[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
تستغرقنا كثيرا في وسائل الإعلام موضوعة الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنون في عدد من بلدان العالم، بل نحفظ أحيانا عن ظهر قلب بعض نصوص إعلانات وبروتوكولات ومعاهدات تتضمن حقوق مواطنين، أفرادا وجماعات، ونذهب بعيدا في موضوعة الأعباء المعاشية التي يتحملها المواطنون، وضرورة أن تكون هناك إجراءات معينة لتحقيق تلك الأعباء.
والحال لا ضير في ذلك إذا كانت الأجندة المعتمدة في رصد الانتهاكات بدون محركات سياسية ذات أهداف تتعلق في النيل من أمن البلدان، وبدون أن يكون ذلك مصدرا للفوضى والانفلات المغذي لنزعات الكره والأحقاد والضغائن والدخول في متوالية السياسات الإرضائية التي تتحول مع الوقت إلى نوع من إدمان (التطبيب) الاقتصادي بالمسكنات، وإزاء ذلك تصبح المعادلة الحياتية المنصفة التي تأخذ بنظر الاعتبار حقوق الطرفين، المواطن والدولة مفقودة.
إن للدولة أيضا حقوقها التي لا يجوز بأي حال من الأحوال التفريط بها وهي تتعرض للانتهاك في بعض الأحيان دون أن ننتبه لها مما يستوجب تكييف أولوياتنا على أساس الحقوق المتقابلة.
ما أقوله هنا ليس افتراضا ضمن احتمالية الواقع، وإنما هو حالات تتكرر في واقعنا من دون أن نتصدى لها.
إن المطلبية المفتوحة والمتراكمة تضع البلد، أي بلد، أمام انكسارات اقتصادية خاصة إذا ارتبطت بمطالب استهلاكية ضمن حاجات لا تمثل ضرورة قصوى أو تصبح حاجات زائدة فعلا إذا كان اقتصاد البلد يعاني هبوطا في معدلات النمو.
لا شك أن المسؤولية في انتهاكات من هذا النوع تتباين من مواطن إلى آخر بقدر ما يمتلك المواطنون من حس تشاركي وإمكانات اقتصادية تؤهلهم لدعم اقتصادات بلداتهم، ولكن من الحاسم أن يكون الجميع أمام صيانة حقوق الدولة في خط شروع واحد عندما تتهددها الأخطار الجسيمة، وحسبي أن تصويت اليونانيين في رفض شروط الدائنين هو في حقيقة القرار انتصار لحقوق الدولة اليونانية مع معرفتهم أن تصويتهم سيضعهم أمام تحديات صعبة تترتب عليها شد الأحزمة على البطون والتخلي عن الكثير من الحقوق اليومية.
ومن الإنصاف القول إن هذا الموقف للأغلبية من اليونانيين قد جسدا أصدق أنواع الالتزام بالأعراف والمعايير ذات الصلة بعوامل وحدة المجتمع ومتطلبات التماسك تجسيد للشرط المعروف (أن الأخطار ينبغي أن توحد المجتمع). والسؤال: أين هذا أصلا من الذي يجري في العراق لمعالجة الأزمة المالية التي ضربت البلاد نتيجة انخفاض أسعار النفط، فعلى عهدة خبير اقتصادي أسر لي أن الأمر لا يحتاج إلى طرق أبواب صندوق النقد الدولي والدخول معه في صفقة ديون، بل يحتاج إلى إعادة نظر جدية ومخلصة تقطع الطريق على حالة النزيف المالي المتواصل المتمثل بالإنفاق العام، وفي استهلاكات العراقيين اليومية مع ملاحظة أن الرواتب والمكافآت والضمانات المالية الكبيرة الممنوحة للموظفين السياسيين غير مسبوقة في الرئاسات الثلاثة وطاقم الوزراء والنواب والعسكريين أصحاب الرتب العالية والأكاديميين الجامعيين وموظفي بعض الوزارات الخدمية حيث استسهل جميعهم تلك المرتبات الكبيرة التي يتقاضونها من دون أن يضعوا أمامهم أنهم مسؤولون عن حماية المال العام.
إن حجم الإنفاق الحكومي في العراق على المرتبات يصل إلى تسعة مليارات دولار سنويا في حين يمكن إعادة النظر بها لما يقلصها إلى ستة مليارات دولار، وبالمقابل لا يتعدى حجم الإنفاق على إعانات الرعاية الاجتماعية مليار دولار فقط، وأجزم أننا أمام صورة انفاقية ليس فيها أي مجال (للضريبة الأخلاقية) تلك الضريبة لا يستقيم وضع الدولة إلا باعتمادها.
إن قيم النخوة والغيرة والأثرة الحسنة والمبادرة الطيبة تبقى عناوين للنفاق الاجتماعي العام إذا لم تتم هيكلة المجتمع العراقي عموما ضمن أجواء هذه الضريبة غير المعترف بها في التشريعات العراقية حتى الآن.