ابتسامات مزيفة
بخنجره يتمشى لأول مرة في الطابق السفلي. أخرج سبعة نواجذهم أمامه من خلف مكاتبهم. قال بتعالي " كل شيء ممتاز؟! هزوا رؤوسهم مؤيدين. ولكن بمجرد أن منحهم ظهره نظروا لبعض وفاح السباب. من بعيد وصلت ضحكته الرنانة. أعادت صفة الاسنان بالظهور من جديد والعيون بالاستقامة.
ثلاثة في ثلاثة في العيد
شاهدتهم قبل يوم العيد ثلاثة يحزنون: البخيل والمريض والفقير. عرفتهم بعد العيد ثلاث يسعدون: الأطفال والعائدون إلى الأهل وأكلة اللحوم!
برتقالتين على قارعة الطريق
سقطت برتقالتين من عربتها. ذهبت كل واحد باتجاه. لم تجد من يُعينها على تجميعهما. كانت نهايتهما السرقة من الفئران الجائعة. هكذا قارئة الفنجان أوشت لها عن مغزى الخيوط المتقاطعة في قهوتها. هزت رأسها وتمنت لو يعود بها الزمان، وتحتفظ بالبرتقالتين في يديها.
روح القانون
قصد مزاولة تقريع الموظفين لأي خطأ حتى لو كان غير مقصود. رُفعت ضده الاكف بالدعاء لعله يخرس. لم يصبه مكروه طوال سبع سنوات. زادت حدة النار في قلوب الصف الثاني من الموظفين السامعين عن طغيانه. كان يتباهى بأنه الوحيد الذي أصبح مشهورا بالصرامة في المؤسسة ويطبق حذافير روح القانون. زادت عدد أسهمه التي ارتفعت في صفوف المبغضين. وأغور بدوره في التنكيل والوعيد ورفع التقارير للمسؤول الأول، فجاءت الترقية سريعا للإخلاص والتفاني في العمل. طارت أوراق الاستقالات من تحت يده لعدد من الموظفين الكفاءات والذين يعنيهم الإنتاجية وليس التمسح بالأحذية والجلوس في المكاتب لشرب الشاي. سعُد بهروبهم كما يسميه، وتحليقهم لأماكن أخرى يعملون فيها بروح الفريق الواحد كما هم ظلوا ينادون به. آخر استقالة من موظفيه كتب تقريرها -كان مترددا فيها للمرة الأولى ومع ذلك وقعها- هي للمراسل الوحيد في الدائرة الذي قاوم... وقاوم... وقاوم، ولكنه سقط أخيرا. فراغ قِسم هذا المدير لمدة أشهر دون أن يؤثر ذلك في سير عمل المؤسسة، جعل من المسئول الأول يصدر قرار بإغلاقه، واحاله المدير لقسم الأرشيف لعله يستطيع ضبط ما طار من أوراقه. نزل القرار عليه كالصاعقة، فلم يكمل يومه الثالث الا وطارت روحه حنقا، بركنه في الزاوية الاضيق من مكب حفظ الأوراق وقرارات روح القانون.

د. سعيد بن محمد السيابي