزائهم عند الله تعالى.
كما شهد الحفل مداخلة قدمها الدكتور سيف بن سالم الهادي رئيس قسم الإعلام الديني بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، قدم خلالها شكره لوزارة التنمية الاجتماعية على تنظيمها هذا الحفل ، وأكد على أن هؤلاء الأبناء قد حازوا عناية كبيرة وفائقة ، ومستذكرا في مداخلته قصة تلك المرأة التي اتصلت في برنامج سؤال أهل الذكر وقالت أنني أجد كل يوم لفظ الجلالة مكتوب على عضدي ، فسألتها ماذا قمت من أعمال ؟ ، فقالت أنا في كل صباح افتح النافذة وأضع ماءا وحبا للطيور، ويعلق الهادي على ذلك بأنه أمرا ليس مستغربا أن يكرم الله تعالى من يقوم برعاية المحتاجين من الطيور بهذه المنزلة الكريمة، فوجهت السؤال لسماحة الشيخ مفتي عام السلطنة ، فقال : أن الله تعالى يكرم عباده بما يشاء ، من قدم معروفا وخيرا لعباد الله تعالى من المحتاجين إلى المساعدة فإن الله تعالى يكافئه بهذا الخير ويجد آثار النعمة في حياته ، نجد ذلك يتكرر في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث حكى فيه قصة ثلاثة دخلوا غارا وانسدت عليهم الصخرة ، وفي تلك اللحظة قدم كل واحد منهم نفسه أمام الله يشرح ما هو العمل الذي قام به ، وكان أساسه تفجر الرحمة في قلبه واستطاع أن يقدم لعدد من الناس الضعفاء والمحتاجين معروفا، فتكلم أحدهم عن إحسانه لوالديه ، وتحدث الثاني عن احسانه للأجير الذي استطاع أن ينمي ماله فأصبحت عنده أودية من الأغنام ، وتكلم الثالث عن ابنة عمه التي جاءته محتاجة فانفرجت الصخرة وخرجوا من الغار.
وأضاف الهادي بأن مجتمع الأيتام في عهد الصحابة أخذ شغلا كبيرا من اهتماماتهم ولذلك نجد القرآن الكريم يكرر مصطلح اليتيم في أكثر من مناسبة ، وهذه العناية الفائقة من الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالأيتام تدل على أن هؤلاء بحاجه إلى مثل هذا الجهد الذي تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية ، واليتم ليس قدرا سيئا، اليتم هي مرحلة من المراحل التي طولبنا جميعا أن نوفر لها جوا من الرعاية والاهتمام، فاليتيم بعد أن يحصل على هذه الرعاية فإنه سيكون عنصرا ايجابيا في المجتمع ، ولربما يكون عنصرا قياديا، والله تعالى اختار من الأنبياء شخصيات كانت يتيمه ، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيما ، والنبي يوسف عليه السلام انفصل عن أسرته وعاش بعيدا عن والديه ، والنبي موسى عليه السلام كذلك انفصل عن أسرته وعاش بعيدا عن والديه ولكن هؤلاء فيما بعد أصبحوا أنبياء ينيرون طريق الهداية للعالمين وأصبحوا بالنسبة لنا هداية نهتدي بهديهم وقد تخللت الحفل أنشودتان قدمها أطفال المركز، وأنشودة وطنية قدمها المنشد بدر بن ناصر الحارثي وفي الختام قام معالي الشيخ راعي الحفل بتكريم المشاركين والمساهمين في تنظيم الحفل.