[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
غالبا ما يرتبط اقتحام آفة التدخين بكل ما تعنيه من خطورة وعبث حقيقي في المدارس بمختلف مراحل التعليم، ورغم خطورة ذلك وتسببه بدخول أعداد كبيرة جدا من المراهقين والصبية حلبة التصارع مع آفة التدخين، إلا أن خطوات عملية واضحة لم يتم اتخاذها لمنع هذه الآفة من السريان بخفاء وهدوء ووحشية أيضا، ومناسبة الحديث عن هذه الثنائية التي قد تكون متلازمة بصورة أو بأخرى ومتناقضة في جوهرها بصورة حادة، ما يتم التباحث بشأنه بخصوص التدخين والتعليم، واستنادا إلى دراسة أميركية توصلت إلى أن نقص التعليم يمكن أن يوازي خطورة التدخين من حيث احتمال إنقاص عشر سنوات من عمر الشخص. وقال باحثون بجامعة كولورادو إن مغادرة التلاميذ المدرسة بدون الحصول شهادة الثانوية العامة، أو شهادة جامعية، يجعل الناس عرضة لخطر ضعف التغذية مدى الحياة، وساعات طويلة من العمل اليدوي، وتدهور الصحة النفسية. ورغم أن الدراسة لم تربط بين هذه الثنائية من حيث العدوى وكون التعليم في كثير من البلدان والمجتمعات قد أصبح البيئة الأكثر فاعلية وتفاعلية لانتشار التدخين، وأكثر من ذلك لانتشار ما هو أخطر من التدخين ونقصد به المخدرات التي لم يقتصر انتشارها في المجتمعات الغربية والشرقية وإنما دهم مجتمعاتنا العربية أيضا وبمؤشر ينذر بالخطر، ومن الملاحظ أن الفشل في التعليم أو ضعف التلميذ في الاستيعاب ومسايرة زملائه في الحصص الدراسية قد يشعره بنقص ما، هذا النقص يزداد تأثيرا كلما شعر الطالب بتفوق الآخرين عليه من زملاء حصته وأبناء المنطقة التي يقطن، ولأن التفوق في التعليم علامة على التميز والذكاء التي تعزز من ثقة المرء بنفسه، فإنها في الوقت عينه وفي حال كانت عكس ذلك أي تراجع في الذكاء وتخلف عن الآخرين، فإنها تذكي عند الأطفال والمراهقين الشعور بالنقص الذي يحتاج من وجهة نظرهم التي قد تتحول إلى قناعات إلى معادل اجتماعي يبرز قدراتهم على مجاراة الكبار والتشبه بهم، وبدلا من الاقتداء بأب وأم باحثين ومتميزين في حقول المعرفة، فإن عادة التدخين وأخواتها السيئة تطفر أمام الصبي والصبية ليكون ذلك ما يقتدون به.
لهذا فإن خطورة التدخين قد تتأتى بسبب تراجع التعليم، ورغم أنني لم أطلع على دراسات تفصيلية في هذا المجال، لكن أعتقد أن المتفوقين في دراستهم نادرا ما ينخرطون في عالم آفات التدخين وغيرها، وأن النسبة الكبرى للمدخنين في عمر الشباب والمراهقة وما قبلها أيضا، هم من الفاشلين دراسيا أو على أقل تقدير من أولئك الذين يشعرون بأنهم أقل قدرة في التعليم من زملاء آخرين لهم.
وليس من الواضح في حال حصل توجه لدى حكوماتنا العربية أو بعض وزارات التربية لدراسة الكيفية التي يمكن من خلالها فك الاشتباك والارتباط بين التعليم والتدخين، سواء بوضع خطط للارتقاء بغالبية الطلبة أو فصل المستويات المتقدمة والمتوسطة عن تلك الضعيفة، وربما التعرف على الذين قد يسقطون في أحابيل غيرهم ويمكن أن يستسلموا بسهولة لغزوات المدخنين المراهقين ويلتحقون بصفوف قطعاتهم التي تذهب بهم لسنوات طويلة في حقول الألغام والأمراض وتبذير الأموال.