رسالة فلسطين المحتلة ـ من رشيد هلال وعبد القادر حماد:
تصدى الطلبة الفلسطينيون المرابطون في المسجد الأقصى لمحاولة ميليشيات استيطانية لاقتحام المسجد أمس في حراسة شرطة الاحتلال ما أسفر عنه اصابة عدد من الفلسطينيين واعتقال آخرين.
واقتحم عشرات المستوطنين المتطرفين يتقدمها عضو 'الكنيست' الحاخام المتطرف 'يهودا جليك' صباح امس الخميس ، باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة، والتي اعتقلت اثنين من عمال دائرة الأوقاف الإسلامية، ومهندسًا في لجنة إعمار الأقصى.
وقال المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا ( لوطن ) إن 60 مستوطنًا اقتحموا منذ ساعات الصباح المسجد الأقصى، وتجولوا في أنحاء متفرقة من باحاته، وتلقوا شروحات حول تاريخ ومعالم الهيكل المزعوم.
وذكر أن شرطة الاحتلال اعتقلت العاملين في الأوقاف الإسلامية: رائد الزغيّر، وحسام سدر، وعلي بكيرات، حيث تم حصارهما بالقرب من باب الرحمة، واعتقالهما ووضع السلاسل الحديدية بأيديهما، ونقلهما خارج الأقصى، كما اعتقلت المهندس بسام الحلاق.

وأشار إلى أن شرطة الاحتلال اعتقلت أيضًا أربعة موظفين من لجنة الإعمار، ومن ثم أطلقت سراحهم فيما بعد، مؤكدًا أنه بالرغم من معارضة سلطات الاحتلال لأعمال صيانة خطوط المياه التالفة بالأقصى إلا أن العمال واصلوا تلك الأعمال، ويدور هناك نقاشًا محتدمًا.
وأوضح أن العشرات من طلاب مصاطب العلم وحراس الأقصى تجمعوا بالمنطقة في محاولة للدفاع عن المسجد، وتنديدًا باعتقال الموظفين.
وبين أن الوضع في الأقصى يشهد توترًا وغضبًا شديدًا في أعقاب الاقتحام واعتقال العمال، لافتًا إلى أن نحو 1200 طالب من مصاطب العلم وطلاب مدارس القدس في ظل تشديد الإجراءات على بوابات المسجد وعلى الطلاب.
ولفت إلى أن هناك تواجدًا مكثفًا لضباط الاحتلال عند منطقة الكأس، مؤكدًا في ذات الوقت أن المسجد الأقصى بات تحت دائرة الخطر الشديد، وأنه لا يمكن للاحتلال بأي حال من الأحوال التدخل بالأقصى وشؤونه.
واعتبر أبو العطا اقتحام نائب رئيس الكنيست المتطرف موشيه فيجلن للأقصى الأربعاء، ووقوفه عند سطح قبة الصخرة المشرفة بأنه جاء كنوع من التعويض عن تأجيل جلسة النقاش التي كانت مقررة بشأن ذلك.
وأكد أن هناك تسريبات إعلامية إسرائيلية حول نية الكنيست مناقشة اقتراح القانون الذي قدمه المتطرف فيجلن بشأن نقل السيادة الاحتلالية على الأقصى بدًلا من الأردنية الثلاثاء المقبل.
وشدد على أن مخططات تقسيم الأقصى ونقل السيادة ما زالت مطروحة ومدرجة على طاولة الكنيست، لذا لابد من التصدي لتلك المخططات، وأن تكون ردة الفعل العربية والإسلامية والفلسطينية أقوى بكثير، لأنه لا يجوز للاحتلال التدخل بالأقصى.
وفي سياق متصل ناشد رياض منصور مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة المجتمع الدولي بضرورة التحرك بشكل فوري لمنع الحملة الاستيطانية الإسرائيلية من تدمير جدوى وآفاق الحل القائم على دولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وحث مندوب فلسطين خلال مشاركته الليلة قبل الماضية ، في اجتماع مجلس الأمن حول " مسألة سيادة القانون ".. جميع الدول على القيام بعمل جماعي متضافر وأن تنأى باقتصاداتها ومؤسساتها عن ممارسات إسرائيل غير القانونية وتحديدا المستوطنات والإصرار على احترام سيادة القانون الذي هو السبيل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب عن قلقه إزاء استمرار التحدي الذي يواجهه قيام دولة فلسطين والمتمثل في حماية مجلس الأمن لمصالح الأقوياء دون الضعفاء.. مشيرا إلى مواصلة إسرائيل - السلطة القائمة بالاحتلال - استعمارها الأراضي الفلسطينية واستمرار ممارساتها غير القانونية وارتكابها جرائم حرب مما قوض التنمية في دولة فلسطين وإمكانية تحقيق السلام و مصداقية النظام القانوني الدولي.
وقال منصور إن حالة قضية فلسطين هي حالة غير مسبوقة لإنعدام سيادة القانون..فقد فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراراته لأكثر من 46 عاما بشأن منع استعمار الأراضي الفلسطينية ووقف المحاولات المستمرة لتغيير وضع القدس وهي مدينة ذات أهمية دولية..لافتا إلى فشل الامتثال لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة مما خلق بيئة من الإفلات من العقاب ومما يسمح لدولة بأن تواصل العمل فوق القانون".
من جانبه تطرق الأمير زيد بن رعد مندوب الأردن خلال الاجتماع إلى " مسالة إعادة تأهيل الدول الخارجة من الصراعات " ولا سيما في مجالات توفير الأمن وسرعة تعزيز نظام العدالة.
وقال إنه " عندما يتعلق الأمر ببيئات ما بعد الصراعات فإن الشرطين المسبقين الأساسيين لأي مسعى دولي لإعادة تأهيل الدول أو المناطق المدمرة هما توفير الأمن أولا و ثانيا ضمان العدالة مع الدعم الإنساني .. موضحا أن جميع الأنشطة التنموية الأخرى يمكن أن تنتظر المراحل اللاحقة ومن الأفضل تركها للأطراف الأخرى.
وشدد الأمير زيد بن رعد على حاجة المناطق الخارجة من الصراعات إلى إنشاء محاكم جنائية ومالية فعالة وعادلة.
وأشار إلى تعذر ذلك في الدول التي أنهكتها النزاعات بما لا يترك خيارا سوى إدارة المجتمع الدولي تلك المحاكم مع منظمة الأمم المتحدة وفرض نموذج قانون جنائي بناء على طلب الدولة المضيفة إلى أن تتمكن من إدارة محاكمها.
وأكد أن الأمم المتحدة ستحتاج إلى قدرات كبيرة ودعم أكبر مما لديها الآن.. و قال إنه " على الرغم من ذلك فبعد نحو إحدى 10 سنوات من أول مداولات عقدناها هنا و الجهود الهائلة المبذولة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه لتعزيز سيادة القانون .. فلا توجد لدينا إدارة لسيادة القانون أو هيكل بالحجم الذي يعكس الأهمية الحيوية لهذا الأمر ".
وفي سياق متصل حذر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين من التهديدات الإسرائيلية بمناقشة سحب الولاية الأردنية عن المسجد الأقصى المبارك، وتحويلها إلى السيادة الإسرائيلية، وذلك في خطوة استباقية لشرعنة اقتحامات اليهود للأقصى، وتطبيق مخطط التقسيم الزماني والمكاني فيه بين المسلمين واليهود فعلياً، وأكد المجلس على أن هذه التهديدات في غاية الخطورة، وتأتي ضمن سلسلة مخططات عدوانية للاستيلاء على المسجد الأقصى المبارك، وتغيير معالمه الإسلامية.
وفي السياق ذاته استنكر المجلس الاقتحامات المستمرة والمتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، التي كان من آخرها اقتحام ما يسمى بوزير الإسكان الإسرائيلي لباحات المسجد، عبر باب المغاربة، وسط حراسة شرطية مشددة، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الاقتحامات والإجراءات العدوانية، سيما وأنها تأتي من مسؤولين رسميين في الحكومة الإسرائيلية، في الوقت الذي يُشن فيه التحريض علناً على أعمال الصيانة والترميم في المسجد الأقصى، وبين المجلس أن هذه الاقتحامات والاعتداءات تأتي استمراراً لنهج سلطات الاحتلال بتهويد المدينة المقدسة، وفرض الأمر الواقع على الأرض، داعياً الأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع إلى التدخل الفوري والسريع لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك من الأخطار الحقيقية المحدقة به.
جاء ذلك خلال جلسة المجلس الرابعة عشرة بعد المائة، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وحضور أعضاء المجلس، والتي تخللها مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها.