كوالالمبور ـ "الوطن":
أوصى المشاركون في المؤتمر العالمي حول الدور الحضاري لعمان في وحدة الأمة المقام بماليزيا بتشكيل لجنة من كبار العلماء المسلمين للتقريب بين الفرق والمذاهب الإسلامية تحت اشراف المعهد العالمي لوحدة المسلمين بالجامعة الاسلامية العالمية بماليزيا.
كما أوصى بإنشاء كرسيين للسلطان قابوس بماليزيا الأول يعنى بالدراسات اللغوية والثاني يعنى بالوسطية والوحدة.
وإقامة متحف إسلامي دائم في عمان يجسد تاريخ التواصل الحضاري وقيم التعايش العماني إضافة إلى إقامة لقاءات وندوات في الوسائل الإعلامية المتعددة على هامش المؤتمر في المرات القادمة والحرص على الاهتمام بزيادة الإنتاج الفكري العماني كونه المتحدث بلسان تاريخ ونهضة عمان وتعزيز المناهج الدراسية بمواضيع الوحدة بين المسلمين.
كما اوصى المشاركون بضرورة التوعية في المجتمعات الإسلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة و غرس مفهوم الوحدة الإسلامية بين أبناء المسلمين وجعل المؤتمر سنويا ليشمل جوانب متعددة مختلفة في كل مرة واختيار عدد من الباحثين لإخراج كتاب موسع حول موضوع (الدور العماني في الوحدة الإسلامية) وتوسيع آفاق التعاون بين عمان و الجامعة الإسلامية العالمية، من خلال تبادل زيارات العلماء والباحثين ودعوة السلطنة إلى تشجيع الحركة الفكرية الداعية إلى وحدة الأمة ونبذ الخلاف المذهبي والتعصب المقيت، من خلال فتح مراكز بحث أو تأسيس مجلات متخصصة واقامة منتدى فكري فصلي حول الوسطية والوحدة وفتح تخصص بالجامعة الاسلامية يعنى بالوحدة الاسلامية وعولمة التسامح الفكري وتوفير منح دراسية عليا بالجامعة الاسلامية العالمية بماليزيا في مجال دراسات الوحدة وطبع البحوث المقدمة وتوزيعها وخاصة على الباحثين المعدين لها.
ويعقد اليوم الجمعة على هامش المؤتمر منتدى الوسطية بحضور شخصيات علمية بارزة ذات عمق فكري ولها تأثير في محيطها من أمثال سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام بمكتب الإفتاء والدكتور وليد فكري خالص مدير المعهد العالمي لوحدة المسلمين.
يهدف المنتدى إلى طرح ودراسة معوقات الوحدة والوقوف على نقاط الاتفاق والتأكيد عليها كمنصة للانطلاق نحو حل نقاط الخلاف كما يدعو المنتدى إلى التأكيد على الثوابت التي أمر بها الإسلام واتفق عليها المسلمون على مختلف مذاهبهم وأيضا يهدف إلى إيجاد رؤية وخارطة طريق لوحدة الأمة.
وحفل المؤتمر بتقديم 28 بحثا ابرزها (الحياة الاجتماعية في عمان في كتابات الرحالة البريطانيين في النصف الأول من القرن التاسع عشر) للباحث الدكتور جمال هاشم أحمد الذويب رئيس قسم التاريخ-كلية التربية للعلوم الإنسانية-جامعة الأنبار-العراق ورئيس تحرير مجلة جامعة الأنبار للعلوم الإنسانية.
حيث ذكر بأن عمان حظيت بأهمية كبيرة من الرحالة الأجانب منذ العصور القديمة ويعود ذلك إلى موقعها الاستراتيجي المطل على ثلاثة بحار وأهميتها الاقتصادية ودورها التجاري، وأهميتها السياسية كونها دولة مستقلة قوية في منطقة الخليج العربي شكلت امتدادات ثقافية واجتماعية وسياسية في جنوبي شرق آسيا والساحل الشرقي لأفريقيا.
كما تناول هذا البحث بالدراسة أبرز ما تناوله الرحالة البريطانيون عن الحياة الاجتماعية في عمان من مختلف جوانبها ووصفهم للمواطن العماني وتقييمهم له،معتمدا على المصادر الأصلية التي وضعها الرحالة باللغة الانجليزية ونشرت بالقرن التاسع عشر،مستخدما الأسلوب الوصفي التحليلي.ونظرا لغزارة المعلومات التي أوردها الرحالة فقد اكتفيت بالنصف الأول من القرن التاسع عشر الذي شهد تدفق العديد من الرحالة من ابرزهم المقيم البريطاني جون مالكولم John Malcolm ،وجيمس بكنجهام James Silk Buckingham ،وجيمس فريزر James Fraser ،وجيمس ولستيد James Wellsted .. وغيرهم.
ودراسة عن (الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية لعمان في كتب الرحالة الأوربيون في القرن التاسع عشر الميلادي، (جيمس ولستد) انموذجاً، لنجية بنت محمد السيابية التي اشارت في بحثها الى أن ادب الرحلات حظي باهتمام كبير، وسعى الكثير من الرحالة الأجانب الذين زاروا عمان لتدوين مشاهداتهم وآرائهم وانطباعاتهم عن عمان بكل دقة في كتاباتهم. فما كتب في تلك المؤلفات يحتاج إلى دراسة مستفيضة لنخرج بنظرة الأجانب عن جوانب مختلفة لعمان.
وسعت هذه الدراسة إلى معرفة المواقف التي اتخذها هؤلاء الرحالة تجاه الأوضاع السائدة في عمان خلال هذه الفترة من التاريخ.
وهدفت كذلك إلى توضيح الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية التي تناولها الرحالة ولستد في كتابه وتحليل المادة العلمية التي اشتملت عليها كتابات ولستد.
واعتمدت الدراسة على كتاب ولستد (تاريخ عمان .. رحلة في شبة الجزيرة العربية) بالإضافة إلى عدد من المصادر والمراجع ذات الصلة بهذا الموضوع.
وقدم الباحث زاهر العلوي ورقة بعنوان: (دور الجمعيات الخيرية في تعزيز مفهوم الوحدة : جمعية الاستقامة الخيرية الإسلامية العالمية نموذجا) تطرق من خلالها الى إن للجمعيات الخيرية دور بارز في توطيد العلاقة بين أفراد الشعب الواحد من جهة وبين الشعوب الأخرى من جهة أخرى من خلال بث روح التعاون في المجتمع وإبراز أهمية التكاتف والتكافل بين أطياف الشعوب والوقوف مع المجتمعات في أزماتها إلى جانب مساهمتها في جمع شمل أفراد المجتمعات باختلاف أطيافها وأماكنها تحت شعار الوحدة والتوحيد وهو (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله).
وقد جسدت جمعية الاستقامة الخيرية العالمية هذا المفهوم من خلال بناء المعاهد والمدارس والمساجد والمراكز الصحية وكفالة الأيتام ومساعدة المحتاجين في مختلف بقاع العالم وخاصة في شرق أفريقيا، مما كان لها الدور البارز في تقوية أواصر الوحدة بين أطياف الشعوب وبث روح التعاون.
وقدم سليمان بن عمير المحذوري من جامعة العلوم الاسلامية بماليزيا ورقة بعنوان: (دور التجار العُمانيين في توصيل الدعوة الإسلامية إلى شرق وأواسط افريقيا:الشيخ أحمد بن ابراهيم العامري نموذجاً) بين فيها ان جذور العلاقات العُمانية الإفريقية تمتد إلى آلاف السنين وقد نجم عن تلك الصلات هجرات عُمانية متتالية إلى شرق أفريقيا.
وقد أسهم العُمانيون إلى جانب المهاجرين المسلمين من حضرموت وشيراز والإحساء والهند بدور تاريخي وحضاري أساسي في تكوين المجتمع الإسلامي في شرق إفريقيا.
وقدمت سلطانة ملاح الرويلي (ملامحُ الحياة التجاريّة لإقليم عُمان من خلال كتب الجغرافيّين العرب والمسلمين حتى القرن الخامس الهجري)، بينت من خلالها ان عُمان احتلَّت ـ الإقليم القديم بحسب تقسيم الجغرافيين الأوائل ـ مكانة تجارية متميّزة منذ عصور قديمة سابقة على دخول الإسلام استمدَّتها من موقعها الجغرافيّ المتميَّز في جنوب شبه الجزيرة العربية بإطلالةٍ على البحر الهنديّ ونشأت فيها مع الزمن حواضر تجاريّة على امتداد الساحل ذات موانئ ـ مثل: ميناء صحار ومسقط وقلهات وقريات وغيرها ـ تعجّ بالبضائع المنقولة من الخليج العربي والسلع القادمة من الصين والهند، وتنتقل منها إلى معظم أقاليم الدولة الإسلامية كما شكلت مركزاً متميزاً للملاحة وملتقى لطرق القوافل ومصدراً لرزق ومعايش العُمانيين الأوائل: تُجَّاراً أو عُمَّالاً أو مساعدين في الإجراءات المتعلقة بنقل البضائع وتحميلها .
وعن (دور أهل عمان التجاري وأثرهم الحضاري في العصر الإسلامي الوسيط) الذي قدمه الدكتور عبد السلام محمد الصباري أستاذ التاريخ الإسلامي وحضارته المساعد قسم التاريخ – كلية الآداب – جامعة إب – اليمنية جاء فيه، عرف عن أهل عمان حذقهم ومهارتهم في ركوب البحر والتجارة البحرية وكانوا من اخبر الناس بالبحار المعروفة آنذاك، وأعلمهم بالأنواء ومهاب الرياح والمد والجزر وقد حتم عليهم موقعهم الجغرافي المتميز وحفزهم على ذلك ،علاوة على ارث خبرات أجدادهم من قبائل الأزد اليمنية ،فاتسعت صلات أهل عمان التاريخية والحضارية لتكون علاقات متنوعة مع شعوب عديدة قريبة وبعيدة متجاوزة لحدود الجغرافيا العمانية.
وقدم سالم بن عامر الحوقاني من جامعة السلطان قابوس بحثا بعنوان (دور ميناء مدينة ظَفَار العُمَانية الاقتصادي في المحيط الهندي خلال القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين) القى الضــوء على دور ميناء مدينة ظَفَار العُمَانية في القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، والتعــرف على أنشطته الاقتصادية والحضارية، وعلاقتها الدولية في ذلك الوقت.
اما ورقة (المخطوطات العمانية شاهدٌ على وحدة الأمة) قدمها سلطان بن مبارك الشيباني أشار فيها الى ان للأمة الإسلامية مقومات كثيرة تؤكد وحدة صفها ومتانة بنيانها ولهذه الوحدة عوامل كثيرة من أهمها تراثها الخالد الذي كان وما زال جزءا لا يتجزأ من نهضتها العملية في شتى الميادين ويقف التراث المخطوط شاهدا على أصالة مؤلفيه وحرصهم على الانفتاح على أبواب المعرفة أيا كانت وجهتها.