مراحل متنوعة تمر بها عملية حصاد المبسلي

* 1165 طنا كميات البسور المصدرة إلى الهند خلال العام الماضي

مسقط ـ العمانية: شهدت العديد من محافظات السلطنة خلال الايام الماضية موسم حصاد وتبسيل نخلة المبسلي واصنافا اخرى في تظاهرة اجتماعية واقتصادية حافلة بالعديد من العادات الاصيلة والتقاليد الجميلة التي حافظ عليها العمانيون في اطار اهتمامهم بالنخلة ورعايتها والاهتمام بإنتاجها، حيث تمثل رمزا للعطاء والغذاء الدائم للأسرة العمانية.
وتعود كلمة التبسيل إلى نوع من اصناف ثمار النخيل يسمى (المبسلي) يتم طبخها بعد اكتمال لونها الأصفر وتصبح (بسرة) وقبل أن تبدأ بالتحول إلى (رطب) وتتميز بكبر حجمها وتنتشر زراعتها في محافظة شمال الشرقية بشكل خاص وفي محافظتي جنوب الباطنة وجنوب الشرقية.
وقد بدأ موسم حصاد وتبسيل نخلة المبسلي هذا العام وهو الصنف الرئيسي لانتاج البسور واصناف اخرى من ثمار النخيل مثل المدلوكي وأبو نارنجة أواخر شهر يونيو الماضي بعد نهاية جداد (حصاد) نخلة النغال وسط تفاعل أسري وشبابي كبير، حيث تتنوع الاستعدادات والمظاهر الاحتفالية في العديد من المحافظات ابتهاجا بهذه المناسبة السنوية التى يحرص عليها زراع نخلة المبسلي.
ويقول محمد بن بدر الحجري احد منتجي البسور في ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية: ان التبسيل قديما كان يقام كتظاهرة لا يقل الاحتفال بها عن الاعياد وما زالت العديد من الاسر محافظة عليها كجزء من ارث اجتماعي وتشكل عائداً اقتصادياً جيداً للاسرة.
واوضح ان عملية التبسيل تبدأ بعد ان تصبح ثمار نخلة المبسلي مكتملة الإصفرار (بسر)، حيث تتم عملية الجداد الحصاد ومن ثم فصل البسور من العذوق وتنقيتها جيداً من الشوائب وتحييد الثمار الناضجة او التالفة ثم تنقل مباشرة لأماكن الطبخ التي تسمى (التركبة) وتوضع البسور في الماء في مراجل نحاسية كبيرة تشتعل تحتها النار ويتم طبخها وغليها جيداً لمدة تتراوح ما بين 15 الى 20 دقيقة وهي المرحلة الاهم لضبط جودة المنتج حتى يصبح ذلك البسر في مرحلة من النضج ويسمى (الفاغور) بعدها يؤخذ إلى اماكن مفتوحة للتجفيف تسمى (المسطاح) ويترك معرضا لحرارة الشمس المباشرة ما بين ثلاثة الى خمسة ايام وعندما يصبح جافا تماماً تتم تعبئة المحصول ووضعه في أكياس ليتم بعد ذلك بيعها او تصديرها.
وخلال عملية حصاد نخيل المبسلي والاصناف الاخرى في عملية تسمى (الجداد) تجتمع الاسرة صغارا وكبارا ويحرص الابناء من الشباب والاطفال والنساء والرجال يشاركهم اقاربهم وجيرانهم على تواجدهم مبكرين قبل طلوع الشمس في مزارع النخيل للتعاون والمساعدة في جني المحصول اذ يبدأ الرجال عملية الجداد بإنزال العذوق من اعلى النخيل فيما يقوم الأطفال والنساء بإجراء عمليات فصل الثمار عن العذوق وفصل الرطب عن البسر وتنقيتها من الشوائب.
ويصاحب عملية الجداد عادات اجتماعية طيبة حافظ عليها العمانيون ويتمثل بعضها في التصدق بجزء من الثمار لصالح الفقراء وإعطاء كميات منها لمن قدموا يد المساعدة من الاقارب والجيران والاصدقاء اضافة الى ترديد أناشيد تراثية جميلة خلال العمل تحث عليه وعلى التعاون وتمجد النخلة وتعبر عن البهجة والفرح.
واشار محمد الحجري الى ان المزارعين يقومون ببيع محصولهم من البسور الى الحكومة ممثلة بوزارة التجارة والصناعة التي تقدم دعما لمنتجي البسور الا انه منذ ثلاث سنوات بدأ المزارعون بالاتجاه نحو التصدير المباشر والبحث عن اسواق جديدة، حيث ان السعر الذي حددته الحكومة للطن من البسور لم يتغير منذ سنوات طويلة رغم ارتفاع تكلفة الانتاج.
واوضح لوكالة الانباء العمانية انه قد تم تشكيل لجنة تضم اعضاء من الحكومة ومن المنتجين سافرت لعدة دول من بينها الصين واندونيسيا للبحث عن اسواق جديدة يمكن تصدير البسور العمانية اليها ووجدت اللجنة ان الطلب على البسور في تلك الدول يأتي في شكل بودرة ليدخل في صناعات تحويلية اخرى او كتمور، مما حدا بالمنتجين الى البحث عن مستوردين في جمهورية الهند، حيث تم الحصول على اسعار طيبة افضل من الاسعار السابقة.
واوضح محمد بن بدر الحجري ان محصول المبسلي تراجع في السنوات الاخيرة سواء من حيث الاهتمام به او من حيث تأثره بكثير من العوامل، مشيرا الى ان ارتفاع تكلفة الانتاج وعدم وجود خيارات لدى المنتجين فيما يتعلق بالاسواق المستوردة وفقدان ثمار المبسلي لحوالي 60% من وزنها بعد عملية الطبخ وتدني اسعار البسور من اهم تلك المعوقات، اضافة الى تأثر نخيل المبسلي بالعوامل الجوية كارتفاع درجات الحرارة والامراض النباتية كالمتق (دوباس النخيل).
وقال إن هناك اصرارا لدى المزارعين للحفاظ على نخلة المبسلي وزيادة رقعتها الزراعية والبحث عن بدائل تعزز الفائدة الاقتصادية لهذه النخلة العريقة، مشيرا الى انه سيتم خلال اغسطس المقبل تصدير كمية بسيطة الى إندونيسيا من المبسلي كتمر في اولى التجارب واذا نجحت سنستمر ويمكن زيادة الفسائل، كما اننا نبحث في امكانية الاستفادة من المبسلي كدبس في مرحلة قادمة.
من جانب آخر قال أحمد بن حمد الحارثي رئيس قسم البسور بدائرة الشؤون التجارية بالمديرية العامة للتجارة لوكالة الانباء العمانية: ان وزارة التجارة والصناعة تبذل جهودا في مجال تشجيع المزارعين على التصدير المباشر من خلال تقديم الدعم والتسهيلات ويمكن للمزارعين الراغبين في التصدير المباشر الاستفادة من مبلغ الدعم الحكومي وقدره 62,500 ريال للطن وكذلك الإعفاء من رسوم التبخير للبسور المصدرة، كما تقوم الوزارة بجهود كبيرة من خلال لجنة تسويق منتج البسور التي شكلت بقرار من معالي الدكتور وزير التجارة والصناعة والتي تضم في عضويتها ممثلين عن المزارعين والتي كان من أهم أهدافها دراسة الأسواق الخارجية والبحث عن اسواق ومنافذ جديدة لتسويق منتج البسور بالاضافة الى الأسواق الحالية المتوفرة وايجاد خط مباشر بين المزارعين والتجار في الخارج ومساندة المزارعين القائمين على التصدير المباشر من خلال الوقوف معهم وتقديم التسهيلات الممكنة بشأن مقترحهم بإقامة شركة مساهمة تضم كافة المزارعين منتجي البسور بما يوفر لهم عائداً مالياً أعلى وكذلك الاستفادة من جودة البسور العمانية في امكانية ايجاد صناعات تحقق قيمة مضافة لمنتجهم.
واضاف ان الوزارة دائمة التواصل مع المزارعين المنتجين للبسور للوقوف على ما يعترضهم من عقبات ومحاولة ايجاد الحلول المناسبة، كما أن التنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى جار وكذلك مع جمعيات المزارعين لرفع مستوى الانتاج والتركيز على جودة البسور وبتشجيع المزارعين في الإستفادة من التقنيات الحديثة التي تساعد على رفع الانتاج وتقليل التكاليف وحثهم للاتجاه الى صناعات تحويلية تقوم على هذا المنتج كما ان التنسيق جاري للقيام بدراسة بحثية تتعلق بتصنيف معايير الجودة وفق أطر علمية وإيجاد بدائل تصنيفية وتسويقية مع مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة والثروة السمكية وايضا التنسيق مع الجهات القائمة على مشروع زراعة المليون نخلة.
وقال أحمد بن حمد الحارثي انه يتم سنويا طرح مناقصة لأعمال المناولة وتجهيز البسور من خلال لجنة المناقصات الداخلية بالوزارة وفق كراسة الشروط المعدة والشركة التي ترسو عليها المناقصة ودورها يكون بتقييم البسور الموردة من المزارعين بصفة يومية لمخازن الوزارة بالوادي الكبير خلال الفترة المحددة لاستلام محصول البسور والتي قد تستغرق حوالي ثلاثة أشهر ويعتمد في تقييم منتج البسور على الصنف والجودة حيث يجري احتساب القيمة وفق جدول اسعار البسور المعتمد بالوزارة بما يشمل ذلك سعر الشراء والنقل والدعم الحكومي للطن الواحد ويتم التخزين في الأماكن المخصصة بمخازن البسور لكل صنف بعد ان يتم فرزها لتتم تعبئتها بعد ذلك في أكياس (جواني) بوزن صافي 75 كجم وتكون بذلك قد انتهت مرحلة أعمال المناولة والتجهيز وتأتي بعدها مرحلة تصدير البسور.
واشار الحارثي الى ان معالي الدكتور وزير التجارة والصناعة اصدر قرارا بتشكيل لجنة تسويق منتج البسور ودراسة الأسواق الخارجية وتضم في عضويتها عددا من ممثلي المزارعين في مناطق انتاج البسور الرئيسية وقد قامت اللجنة خلال العامين الماضيين بعمل زيارات الى بعض الدول لترويج البسور فيها، وقد نتج عن تلك الزيارات تمكن المزارعين من التعاقد بشكل مباشر مع بعض التجار الهنود لتصدير كميات من البسور لهم عن طريق ممثلي المزارعين أعضاء اللجنة، حيث كانت الكميات المصدرة بشكل مباشر من محصول عام 2013م تقدر بحوالي 308 اطنان، فيما ارتفعت تلك الكميات لتصل إلى 820 طن من محصول عام 2014م.
واوضح انه تم خلال عام 2013 تصدير حوالي 4092 طنا من البسور الى الهند عن طريق الشركة التي تعاقدت معها الوزارة، فيما بلغت الصادرات خلال عام 2014 حوالي 1165 طنا وهناك كميات في مخازن الوزارة لم يتم تصديرها بعد وتقدر بنصف الكمية المصدرة خلال عام 2014.