إعداد ـ علي بن سالم الرواحي:
لقد جعل الله القرآن معجزته الخالدة , فما سبقه من معجزات كانت حسية مؤقتة بصاحبها من الأنبياء فتزول بعد موته وينتهي أثرها على أتباعه, لكن معجزة القرآن لا تنتهي بزوال الأمم وعلومه لا تتوقف بمرور الزمن وأثره باقٍ على رغم من جحد وظلم, فالقرآن كله عجائب في عجائب وإعجاز في إعجاز, وهداية في هداية .. وهيا بنا نبحر معاً في اقتباس ولو أقل القليل من بعض لآلئ عجائب القرآن العلمية لتكون منارة لحياتنا والله ولي التوفيق.
يقول الله سبحانه وتعالى:( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)(سبأ), الولوج في الأرض هو نوع من أنواع الدخول لذي يصاحبه اختفاء أن في الأرض ظلمات وكلمة (في) دلالة على أننا عائشون فيها لا عليها لأننا في داخل غلافها الجوي .ومن صور الخروج من الأرض الثروات الطبيعية الخارجة من باطنها والمياه الجوفية و النباتات الخارجة من التربة, ويصف الله سبحانه ما يأتي من السماء إلى الأرض بالنزول وذلك لأن الأجسام إذا دخلت داخل نطاق تشتد فيه جاذبية الأرض , يعدِل من نزوله ذات مسار أعوج إلى نزول يكون مساره قريباَ جداً من الاستقامة, أما الارتفاع من الأرض إلى السماء فيكون في مسارات متعرجة نتيجة لتباين قوى الجذب على الأجرام فنرى أفلاك النجوم متعرجة وبيضاوية ونرى صعود الصواريخ على شكل منحنيات وكذلك صعود الملائكة عليهم السلام - والله أعلم - تكون مساراتها الصاعدة متعرجة, فالتعرج هو أسهل مسار للصعود إلى السماء, والله يعلم كل ذلك بدقة, وفي الكل سبقات قرآنية أكدها العلم الحديث القاصر.
يقول الله سبحانه وتعالى:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ)(سبأ:3), وُجد أن الشمس تفقد كتلتها باستمرار هذا يعني أن الطاقة الضوئية والحرارية التي تمدها إلى الأرض سوف تضعف حتى يصل الحال بها إلى حال لا يمكن معه باستمرار الحياة في الأرض, كما وُجِد أن الذرات تتكون من جسيمات أصغر: البروتونات ونيترونات وإلكترونات وهذه الجسيمات تنقسم إلى لبنات أصغر.
يقول الله سبحانه:( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ)(سبأ:14) , (المنسأة) أي العصا وسميت كذلك لأنها تؤخِّر الغنم حتى لا تتجاوز حدود المرعى, وفي الآية سبق قرآني على وجود الحشرات آكلة الخشب ومنها النمل الأبيض حيث تقوم بإفراز الأنزيمات والخمائر الخاصة لتحلل وتتغدى على مادة الخشب, وهذا النمل يدب على الأرض و(الدابة) جمع (داب) كـ (خائنة) جمع (خائن).
يقول الله سبحانه وتعالى:( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)(فاطر), فـ (جِدد) لها تفاسير عدة أهمها: طرق أو خطوط تكون في الجبل بحيث يخالف لونُها لونَ ما جاورها ومفردها (جِدة), و (غرابيب) شديد السواد بلون الغراب والأصل عند العرب أن يقال:(سود غرابيب) لكن جاءت (سود) بدلاً من (سود)وليست توكيداً, وصخور الجبال بنسبة 95% هي صخور نارية نشأت بتبلور الصهير الصخري نتيجة تعرضها للنيازك والشهب , و بنسبة 5% هي صخور رسوبية وأصلها صخور نارية متحللة التأمت بفعل الضغط والحرارة , و بنسبة قليلة من الصخور المتحولة من النارية والرسوبية بفعل تعرضهما للضغط والحرارة, واختلاف ألوان الجبال راجع إلى المواد المكوِّنة لصخورها فالصخور الحديدية تكون حمراء و التي (وهي صخور البازلت) من المنجنيز تكون سوداء والتي يغلب عليها النحاس تكون صفراء, والصخور البيضاء هي الرسوبية لوجود أملاح فيها و بعض معادن, وكل ذلك سبقات علمية من القرآن الكريم.
يقول الله سبحانه وتعالى:( إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ)(فاطر:41), قوله سبحانه :(يمسك) هو وصف دقيق للتوازن الكوني وقد سبق ذكر القوى الأربع التي تحفظ نظام الكون فلولاها لتلاشى كل شيء لكن الله هو الذي يمسك بيده كل شيء ولا أحد يستطيع ذلك غيره, فلا نملك إلا الخضوع وتمام التسليم لذلك الرب الحكيم.
يقول الله سبحانه وتعالى:( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)(يس), (الزوج) هو الفرد الذي له قرين يقابله, وحتى المعاني لها أزواج مثل: العلم والجهل والشجاعة والجبن, وكذلك الحال بالنسبة إلى الذرات فمنها البروتونات موجبة الشحنة والإلكترونات سالبة الشحنة إما إذا أريد بالأزواج الحقيقة الذكروية والأنثوية فكل الكائنات الحية الأرضية والنباتات فتتألف منهما, وفي جميع ذلك سبق قرآني يؤكِّد أن هذا القرآن جاء من عند الخالق العليم جل جلاله.