رجل تزوج امرأة من غير رضاه هو ولكي يتخلص منها أشاع أنها غير عفيفة وأشاع عنها إشاعات أساءت إليها وإلى أهلها . ما هو الجرم الذي يتحمله هذا؟ وكيف يصنع أهلها معه؟
لا ريب إن كان صرّح بهذا فهو قاذف ، والقاذف إن كان زوجا يطالب بالحكم الشرعي أي بالملاعنة ، فإن لم يلاعن في هذه الحالة يكون قاذفاً وعليه حد القاذف ، وإنما يتخلص من هذا الحد بالملاعنة . أما إن وقعت هذه الإشاعة وأراد هو التوبة منها ففي هذه الحالة لا بد أن يفعل كما ذكرنا أن يتبع السيئة الحسنة ، بحيث يعترف بالحقيقة ويشيع هذه الحقيقة حتى تبلغ المبلغ الذي وصلت إليه إشاعته الباطلة وما قاله فيها من بهتان وفي هذه الحالة يكون قد محا آثار هذه الإشاعة وحدّث الناس بالحقيقة .
ما معنى الملاعنة؟
الملاعنة ما دل عليه قول الله سبحانه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ * عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (النور6 ـ 9 )، الله سبحانه وتعالى فرض على أي أحد يقذف محصنة فرض عليه عقوبة ما ذكرنا وهي أن يحد ثمانين جلدة في ظهره وبجانب هذه العقوبة المادية أو العقوبة الحسية هنالك عقوبة أدبية معنوية وهي أن تسقط شهادته ولا تقبل ، وعلى أي حال هذا الحكم في الأصل يعم الجميع.
ولكن الله سبحانه وتعالى استثنى الأزواج لو فعلوا ذلك في نسائهم ، ذلك لأن الزوج قد يؤدي به فساد زوجته وانحرافها عن الطريق السوي وارتكابها المعصية إلى أن يُلحق به من ليس منه ، فلذلك لأجل درء هذا الذي يحذره الكثير من الناس شرع الله سبحانه وتعالى حكماً خاصاً فيما بين الرجال ونسائهم ، عندما يطلع أحد أو يلقي تهمة على امرأته بأنها ارتكبت الفاحشة ، وذلك بأن يلاعنها ، بأن يجمعا جميعاً فيبدأ الرجل ويقول أربع مرات يشهد عليها بأنها زنت ، يشهد في هذه المرات الأربع شهادة بأنه صادق فيما رماها به من الزنا ، ثم يقول بعد ذلك في الخامسة بأن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين . في هذه الحالة تكون هي مدانة لأن شهاداته الأربع قامت مقام أربعة شهود الذين يطالب الإنسان بأن يأتي بهم إن قذف أحداً بالزنا ، وإنما جعل الله هذه الشهادات لما عسى أن يطلع الزوج مما يعسر أن يأتي بالشهود معه ، في هذه الحال تكون عليها العقوبة ، ولكن لها مخلص من هذه العقوبة ، هذا المخلص أن تحلف هي بالله سبحانه ، أن تشهد أربع شهادات بأن تقول أُشهد الله تعالى أو أشهد بالله تعالى أنك كاذب المرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة ثم في المرة الخامسة تقول بأن غضب الله سبحانه وتعالى عليها إن كان ذلك الرجل من الصادقين ، في هذه الحالة لا يمس أحد منهما بعقاب ، يترك كل منهما وشأنه ، وإنما يفرق بينهما فرقة لا يلتقيان بعدها أبدا ، وإن كان هنالك جنين أو طفل لا يُلحق بذلك الأب إن كان حسبما يقول الزوج تولد من ذلك الزنا الذي زنته .

يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة : أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة