أوفا (روسيا) ـ وكالات :
أكد أمس وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن طهران واللجنة السداسية قريبتان للغاية من عقد اتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني. فيما ابدت روسيا تأييدها لرفع حظر بيع الاسلحة لايران المفروض بموجب قرار من مجلس الامن الدولي "في اسرع وقت ممكن" .
وقال لافروف في مؤتمر صحفي في مدينة أوفا الروسية التي تستضيف هذا الأسبوع قمتي مجموعة "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون "اعتمادا على مبادئ تسلسل المراحل والمعاملة بالمثل، أصبحنا قريبين للغاية من عقد اتفاق ليس مرحليا، بل نهائي وشامل". وأكد وزير الخارجية الروسي أن تنفيذ الاتفاق المستقبلي بين إيران والسداسية سيجري على مراحل أيضا. وتابع لافروف أن المفاوضات النووية الجارية في فيينا تشهد تقدما يوميا، موضحا أنه لم تبق هناك مسائل لا يمكن تجاوزها. وأعرب عن ثقته في التوصل إلى الاتفاق قريبا، شريطة استرشاد جميع الأطراف باتفاق الإطار الذي عقد في لوزان في مطلع أبريل الماضي. وأكد أنه مستعد للانضمام إلى نظرائه في فيينا مباشرة بعد انتهاء برنامج مشاركته في فعاليات قمتي أوفا، لعقد اجتماع نهائي يجري خلاله تنسيق جميع التفاصيل المتبقية بشأن الاتفاق.
وأشار إلى أن أحدا لا يفرض أي مهل مصطنعة على عملية التفاوض، مؤكدا أن جميع المشاركين في المفاوضات اتفقوا على أن الهدف الأهم ليس في الالتزام بالمهل، بل في ضمان جودة الاتفاق، لكي يؤمن توازن المصالح ومتانة نظام منع الاتشار النووي مع ضمان حقوق إيران المشروعة في استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
وبخصوص رفع حظر بيع الاسلحة لايران والمفروض بموجب قرار من مجلس الامن الدولي ، قال لافروف ان هذه العقوبات فرضت لدفع ايران الى التفاوض وهو هدف "تحقق منذ فترة طويلة" مضيفا ان موسكو "تؤيد رفع الحظر في اسرع وقت ممكن". واعتبر ان "ايران مشاركة في مكافحة "داعش"، ورفع الحظر عن الاسلحة سيساعدها على تحسين قدرتها على محاربة الارهاب". وكان لافروف اعتبر في وقت سابق هذا الاسبوع ان مسالة حظر بيع اسلحة لايران هو احد "المشاكل الرئيسية" في محادثات فيينا. وطلبت ايران الثلاثاء في فيينا رفع هذا الحظر الذي فرض في 2010 داعية الغربيين الى "تغيير مقاربتهم" بهدف التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني. لكن واشنطن رفضت المطالب الايرانية معتبرة ان القيود على مبيعات الاسلحة لايران ستبقى سارية حتى في حال ابرام اتفاق حول البرنامج النووي. وقد اعتمد مجلس الامن الدولي في 2010 قرارا يمنع بيع ايران دبابات قتالية وانظمة مدفعية ثقيلة وطائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وسفن حربية وصواريخ وراجمات صواريخ. ونص القرار نفسه على ان ايران يجب "الا تقوم باي نشاط مرتبط بالصواريخ البالستية التي يمكن ان تجهز باسلحة نووية" ويمنع نقل تكنولوجيا او مساعدة فنية لايران في هذا المجال. وفي السياق، أكد لافروف أن بلاده لا تخشى الآثار الاقتصادية المحتملة بعد رفع العقوبات المفروضة على طهران. وأردف قائلا "إنني واثق من أن شركاتنا تتميز بقدرة كافية على المنافسة وبخبرة كبيرة، بحيث لا تخشى أية آثار (ناتجة عن رفع العقوبات المفروضة على طهران)". وأكد الوزير أن الشركات الروسية ستواصل عملها في الأراضي الإيرانية، وجدد دعم موسكو لطلب طهران الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، علما بأن إيران تتمتع حاليا بصفة دولة مراقبة في هذه المنظمة.
من جانبه، شبه سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي سير مفاوضات إيران النووية مع "السداسية" الدولية بمتسلق الجبال الذي تفصله عدة خطوات عن القمة. وأعلن ريابكوف في مؤتمر صحفي في مدينة أوفا الروسية أنه تم تخطي 95% من الطريق خلال المفاوضات في فيينا، وبقيت عدة خطوات "أصعب خطوات" لبلوغ الاتفاق، واصفا المفاوضات بأنها "شبيهة بصعود متسلق الجبال الى القمة". وقال ريابكوف "إذا تم تخطي 95% من الطريق وبقيت عدة خطوات، فإن الأمتار الأخيرة، هي الأصعب، هذا بالذات ما لدينا في المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي". وأضاف الدبلوماسي إن روسيا تدرس حاليا مع "السداسية" الاقتراحات التي قدمها الطرف الإيراني. وقال "نعمل الآن مع زملائنا على الاقتراحات التي طرحها الجانب الإيراني، والعمل صعب بما فيه الكفاية، ويتطلب جهودا كبيرة، ولم نستطع التقيد بالمدة التي جرى تحديد 7 يوليو يومها النهائي. أما الآن فأنا أمتنع عن التنبؤ بشأن المستقبل". كما أكد ريابكوف أن روسيا والصين تعملان يوميا بصورة مشتركة في موضوع تسوية ملف إيران النووي.
هذا وأعلن مصدر رفيع المستوى في الوفد الإيراني المفاوض بفيينا أن طهران ترغب بحضور جميع وزراء الخارجية بمن فيهم الروسي سيرغي لافروف توقيع الاتفاق مع السداسية.
وقال المصدر لوكالة "نوفوستي" الروسية "الأنسب لنا أن يكون لافروف هنا عند توقيع الاتفاقيات" مضيفا إنه يعتقد أن هذا مهم أيضا بالنسبة للافروف في حال توقيع الاتفاق. في غضون ذلك، ناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر جسر تلفزيوني مع وزير خارجيته جون كيري ووزير الطاقة إرنست مونيس وباقي أعضاء الوفد الأميركي في فيينا سير المفاوضات. وقال البيت الأبيض إن "الرئيس الاميركي ناقش التقدم الحاصل في المفاوضات حتى اللحظة الراهنة وأعطى تعليمات خاصة بمحاولاتنا التوصل الى اتفاقيات جيدة بين مجموعة "5+1" وإيران تلائم مطالبنا". هذا وعاد وزراء خارجية الدول المشاركة في المفاوضات مساء الأربعاء إلى فيينا لاستئناف المفاوضات بأمل التوصل إلى تسوية تاريخية مع إيران قبل يوم الجمعة.
وصرح دبلوماسي غربي أن من الممكن التوصل إلى تسوية ليلة الجمعة "إذا حصل تقدم في المفاوضات"، لافتا الى أن "لحظة القرار باتت قريبة جدا". من جهته رأى مصدر في الوفد الإيراني أن تمديد التفاوض الى ما بعد السبت "ليس مستبعدا".
وكان، عبر الرئيس الايراني حسن روحاني مساء الاربعاء عن تفاؤله بشأن نتيجة المفاوضات النووية الجارية في فيينا بين ايران والقوى العظمى، مؤكدا ان طهران بدأت تتحضر ل"ما بعد المفاوضات". وقال روحاني قبل مغادرته الى روسيا للمشاركة الجمعة في قمة لمنظمة تعاون شنغهاي ان المحادثات مع مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، الصين، فرنسا، بريطانيا، روسيا والمانيا) "دخلت في مرحلة دقيقة وجمهورية ايران الاسلامية تتحضر لما بعد المفاوضات وبعد العقوبات"، كما نقل عنه التلفزيون الرسمي. ومنظمة تعاون شنغهاي التي تتمتع فيها ايران بصفة مراقب، تضم الصين وروسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى. واضاف الرئيس الايراني الذي سيعقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، انه من المتوقع ان تدرج المفاوضات النووية على جدول اعمال المحادثات لان بلدين من مجموعة 5+1، هما الصين وروسيا، سيشاركان في قمة اوفا على بعد 1100 كلم الى شرق موسكو. وتجري المحادثات النهائية في فيينا في جو متوتر بسبب تعقيد الملف، وتهدف الى ضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية التي تخنق هذه البلاد منذ 2006. وبعد تمديدها مرتين -الى 30 يونيو ثم الى السابع من يوليو- لا يتوقع هذه المرة تمديد المفاوضات مجددا الى ما بعد يوم الجمعة كما قال دبلوماسيون مقربون من المحادثات.