إعداد ـ هلال اللواتي:
معنى الخلافة الإلهية في الأرض:
الفرق بين معنى الخلافة "العرفية" وبين معنى الخلافة "الإلهية": إن معنى "الخلافة الإلهية" يختلف عن معنى "الخلافة العرفية" التي تتعارف بين الناس، فإن معنى الخلافة المتعارفة بين الناس هي: أن "يوجد المستخلَف بعد غياب المستخلِف"، ولكن هذا المعنى لا يمكن إيراده في حق الباري سبحانه وتعالى لما انتهى إليه العقل من النتيجة بأن الوجود كله حاضر لديه، ولا يغيب عنه سبحانه وتعالى شئٌ أبداً، إذن ..
- ما معنى "الخلافة الإلهية"؟!!.
الجواب : إن الجواب وبالاختصار هو:
المقدمة الاُولى: أن الله تبارك وتعالى ليس بماديٍ يمكن مشاهدته، أو يمكن المباشرة في التعامل معه، وهذا ما انتهى إليه العقل ببرهانه المتين.
المقدمة الثانية: أن إدراك حقيقة الله تعالى وكنهه لأمرٌ غير ممكنٍ للعقل البشري، إذ كيف يمكن للعقل المحدود أن يستوعب اللا محدود، وهو أشبه بصندوقٍ صغير يريد استيعاب الصندوق الكبير، فإن هذا لأمرٌ محالٌ.
المقدمة الثالثة: إن غفلة الإنسان عن ربه، وابتعاده عن باريه، وانشغاله في عالم المادة جعلته لا يرى الحقائق الوجودية أمامه، فأعمته عن جمال الله تعالى، وعن جلاله سبحانه، وعن كماله جلت قدرته، والتفت هذا الإنسان إلى النقائص ظناً منه أنها كماله، وأدى هذا الإلتفات إلى الإهتمام بها، فكان لابد من إرجاعه إلى أصله، وإيصاله إلى صراطه، وأخذه إلى ما تطلبه فطرته، وإلى ما تبحث عنه من صميم وجودها.
فبناءً على هذه المقدمات الثلاث نتساءل ..
- هل ينقطع العبد عن خالقه؟!! .
- وهل يقطع الله تعالى صلته بعباده؟!!.
الجواب: فهذا ما لم يحصل.
ولكن ..
- كيف؟!!.
فهذا ما سنتعرف عليه الآن باذنه تعالى ..
الجواب: إنه لابد مِن أن يكون– بين الخالق وبين المخلوق وبحسب ما تقدم من المقدمات - مَن يكون ذو مؤهلاتٍ عاليةٍ جداً، إذ يتمكن من إيجاد أرضيةٍ صحيحةٍ صافيةٍ متينيةٍ لأخراج العباد من أسر عالم المادة، ومن سجن عالم الحس إلى عالم السعادة الحقيقية، وبناء عليه ينبغي أن يكون هذا الشخص ذو جنبتين أساسيتين، وهما:
الجنبة الاُولى : الجنبة الإلهية في الصفات.
الجنبة الثانية : الجنبة البشرية في السمات.
فماذا نقصد من هاتين الجنبتين؟!!.
الجواب: إننا نقصد منها الآتي:
الجنبة الاُولى: الجنبة الإلهية في الصفات.
ينبغي أن يكون هذا الشخص بمستوى عالٍ من المعرفة للخالق، فيكون عارفاً لأسمائه، وعارفاً لصفاته، واقفاً على أدق الدقائق من أفعاله.
وأن لا تقتصر هذه المعرفة على مجرد حضور المفاهيم في ذهنه، بل لابد وأن تكون بمستوى حضور تجلياته سبحانه وتعالى، وأن يكون بمستوى مشاهدة عظمته، كي ينقل عنها نقل الشاعر بها، المندك في حقائقها، من قبيل من يضع يده في النار، فيدرك حرارتها إدراك العيان، لا مجرد إدراك المفاهيم، فكم هو فرق بين معرفة مفهوم النار ولازمها؛ وبين معرفة ذات النار ولازمها.