ستبدأ مؤسسة بيت الغشام بطباعة 25 كتابا تتضمن دراسات استشراقية في المذهب الإباضي، وستبدأ السلسلة بأربعة عناوين تتوفر في جناحها بمعرض الكتاب، منها ثلاثة أجزاء مقالات للباحث البولندي تاديوش ليفيتسكي إضافة إلى كتاب "مدخل للعقيدة الإباضية" ، لبيير كوبرلي، وتسعى المؤسسة للانتهاء من طباعة كتاب سليمان الباروني في الوثائق الإيطالية ليكون حاضرا في المعرض.
يتحدث المشرف على السلسلة الدكتور عبدالرحمن السالمي عن المؤلف تاديوش ليفيتسكي بأنه أحد المؤسّسين للدراسات الإباضية في الغرب، و"يدلُّ ذلك على اعتماد نشرتي دائرة المعارف الإسلامية الأُولى والثانية عليه في كتابة أغلب مواد الموسوعة عن الإباضية، في التاريخ والعقيدة والدول، والانتشار الجغرافي. ومن أجل ذلك فقد اهتممتُ منذ عقدين تقريباً بجمع مقالاته ودراساته من المجلات العلمية، كما أنني اتصلْتُ بأُسرته من أجل الإطّلاع على ما خلّفه في مكتبته من مخطوطات وكتب".
ويشير السالمي إلى الكتب الثلاثة الصادرة عن المؤسسة بأنها "تظهر لأول مرةٍ بالعربية في ترجماتٍ علمية، لا تزال بالغة القيمة والإفادة. فرغم مضيّ خمسين سنةً وأكثر على كتابة بعضها؛ فإنّ البحوث العلمية الجديدة عن التاريخ والنصوص لا تكاد تتجاوز أفكارها وفرضياتها".
ويوضح الدكتور عبدالرحمن السالمي قيمة هذه الكتب كونها تتضمن "التأملات من جانب الأستاذ ليفيتسكي في المرحلة المبكرة لنشوء الإباضية" إضافة إلى "التحقيق والتحقيب الدقيق للتاريخ الإباضي في المشرق والمغرب بدءًا بالبصرة، بيد أنّ الأستاذ ليفيتسكي اهتمّ بإباضية المغرب على وجه الخصوص"، وأيضا عنايتها بالاهتمام "الذي لا يكاد يُضاهي حتى اليوم بالانتشار الجغرافي للإباضية، وخصائص هذا الانتشار".
ويضيف السالمي أن أهمية هذه الإصدارات مردّها أيضا إلى "الاعتماد في كل ما كتبه عن الإباضية على آثارهم الكتابية، التي كان له الفضل في اكتشاف بعضها. وبسبب اطّلاعه الواسع عبر المخطوطات والرحلات؛ فإنّ الأخطاء بالأسماء أو المصطلحات أو الأعلام والأماكن الجغرافية، ضئيلة، وسهلة التحقق والتصحيح إذا وقعت" إضافة إلى "الكشف الدقيق عن التطورات العقدية لدى الإباضية، وهو الأمر الذي لا يزال يجري حتى اليوم، دون أن يتوصل الباحثون الجدد إلى أمورٍ أساسيةٍ تخالف ما قرره الأستاذ ليفيتسكي".
كما قدم السسالمي لكتاب "مدخل إلى العقيدة الإباضية"، وقال: حصلنا على دراسة القس الأب بيير كوبرلي ضمن مكتبة البرفيسور ت. ليفسكي والتي اشتراها معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي من عائلته سنة 2004، وكان كوبرلي قد أهدى لليفسكي نسخة من أطروحته التي أنجزها 1979 ونسخة أخرى بعد طباعتها 1981. وتعرفت أنا على بيير كوبرلي بمراسلات جرت بالبريد الالكتروني قبل وفاته عن طريق الشيخ فرحات الجعبيري، كما عرفت أبحاثه العلمية التي بدأ في نشرها منذ سبعينيات القرن الماضي خلال دراستي للدكتوراة لكن للأسف لم التق به، ذلك أنه قد آثر العزلة وتفرغ للزهد والتأمل في العقدين الأخيرين من عمره إلى وفاته سنة 2007 .
وفي هذه الدراسة المعمقة "مدخل للعقيدة الإباضية" ، جمع بيير كوبرلي نصوصا للعقائد الإباضية من شمال أفريقيا وعُمان ومن فترات متنوعة، فهو لم يركز على الكتب العقدية وشروحها وإنما على النصوص العقدية التي تعرف في أوساط المتعلمين بـ"عقيدة"، وهو معروفة كعقيدة ابوحنيفة وعقيدة الطحاوي وغيرهما، فنصوص العقائد الإيمانية هو جنس أدبي موجود في جميع المذاهب الإسلامية بل كذلك موجود لدى اليهود والنصارى، وهي تعنى بتلقين العقيدة الإيمانية للاتباع، فإذا ما نظر إليها من الجانب التاريخي يفهم ما هو الهم الإيماني للملقن وما يجب عليه من تلقينه من تعاليم في تلك المرحلة الإيمانية، ومن جانب آخر ما الذي يجب على الملَقن أو الفرد المتبع أن يؤمن به و يعمل به، و بهذا شكلت هذه الدراسة في مضمونها العام صورة عن تطور مفاهيم علم الكلام عند الاباضية في عصور مختلفة حتى القرن 7 / 14م، فركزت دراسته على سمتين مهمتين أولا البحث عن المصطلحات الكلامية ومن ثم كيفية تطور فهم القضايا الكلامية عند الاباضي.
ويشير السالمي إلى دراسة كوبرلي بالقول إنها مستجدة في طرافتها ومنهجيتها وجديتها، فاهتمت بها الدوائر العلمية الاستشراقية، وذلك بالمنهج الذي اتبعه ففتحت للباحثين أفقا جديدا يمكن أن يطبق على كل المدارس الكلامية الأخرى في الدراسات الفلولوجية -التاريخية. وبالأخص في مباحث المصطلح العلمي، فالمصطلح العلمي وتطوره وكيفية استخدمه له أهميته وخصوصيته في الدراسات العلمية. وكذلك منهجه المقارن في تتبعه بين الإباضية و المدارس الأخرى.