تمضي السلطنة في مسيرة التنمية بخطى ثابتة وعبر رؤية واضحة ومنهجية بفضل راعي نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يضع ميزانًا دقيقًا للتوازن بين الاعتبارات المرتبطة بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي وبين عمليات الإنتاج الضرورية لمواصلة التنمية الشاملة التي جاءت من أجلها النهضة المباركة.
وتشكل البنية التحتية أهمية قصوى وضرورة لا بد منها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك تحظى مشاريعها باهتمام حكومي بالغ من حيث الكم والنوع، وذلك استلهامًا من فكر عاهل البلاد المفدى الذي أراد أن تنطلق النهضة المباركة على ركائز صلبة لتتمكن من مواكبة كافة التطورات وفي جميع المجالات، والسعي إلى إيجاد بيئة ملائمة وسلسة تمكن الإنسان العماني من عمليات الإنتاج.
ولا يخفى الدور الكبير الذي يلعبه قطاعا النفط والغاز في عملية التنمية الشاملة والمستدامة واللذان يمثلان عصب التنمية وركيزة تقوم عليها الموازنة العامة للدولة، ولذلك ولما لهذين القطاعين من دور حيوي، فإن اهتمام الدولة قيادة ومؤسسات حكومية وخاصة يتصدر قائمة الأولويات مع التوجيه السامي والمتوالي من لدن جلالته ـ أيده الله ـ بأهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد وهو النفط نظرًا لما تتعرض له هذه السلعة من تقلبات في الأسعار نتيجة المضاربات في الأسواق العالمية والتقلبات السياسية والاقتصادية، وكذلك ينطلق التوجيه السامي من أن أي اقتصاد لكي يشق طريقه ويواصل نموه ويحافظ على استقرار الوطن ويؤمِّن التنمية والاحتياجات المعيشية للموطنين، لا بد أن يبحث هذا الاقتصاد عن أسباب قوته، وتكمن هذه الأسباب في قدرته على تنويع مصادر دخله، وتشجيع الاستثمار وتأمين بيئة استثمارية وإنتاجية صحية حقيقية.
الا أن التنويع لا يعني اهمال قطاع الاهتمام بقطاع على حساب آخر. ولذلك لا بد من الاهتمام بقطاعي النفط والغاز باعتبارهما عصب التنمية، وتأكيدًا للدور الحيوي في صناعة القرار السياسي الذي يلعبه مجلس الشورى وانطلاقًا من الشعور بالمسؤولية تجاه مسيرة التنمية بشكل عام وبخاصة التنمية الاقتصادية، استضاف المجلس أمس في جلسته الاعتيادية الثالثة عشرة لدور الانعقاد السنوي الثالث (2013 ـ 2014م) للفترة السابعة معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز، حيث قدم سعادة سالم بن ناصر العوفي وكيل النفط والغاز خلال الجلسة عرضًا مرئيًّا حول قطاعي النفط والغاز في السلطنة أوضح خلاله أبرز الاستكشافات النفطية الجديدة في المناطق الاستثمارية وحجم الإنتاج اليومي من النفط والغاز ومصافي التكرير البترولية والاستثمارات المساندة، والتحديات التي تواجهها عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز واستخراجه، والتقنيات المستخدمة من أجل تعزيز الجهود المبذولة لزيادة معدلات الإنتاج اليومي من النفط والغاز ورفع معدلاتهما الاحتياطية بما يضمن ديمومة نمو الاقتصاد الوطني وتنوع موارده.
والذي يتابع تفاصيل العرض المرئي لا بد وأن تستوقفه سمة غالبة على المناسبة ويمكن قراءتها بسهولة بين ثنايا الأرقام المتوالية لمفردات عمليات الاستكشاف والإنتاج والتحديات في قطاعي النفط والغاز، تلك السمة هي الشفافية في الطرح، وهذه الشفافية تتمثل في تقديم تفاصيل مطولة حول المفردات الرقمية للقطاعين. كما أن الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية هو رسالة التطمين التي أكد عليها العرض المرئي حول الإنتاج اليومي من النفط بأن الإنتاج يشهد ارتفاعًا من عام لآخر.
وعلى الرغم من التحديات الفنية التي تواجه قطاعي النفط والغاز والتي تتمثل في صعوبة التعامل مع المواد الكيماوية المستخرجة مع النفط ووجود المواد الصلبة إضافة إلى تزايد التكلفة الإنتاجية نظرًا لتزايد الكادر البشري والأجهزة المستخدمة في عمليات الإنتاج في الحقول النفطية، فإن الأرقام توضح حجم الجهود المبذولة لتطوير قطاعي النفط والغاز، وهي بلا شك جهود مقدرة، وترجمة لأمانة تطبيق حزمة السياسات المالية والتخطيطية والتطويرية والأحكام والقوانين، لتنظيم عمليات الإنتاج في هذين القطاعين والارتقاء بها.