[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
اكثر ما كان يمني النفس بعض من نصبوا العداء للرئيس بشار الأسد لو انه تخلى عن منصبه لكي يرتاحوا. لكنهم وقد وقعت الواقعة وفشلوا، فها هم ينسحبون من معركة تبدو فاصلة تماما لم يبق فيها الا من هو قادر على تحملها لوجستيا واقتصاديا .. معركة تحتاج لقوة أكبر من حجم قوى كانت تخاف الكثير من التورط كي لا تدفع غاليا اذا ما تراجعت، وها هي بالفعل تتراجع لكنها على صمت، وفي بالها كلمة مدوية تقول "تنذكر ما تنعاد".
هو زمن التراجعات ودفع الحسابات، من يهرب مبكرا ينجو، ومن يبقى عليه ان يفكر بعاقبة الملوثات الحادة التي ظهرت على يديه من جراء دم السوريين الذي تطاير من حدوده ليعلق بأيديهم، ومن وجوههم المذعورة التي أكلها الخوف لشدة الأثر على وجوه السوريين الذين انتابهم خوف عميق لم يتوقف على مدار الساعة.
عليهم ان يخافوا اولئك الذين ما زالوا متحمسين لفكرة الإسقاط أو السقوط التي نقول صراحة انهم نجوا من مفاعيلها لو حصلت، فسقوط الرئيس الأسد سيكون مدويا لأنه سيخلق اشكالية على مدى المنطقة وقد يدوم طويلا، تماما مثل بقائه الذي يعري اللاعبين بدم السوريين، لكن يبقي على سوريا امينة لمستقبل ابنائها، قوية البنيان، متراصة الداخل، لها عزيمة الاسود في توثبها الدائم.
كلما طال الصراع على سوريا تدحرجت رؤوس كانت لوقت ما فاعلة في تجييش الإرهاب عليها .. الآن لم يبق منها الا القليل، وبعض من يمني النفس بأن يدخل يديه. الذين ولوا الادبار عرفوا انهم كانوا يضربون في الصخر الصلد المكون من الجيش العربي السوري ومن الشعب العربي السوري ومن الدولة العربية السورية ومن شخص الرئيس العربي السوري، وان المسألة لم تقف عند هذا الحد، بل مورس عليهم ارهاب السوريين الذين اطلوا من كل وسائل الإعلام وهم يزمجرون ويشتمون ويلعنون حتى اخافوا من كان مقصدهم وراء كل ذلك.
الآن تخرج سوريا بشكل يومي لتقدم عرض محبة لرئيسها الشاب الذي عرف كيف يضيء عتمة ايام سوداء نزلت عليها. نقول بتواضع اننا قرأنا سيرا عديدة لأبطال في التاريخ دافعوا عن بلادهم، لكن الله يسر لنا ان نعيش واقعا من البطولة الحقيقية التي تشبه الاسطورة حملها فوق اكتافه الرئيس بشار الاسد وما زال، وحيثما قال كان كلامه في غاية الدقة، بل كان صوته منخفضا وهو تعبير عن راحة نفسية عاشقة لبلاده ولأمته في ظروف يعرف ان صناعتها لم تكن سهلة، لكن اجمل ما فيها ان صعوبتها تبني الأمم العظيمة.
في عصر تراجع القوى المضادة بكل ما تملكه من امكانيات، تتقدم القوى الحية .. هو قانون حتمي تعلمناه من عبر التاريخ. لكننا عشناه ايضا مشهدا ميسرا امام العيون الشاخصة إليه. نتطلع في وجوه القوى المضادة الساقطة في لعبتها الجهنمية، فنراها وقد اصفرت وشاخت قبل أوانها، او انحط فيها العزم والقدرة حتى على الكلام .. اما القوى الحية فتزرع البسمة فوق شلالات دماء الشهداء، وفوق الخراب، انه عنوان العزيمة التي صنعت الأمل كي تطل الحياة من الموت ويطل البناء من الخراب.
هو عالم جديد لا يعرفه الساقطون.