[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
شهد عام 2011 حدثين مهمين في العراق، فقد كان الكثير من العراقيين يأملون نتائج طيبة من المظاهرات التي خرجت في المدن العراقية، لكن بريق تلك المظاهرات قد تراجع على وقع القمع الشديد الذي تعرض له المتظاهرون والقائمون على تلك المظاهرات، أما الحدث الثاني فكان ترقب القرار الأميركي بخصوص سحب القوات الأميركية من العراق، وكان الجدل المعلن والخفي قائما في الأوساط العراقية، فهناك من يؤكد أن الأميركيين لن يخرجوا بعد أن تكبدوا تلك الخسائر الجسيمة في الأرواح والمعدات، وأن الأميركيين باقون في العراق لتوفير الحماية للعملية السياسية التي صنعوها ودفعوا ثمنا لها من الدماء والأموال الطائلة، وكان مثل هذا الكلام يحبط الرافضين للعملية السياسية وحكوماتها على اعتبار أن الأميركيين سيحمون الحكومة بالطائرات والسلاح وكل شيء، وهو ما حصل أثناء المظاهرات وتسبب بتراجعها شيئا فشيئا.
أما المجموعة الأخرى من العراقيين فكانوا يرون أن الانسحاب الأميركي أصبح أمرا واقعا، وأن الأميركيين غير قادرين على تقديم المزيد من الخسائر المالية والبشرية، وأن أساس الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة والعالم عام 2008 قد نتجت عن حجم خسائر الاقتصاد الأميركي بسبب حرب العراق وافغانستان، وهذا ما أكده أكثر من خبير اقتصادي عالمي من أبرزهم البروفيسور والمستشار السابق للرئيس بوش الدكتور لورنس ليندزي، وأن الأميركيين يريدون معالجة جراح الحرب ومصائبها الكثرة.
في شهر تشرين أول/ أكتوبر عام 2011 حسم النقاش الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه الشهير الذي أعلن فيه سحب القوات الأميركية نهاية ذلك العام، وقال كلمات مهمة في هذا الخطاب من بينها أن جيلا أميركيا كاملا سيبقى يعاني من نتائج هذه الحرب، وكان خطاب أوباما في الواقع هو خطاب النصر للمقاومة العراقية التي تصدت للمحتلين الغزاة المجرمين منذ الأيام الأولى لغزو العراق، وقبل نهاية عام 2011 خرج هاربا تحت جنح الظلام آخر الجنود الأميركيين وما أن دخلوا الأراضي الكويتية حتى عبروا لوكالات الأنباء عن فرحتهم الغامرة، وهو تعبير عن حجم الخوف والرعب الذي بثه مقاتلو المقاومة العراقية في قلوب المحتلين.
لا أعرف بماذا كان يفكر العراقيون عام 2012، وهو العام الأول لخروج قوات الاحتلال وأصبح الوجود على أرض العراق بدونها، لكن أعتقد أن الشعب العراقي الذي يميل إلى السلم ويجنح نحو السلام، وأن الحكومة التي أصبحت بدون حماية الغزاة المحتلين ستقرأ الواقع من زاوية أخرى وتجنح نحو السلام، وهي فرصة ذهبية، لذا كان عام 2012 بمثابة مراقبة لسلوك وأخلاقيات الحكومة وأقطاب العملية السياسية، وكيف يتصرفون مع العراقيين.
لكن الذي حصل أن الحكومة قد أخذت دور قوات الاحتلال وواصلت حملات الاعتقال، وبعد أن تسلمت السجون والمعتقلات من المعسكرات والقواعد الأميركية وعددها 505 معسكرات غالبيتها تحتوي على سجون، عمدت لملء تلك السجون بالأبرياء وأذاقتهم مختلف أنواع العذاب.
كما استمرت الحكومة والسياسيون في سرقة المال العام وانتهاك حقوق الإنسان وأصروا على عدم احترام إرادة الشعب.