[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يتوقف الكثيرون هذه الأيام عند أخبار ومعلومات تتحدث عن جدران يتم التخطيط أو المباشرة بتشييدها لفصل بلد عربي عن اخر، وقبل ما يقرب من عشر سنوات بدأت ثاني مرحلة من بناء الجدران في وطننا العربي، وقبل أن نتحدث عن جدران الحقبة الحالية، وهي الرابعة في تاريخنا الحديث، لابد من التذكير بالحقبة الأولى التي اهملها العرب ولم يتوقفوا عندها ابدا ولم يناقشوها ولم يستخدموا علاقاتهم في المجتمع الدولي ولا حضورهم في المنظمات الدولية ولا أي دور لأموال العرب التي لا تعد ولا تحصى على الاقل بعد ثورة اسعار النفط في سبعينات القرن الماضي، تلك الحقبة التي سمعنا للمرة الاولى فيها ببناء جدران على أرضنا العربية والتزم الجميع الصمت كانت في أرض فلسطين، عندما شرع الإسرائيليون بتشييد تلك الجدران والهدف منها التضييق على أهل الأرض من ابناء فلسطين وزرع اليأس في دواخلهم وتعزيز مشاريع الاستطيان وابعاد اهل الأرض الشرعيين عن بيوتهم ومناطقهم وتاريخهم القريب والبعيد.
وقد يستغرب البعض عندما نتوقف عند الحقبة الثانية من تشييد جدران الفصل في منطقتنا العربية، وقد التزم العرب الصمت حيال تلك الجريمة ايضا، عندما شرعت قوات الغزو الأميركية في عام 2006 بتشييد جدران داخل بغداد التاريخ والحضارة، وللأسف الشديد استقبل العرب تلك الأخبار بكل برود وبدون اكتراث ، واستمعوا لما يقوله الغزاة على أرض العراق دون أن يستمعوا ولو مرة واحدة لأصوات العراق الصادقة التي بُحت وهي تحذر من خطورة التأسيس الخطير لثقافة جدران الفصل في بغداد التي شملت غالبية احياءها، واصبحت مشاهد الكتل الخرسانية المقيتة طاغية في حياة أهل بغداد، وبغرض حماية نفر من اعوان وادوات الغزاة ولكي تتوفر الحماية لجنود أميركا ومن يساعدها ضد المقاومين العراقيين، فقد تواصل تشييد الجدران في بغداد، ولم يعترض احد من مشارق الامة ومغاربها، ولم يدققوا طويلا في الهدف البعييد لتشييد ثقافة الجدران في بغداد وما هي المرامي البعيدة لمثل هذا النوع من الثقافة الغريب والمثير للتساؤل.
في الحقبة الثالثة من ثقافة الجدران تلك، التي شرعت فيها حكومات بغداد وحرصت على تشييد السواتر الترابية بين بعض المدن والمحافظات العراقية، لتكرس سياساتها الرامية لتمزيق البنية المجتمعية العراقية وتحقيق ما يريده المحتلون وما أسسوا له من ثقافات تخدم اهدافهم.
في الحقبة الرابعة من ثقافة تشييد الجدران نتوقف اليوم امام توسع في هذه الثقافة التي بدأت من فلسطين على أيدي الاسرائيليين وبعد ذلك نقلها الأميركيون واعوانهم إلى احياء بغداد، لتصل الان إلى جدران بين تونس والمغرب ومثل ذلك مع الجزائر وليبيا وقبل ذلك بين العراق والمملكة العربية السعودية.
وطالما أن ثقافة الاسيجة والسواتر الترابية والخنادق العازلة قد سارت بهذه الخطوات فأن المقبل قد يحمل ما هو اسوء واخطر على صعيد ثقافة اسسها الإسرائيليون ودعمها الأميركيون ويكمل مشوارها العرب.