[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
مفردة الصراع اصبحت مرتبطة في عالمنا العربي الان بالقتال والقصف وسيول من الدماء، وينتج عن كل ذلك التشرد والترحال ما يتسبب بفقدان اشياء عينية كثيرة واخرى معنوية وفي جميع الاحوال فإن الخسائر المنظورة وغير المنظورة كثيرة وكبيرة، والنتائج مؤلمة في جميع تفاصيلها، لأن الصراع الدموي لن يترك أرضا خضراء إلا وعصف فيها ويصيب كل شيء، لا يترك شاردة ولا واردة إلا وترك ندبة سوداء وندب اخرى تتدرج الوانها بين القاتم والمعتم والاسود الكالح.
التحذيرات كثيرة عن حياة الأطفال في زمن الصراعات، وعندما تنشب الحروب فإن أكثر الفئات تضررا هم الاطفال، وقبل الحديث عن تأثيرات الصراعات الدامية على تعليم الاطفال، فإن تنقل العوائل وهروبها من مكان إلى اخر يترك اثارا سلبية كثيرة في نفوس الصغار، أولها الصعاب والاضطراب والمتاعب الجمة التي تصاحب تلك التنقلات وحالات التشرد، ثم إن الصغار أكثر من غيرهم يستقبلون سيولا من اشارات القلق وعلامات الخوف التي ترتسم على وجوه الكبار، أما حالات الهلع التي تجتاح الكبار ويضطر البعض للصراخ ونسوة تجهش بالبكاء وهناك من يتحشرج صوته بسبب الخوف من القتل والدماء، وحتى قسمات الوجه وملامح القلق تترك اثارا سلبية كبيرة في دواخل ونفوس الصغار والأطفال، وما إن تضطر العائلة للهرب فإن الصغار يفكرون بألعابهم وحاجياتهم، لهذا يتشدقون بها ويتمسكون بكل ما يستطيعون اخذه، ويصابون بالصدمة عندما يشعرون أن الاهل لا يأبهون لكل ما يريدون، ثم يدركون في مرحلة لاحقة أنهم قد استغرقوا في عوالم طفولية بريئة لا تعير اهمية للقنابل والصواريخ والانفجارات. في مرحلة لاحقة يبدأ الأهل بالتفكير بموضوع تعليم الأطفال في مناطق الصراع، وتتوزع الاهتمامات حسب الظروف والامكانات المتاحة، فالبعض يتردد في التفكير بالأمر برمته، خاصة عندما يجد صعوبات بالغة في توفير مستلزمات التعليم لأطفاله في ظروف صعبة جدا، واخرون يتحملون هواجس الخوف ومخاطر الطرقات ويصرون على ذهاب الأولاد إلى المدارس، لكن ظروف الانتظار اليومي تأخذ من الاهل الكثير.
ألم يعتصر قلوب الآباء والأمهات وهم يشاهدون الأبناء وقد اضطروا للانقطاع عن التعليم، وليس ثمة قدرة للعائلة لدرء خطر الابتعاد عن المدارس، وبينما تتقدم الأعوام ويكبر الصغار يبقى هؤلاء بعيدا عن التعليم والمعرفة.
أكثر ما يحز في نفوس العوائل أن الصراع الدامي في مناطقهم وبلدانهم لم يقتصر على فترة زمنية محدودة، لكي يزرعوا أملا قريبا، بل يتجاوز ذلك الفترات الزمنية ليتواصل لأشهر وسنوات، وبين هذه اللحظة وتلك السنوات العجاف يتواصل الضغط على جيل كامل ليبقى ضائعا بين تعليم ضعيف واخر متهرئ وثالث لا يجد شيئا من التعليم.
اطفال وتعليم وصراع دموي طويل وغبار متواصل ودمار .