كييف ـ عواصم ـ وكالات: أعلنت السلطات الأوكرانية أمس أن امرا صدر باعتقال الرئيس الهارب فيكتور يانوكوفيتش ووزير الداخلية في حكومته وعدد من المسؤولين بتهمة القتل الجماعي وذلك بعد أن عزله البرلمان اثر احتجاجات عنيفة في الشوارع قتل خلالها عشرات المتظاهرون برصاص قناصة الشرطة
وفي حين قال الجيران المتنافسون شرقي وغربي الجمهورية السوفييتية السابقة إن فراع السلطة في كييف يجب ألا يؤدي إلى تفكك وحدة أوكرانيا قال أوليكسندر تيرتشينوف القائم بأعمال الرئيس إن قادة البلد يريدون علاقات مع روسيا على "أساس جديد من المساواة وحسن الجوار يعترف بالخيار الأوروبي لأوكرانيا ويأخذه في اعتباره."
وأجرت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي مباحثات بشأن اجراءات دعم الاقتصاد المتعثر الذي قالت وزارة المالية إنه يحتاج إلى معونات خارجية قدرها 35 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
وقال ارسين أفاكوف القائم بأعمال وزير الداخلية إن يانوكوفيتش (63 عاما) والذي فر من كييف بطائرة هليكوبتر يوم الجمعة لايزال هاربا بعدما توجه في بادئ الأمر إلى معقل الدعم له في الشرق حيث منع من المغادرة ثم اتجه جنوبا إلى منطقة القرم.
وكتب أفاكوف على صفحته على فيسبوك"فتح تحقيق رسمي في تهمة القتل الجماعي للمحتجين السلميين... مطلوب القبض على يانوكوفيتش وآخرين مسؤولين عن هذا."
وقال أفاكوف ان يانوكوفيتش غادر مقر اقامة خاصا في بالاكلافا بمنطقة القرم التي يتحدث سكانها الروسية إلى وجهة غير معلومة مستقلا سيارة برفقة أحد معاونيه وبعض الحراس.
وهذه نهاية سياسية مخزية ليانوكوفيتش الذي تخلى عنه علنا بعض من أقرب حلفائه السابقين وتم تجريده من مقر إقامته الفخم خارج كييف وشهد عودة ألد أعدائه رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو الى الساحة السياسية.
واستدعت روسيا سفيرها لدى أوكرانيا للتشاور واتهمت المعارضة بأنها ضربت عرض الحائط باتفاق انتقالي مع الرئيس الذي تدعمه.
وفي علامة على القلق من رد الفعل الذي قد تقدم عليه روسيا قال أوليه تيانيبوك الزعيم الذي ينتمي لأقصى اليمين والذي كان واحدا من قادة المعارضة الثلاثة الذين تفاوضوا مع يانوكوفيتش يوم الجمعة إن على وزارة الدفاع أن تتحقق من تقارير تفيد بأن القوات الروسية ربما تتجمع على الحدود الأوكرانية.
ولم يذكر تفاصيل ولم يشر كذلك إلى ما اذا كانت هذه التحركات قد حدثت بالفعل. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن حرس الحدود الأوكراني قوله انه لا توجد علامة على أي تحركات للقوات الروسية قرب الحدود.
وقال تيانيبوك إنه كان من المقرر أن تصل سفينة إلى ميناء سيفاستوبول بالقرم وعلى متنه 200 من افراد القوات الخاصة الروسية. ويتمركز الأسطول الروسي في البحر الأسود بسيفاستوبول وتتحرك قواته ذهابا وايابا بحرية.
وشكك رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيديف أمس في شرعية أجهزة السلطة الجديدة في اوكرانيا حيث أقيل الرئيس فيكتور يانوكوفتيش السبت معتبرا ان الاعتراف بها كما يفعل الغربيون سيكون "منافيا للمنطق".
وتصريحات مدفيديف اول رد فعل علني لمسؤول روسي بعد وصول المعارضة الى السلطة في كييف، واعتبر أن شرعية اجهزة السلطة هناك تثير "شكوكا جدية".
ونقلت عنه وكالات الانباء الروسية عن مدفيديف قوله "بصراحة، ليس لدينا اي شخص نتحاور معه. ان شرعية اجهزة السلطة هناك تثير شكوكا جدية".
واوضح "اذا اعتبرنا ان اشخاصا يتجولون في كييف يرتدون اقنعة سوداء ويحملون كلاشنيكوفات يمثلون الحكومة فسنجد صعوبة في العمل مع مثل هذه الحكومة".
وانتقد رئيس الوزراء موقف الغربيين من السلطات الجديدة.
وقال ان "بعض الشركاء الغربيين يعتبرونها شرعية. لا أعرف الدستور الذي قرأوه لكن أرى أنه سيكون منافيا للمنطق اعتبار ما هو في الواقع نتيجة تمرد شرعيا".
واعترف الاتحاد الاوروبي وبولندا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة بقرارات البرلمان الاوكراني الذي اقال يانوكوفيتش وانتخب رئيسا موقتا.
وردا على سؤال حول استدعاء السفير الروسي في اوكرانيا للتشاور اوضح ان هذه الخطوة اتخذت لان الوضع على الارض غير واضح.
وقال "لا نعلم ماذا يحدث هناك ثمة تهديدات فعلية على مصالحنا وحياة وصحة مواطنينا".
وبشأن الاتفاقات الاقتصادية الموقعة بين اوكرانيا وروسيا قال انها ستطبق، مشيرا فقط الى الاتفاقات "الملزمة قانونا".
واضاف ان "الاتفاقات الملزمة قانونا ستطبق. لا نتعاون مع افراد او شخصيات بل مع حكومات".
واوضح "اننا جيران ودول قريبة ولا يمكن للواحد ان يستغني عن الاخر". وبشأن الاتفاق حول الغاز الموقع في ديسمبر وينص على خفض كبير لاسعار الغاز الذي تبيعه موسكو لكييف لم يكن رد مدفيديف واضحا.
وقال "القرارات التي اتخذت في مجال الغاز لها مهل لتطبيقها. وما سيحصل بعد انتهاء هذه المهل سيبحث مع قادة المؤسسات الاوكرانية والحكومة الاوكرانية".
وحتى الان وحدها وزارة الخارجية اعلنت موقفا ازاء اوكرانيا منتقدة المعارضة التي تطرح تهديدا على السيادة.
وانتقدت الخارجية الروسية دعم الغرب لانتخابات رئاسة مبكرة تجرى في مايو عقب الاطاحة بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش وقالت إنه ينبغي بدلا من ذلك فتح نقاش واسع بشأن اصلاحات دستورية أقرها البرلمان على عجل ثم طرحها للاستفتاء.
الرئيس الانتقالي في اوكرانيا يدعو موسكو الى احترام الخيار الاوروبي لاوكرانيا
دعا الرئيس الاوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف روسيا الى احترام "الخيار الاوروبي" لاوكرانيا، وذلك في كلمة وجهها الى الامة بثت عبر قنوات التلفزيون.
وقال توتشينوف "نحن جاهزون لاجراء حوار مع روسيا وتطوير علاقاتنا على قدم المساواة، على ان يتم احترام الخيار الاوروبي لاوكرانيا"، مضيفا "آمل بان يتم تثبيت هذا الاتجاه خلال الانتخابات الرئاسية"، معتبرا ان "الاندماج الأوروبي هو أولوية" لاوكرانيا.
وفي ميدان الاستقلال بوسط كييف مهد الانتفاضة لا تزال الحواجز المقامة من الأثاث القديم وإطارات السيارات كما هي وتصاعد الدخان من النيران التي أشعلت بغرض التدفئة وسط الخيام التي يشغلها أشخاص مصصمون على البقاء حتى اجراء الانتخابات في مايو.
ومع سيطرة المحتجين على كييف وتصميمهم على محاسبة زعمائهم السابقين سارع النواب بتمرير قرارات لتعزيز سلطتهم وإظهار رفضهم للفساد المتفشي وتقديم المسؤولين الذين أمروا الشرطة بإطلاق النار في ميدان الاستقلال للعدالة.
وأي كان من سيتولى المسؤولية فإنه سيواجه تحديا ضخما ليكون على مستوى التوقعات الشعبية وسيجد اقتصادا يمر بأزمة عميقة وسيواجه أقساط ديون حكومية تصل إلى نحو ستة مليارات دولار في الفترة المتبقية من العام.
وقالت وزارة المالية إنها تحتاج مساعدات خارجية بقيمة 35 مليار دولار على مدى العامين المقبلين ودعت لعقد مؤتمر للمانحين يضم ممثلين للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
وانخفضت العملة المحلية الهريفنيا 3.8 في المئة بعد الاحداث المتلاحقة في مطلع الأسبوع قبل أن تنتعش قليلا. وتراجعت تكلفة التأمين على الديون الأوكرانية بدعم من آمال بحصول البلاد على مساعدات لتجنب التخلف عن سداد الديون بينما سجلت السندات السيادية المقومة بالدولار مكاسب في ظل توقعات بأن تركز الحكومة الجديدة على الاقتصاد.