[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قد لا يتقدم الجيش العربي السوري إلى يبرود أكثر مما سيفعل من ضرب حصار شامل عليها يشبه الطوق تماما .. هذا الشكل من الإنجاز العسكري له أهميته في حسابات القيادة التي لا تريد معركة طالما أن الشكل المنوي تنفيذه يحقق المصلحة الوطنية ويجعل من وجود المسلحين الإرهابيين في البلدة تلك وجودا مستحيلا على المدى الطويل إما بالاستسلام أو بالانتحار، أو بطلب المفاوضة على تسليم السلاح كما تم في المعضمية وبرزة وفي بابيلا وقريبا في الزبداني ومضايا.
لكن العين في هذه الأيام ترمق من بعيد حدثا يقترب، تسمع همساته عن قرب بوسائل خاصة تملكها الجيوش المحترفة عادة .. إذ ثمة كلام عن سيناريو يتم تركيبه في منطقة درعا هدفه الهجوم على دمشق وإغراق حوران الفسيفسائية لأول مرة بمشاركة إجبارية في هكذا معركة. تقول المعلومات إنه يتم حشد آلاف من المقاتلين المحترفين الذين تم تدريبهم في الأردن، وإن طائرات عسكرية أميركية هبطت قبل مدة في مطار المفرق وبحوزتها أسلحة حديثة من كل الأنواع باستثناء أنواع متطورة حرص الأميركي على عدم تسليمها خوفا من أن تقع بيد القوى التكفيرية. كما تم استحداث مطارات صغيرة تستعمل فيها طائرات بدون طيار هدفها اتصالات وتعطيل .. تضيف المعلومات أن الهجوم قد يبدأ في أي وقت، ويعتقد أن الهدف منه اختراق جبهة العاصمة السورية ثم فك الطوق عن يبرود ومنطقة القلمون عموما، وتبدي مصادر خوفها من توريط منطقة السويداء وكذلك منطقة حوران التي لم تشارك بعد في الحرب الدائرة على سوريا، وهي منطقة مكونة من طوائف عديدة ..
لدى القيادة السورية كل المعلومات عن العملية التي يتم التحشيد لها والتي من المؤكد رعاية الولايات المتحدة لها إضافة إلى سيطرة لوجستية من قبل الجيش الإسرائيلي الذي يتحكم من خلال مراكزه المشرفة على دمشق بعملية التحريك المطلوبة، دون أن ننسى أن هذه العملية فيما لو تمت، فقد تكون آخر العمليات التي يشارك فيها مباشرة دولة إقليمية فاعلة في الأحداث السورية التي يقال إن تغييرا في المسؤوليات عن الحرب على سوريا قد حصل.
فيما لو حصلت العملية المشار إليها، فمن المؤكد أنه تقرر تدميرها في أرضها، بمعنى أن تقبر حيث أول تحركاتها إذ من المعلوم أن القوى الضاربة للجيش السوري ولحزب الله قد باتت جاهزة لرد الهجوم بكل أشكاله، وأن هنالك أوامر بقتل أكبر عدد ممكن من المهاجمين. بل يجب ألا يمر الهجوم تحت أي ظرف كان، بل هنالك اعتقاد سائد أن الأزمة السورية التي بدأت من درعا قد تنتهي فيها ومن خلال هذه العملية بالذات، بمعنى أن يتم إقفال الأزمة تماما، هذا إذا أحسنا الظن، ولكي لا نكون مسرفين في التفاؤل، فالأزمة السورية طويلة وعميقة ومتشعبة، لن تقفلها عمليات عسكرية بقدر ما يقفلها نتاج اتفاق سياسي لا بد من حصوله اليوم أو غدا أو في أي وقت آخر، لكن عملية درعا قد يكون لها تأثير كبير في مسار الأزمة كلها إذا عرفنا معناها وتركيبتها في اللوحة الكاملة لسوريا.
هكذا تبدو الصورة شبه النهائية لمآلات الحرب على سوريا والتي يعتقد الطرف الممول والداعم فيها أنه يلعب أوراقه الخاسرة ولا بد من التجريب في الورقة التي قد تكون آخر الأوراق، والآخر بالطبع هو الأصعب دائما. ليست مغالاة في التفاؤل، لكن واقع الميدان بما تفرضه على السياسة تؤشر إلى موعد قريب يعتقد سياسي بارز أن ساعة الحلول قد أزفت.