[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
حادثان إرهابيان كبيران شهدتهما مصر مؤخرا .. الأول استهدف النائب العام المستشار هشام بركات .. والثاني أكبر مخطط إرهابي يستهدف شمال سيناء نجح الجيش المصري في إحباطه .. هذان الحادثان يتطلبان من الأجهزة المعنية في مصر تغيير التدابير والخطط المعمول بها للتعامل مع العمليات الإرهابية التي تستهدف الدولة المصرية ضمن مخطط أكبر يستهدف المنطقة بأكملها.
لقد كشف حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات أن هناك تقصيرا أمنيا في تأمين مواكب كبار المسؤولين بالدولة يتطلب من وزارة الداخلية تغيير خططها وتدابيرها الاحترازية لإحباط أي مخطط مشابه خاصة وأن حادث اغتيال النائب العام لم يكن الأول من نوعه حيث سبق وأن تعرض موكب وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم لحادث مماثل كاد أن يودي بحياته .. أول التدابير المطلوب اتخاذها هو نقل كبار المسؤولين المستهدفين من جماعات الإرهاب إلى أماكن سكنية آمنة بعيدا عن المناطق المكتظة بالسكان ذات الشوارع الضيقة التي يصعب تأمينها .. وعلى سيبل المثال هناك الكثير من "الكمبواندات" في مصر والتي تتمتع بحراسة مشددة يمكن نقل المسؤولين إليها .. وأيضا مع ضرورة تغيير خط السير بشكل دوري مع القيام بعمليات تمويه وخداع تجعل من الصعب اختراق مواكب المسؤولين.
أما الحادث الثاني فهو الذي شهدته محافظة شمال سيناء الأربعاء قبل الماضي فقد كان أكبر مخطط إرهابي تشهده مصر لاحتلال أجزاء من أرض سيناء التي ارتوت بدماء الشهداء المصريين، وقد نجحت القوات المسلحة المصرية في إحباط هذا المخطط ولقنت العناصر الإرهابية درسا لن ينسوه فقتلت أغلبهم بينما فر الباقون في انتظار أن يلقوا نفس المصير .. ويمكن القول إن الضربة التي تلقتها العناصر الإرهابية في سيناء على يد جنود الجيش المصري بخرت أوهام تنظيم "داعش" الإرهابي بإعلان ولاية سيناء على الأراضي المصرية حيث أدرك هذا التنظيم أنه أمام جيش قوي غير كل الجيوش التي خاض أمامها معارك كما أدرك أنه من الصعب بل من المستحيل أن يستطيع احتلال سنتيمتر واحد من قطعة أرض في مصر خاصة سيناء.
لقد حاول تنظيم "داعش" ممارسة الحرب النفسية وسياسة التخويف والرعب مع مصر كما اعتاد لخلق حالة خوف كبيرة لدى جنود الجيوش الذين يحاربهم حيث يقوم مثلا بحرق مجموعة من الجنود أو ذبحهم .. وأيضا يغلف "داعش" أعماله الإجرامية بتغطية إعلامية لترويج هذه العمليات على أكبر قدر ممكن ليصور لجنود الجيوش أن التنظيم أقوى منهم وهذا ما حاول تنظيم "داعش" فعله في سيناء، ولكن الجيش المصري خيب آماله وأعطى هذا التنظيم درسا سيتوقف التاريخ أمامه كثيرا حيث أجبرت الضربات التي وجهها الجيش المصري العناصر الإرهابية على الهروب كما انكشفت أماكن تمركز تنظيم داعش في سيناء.
إن الجيش المصري أثبت لتنظيم "داعش" والدول الممولة له في معركته الأخيرة أنه غير كل الجيوش وأن سيناء بأكملها تحت سيطرته، وأن هذا التنظيم الداعشي أصبح عاجزا وفشل في الاستيلاء على مدينة الشيخ زويد لتكون مركزا لعملياته من أجل استهداف الجيش ومن ثم الدولة المصرية حيث أدرك تنظيم "داعش" أن المعركة مع الجيش المصري ليست سهلة، وأن الأمور في مصر تختلف تماما عن عملياته في سوريا والعراق حيث أدرك "داعش" أن مصر لن تسقط ومن الصعب احتلال أي أراضٍ فيها كما أدرك أنه ليس له مستقبل في الأراضي المصرية، ولذلك لاذت عناصره بالفرار بعد المعركة الأخيرة.
عموما لقد أكدت العملية الإرهابية الغادرة التي شهدتها سيناء وراح ضحيتها 17 قتيلا و13 مصابا من ضباط وجنود الجيش المصري أن هناك قوى خارجية ومخابرات أجنبية تسعى بكل السبل لتنفيذ مخططاتها لضرب الأمن القومي المصري عن طريق استخدام أحدث أنواع الحروب في العالم الحديث والتي يطلق عليها "الجيل الرابع" وهي الحرب المعلوماتية عن طريق بث أخبار كاذبة ومعلومات مغلوطة من شأنها إيهام الرأي العام الداخلي أن الدولة فقدت سيطرتها على أجزاء من أرضها وذلك لإرباك المشهد العام داخل الدولة وإضعاف الروح المعنوية لدى رجال الجيش والشرطة، وهذا هو ما حاول الإعلام الغربي تصويره حيث جاءت التقارير التي تم بثها عبر وسائل الإعلام الأجنبية مغايره تماما لما تشهده أرض المعركة فقالوا إن الجيش المصري فقد 70 مقاتلا في صفوفه، وإن العناصر الإرهابية استولت على معدات عسكرية مصرية وأسرت جنودا، وهو ما أدى إلى إرباك المشهد العام في البداية لدرجة أن وسائل إعلام مصرية نقلت هذه التقارير كما هي دون التأكد من صحتها.
أزعم أن الدولة المصرية أدركت واستوعبت تماما حادثي اغتيال النائب العام وموقعة أول يوليو في شمال سيناء وأنها مطالبة الآن بتغيير استراتجيتها في محاربة الإرهاب والقضاء عليه بأساليب جديدة وطرق مختلفة .. فالمعركة مع الإرهاب ليست قصيرة بل طويلة طالما أن هناك دولا تستهدف أمن واستقرار مصر.