اعداد ـ هلال اللواتي:
استنطاق القرآن الكريم في معرفة الأصل الأولي المعتمد:
ولإثبات هذه الحقيقة وهي "أصالة الرحمة" في منهج الأنبياء والرسل فلنستنطق القرآن الكريم، وفي سياق الاستنطاق سنقسم الآيات القرآنية إلى أربعة أقسام أساسية، وهي:
القسم الأول: المنهج الدستوري الذي تأسس عليه القرآن الكريم وبقية الكتب السماوية، فإن هناك مبادئ بقوة الأحكام الدستورية في القرآن الكريم، وهي مؤسسة من قبل الله تعالى، والتي عليها صبغة "كتب ربكم على نفسه"، وهي ثابتة، ولا تعرف في عالمها "الخُلف" أو "التخلف".
القسم الثاني: ماهية "الرسالة" التي سلمت إلى "الرسول" وعلى ما بعث النبي.
وفي هذا القسم نجد أن ما ستكون عليه ماهية الرسالة، وعلى ما سيبعث عليه الرسول الإلهي سوف لن يحيد عن ذلك المبدئ الدستوري الأزلي الثابت.
القسم الثالث: تكوين شخصية النبي والرسول؛ وهذا سيجرنا الى البحث في القسم الرابع إن شاء الله تعالى.
فإن تكوين شخصية "النبي" أو "الرسول" ينبغي أن تكون وفق متطلبات المنهج الدستوري الأزلي الثابت، ولا يحيد عنه قيد أنملة، وإلا لوقع ما يمكن أن يطلع عليه بــ"الخلف".
القسم الرابع: تكوين شخصية أهل الدعوة والتبليغ وأتباع الرسالات السماوية وأصحاب خلفاء الله تعالى.

القسم الأول: آيات المنهج الدستوري الذي تأسس عليه القرآن الكريم وبقية الكتب السماوية.
إن الكتب السماوية لا يمكنها أن تكون في طرف وإرادة الله تعالى في طرف آخر، فهو أمر محال، والكتب السماوية تحكي عن الله تعالى، وتبين إرادته سبحانه، وتظهر جلاله وجماله، وإليك بعض هذه النماذج التي جاء ذكرها في القرآن الكريم: توراة النبي موسى عليه السلام: قال تعالى :" ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ "{الأنعام/154}.
إنجيل النبي عيسى عليه السلام: قال تعالى : " وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ " {الزخرف/63}
قرآن النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه المنتجبين: وقال تعالى مخاطباً لنبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه المنتجبين:" قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "{الأعراف/203}.
القسم الثاني: آيات في ماهية "الرسالة" التي سلمت إلى "الرسول" وعلى ما بعث "النبي"، فهنا سيتبين أن الرسالة السماوية لا تحوي سوى الرحمة ومظاهرها، وإذا كان هناك ما يحمل من لغة الشدة، بحيث قد تفهم وتفسر بالتهديد؛ فهذا ليس إلا بيانٌ لواقع حال الفعل، ونتيجة العمل، حسبما النظام الأحسن عليه.
قال تعالى في قصة النبي نوح عليه السلام: " قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ "{هود/28}، وقال تعالى:" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ {الدخان/3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ {الدخان/4} أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ {الدخان/5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " {الدخان/6}.