يعتبر القطاع التجاري بدول مجلس التعاون الخليحي من القطاعات التقليدية التي لعبت دورا حيويا في التطور الاقتصادي عبر عقود طويلة من الزمن، الا أن التطورات الحديثة التي شهدتها المجتمعات الخليجية خلقت نوعا آخر من التحديات أمام هذا القطاع، بل وبات مهددا بالركود أمام أنماط جديدة من الأنشطة التجارة الطارئة على هذه المجتمعات.
ان تنشيط القطاع التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي لهو هدف حيوي وطال انتظاره نظرا لعلاقة هذا القطاع المباشرة بالاقتصاد الوطني والنمو الاقتصادي، حيث يساهم القطاع الخاص من تجارة وخدمات بنسبة تصل إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي بدول المجلس، وهي نسبة لها وزنها في الحسابات الاقتصادية الوطنية، وإلى جانب كون القطاع التجاري ركيزة اساسية من ركائز اقتصادنا الوطني، فإنه يلعب دورا حيويا ومهما في التنمية الاقتصادية. لذا فإن ما يمس القطاع التجاري من مد وجزر له تأثيراته المباشرة على اقتصاد دول المجلس وتنميتها، لذلك فإن انعاش القطاع التجاري هي مسألة ذات اولوية قصوى.
وتمثل برامج الترويج الداخلية والخارجية مدخلا سليما لتشجيع القطاع والأنشطة التجارة إجمالا، واجتذاب الاستثمارات الاجنبية الى دول المنطقة وقيام مشاريع اقتصادية مشتركة قادرة على المنافسة التجارية والنفاذ إلى الاسواق العالمية سواء في مجالات الانتاج أو الخدمات، وكذلك اجتذاب الزائرين الى دول المجلس من رجال اعمال وسياح. ولا بد ان يتزامن مع هذه الجهود، جهود موازية للقضاء على الظواهر السلبية التي يشهدها القطاع التجاري. ان ظاهرة التستر التجاري من الظواهر السيئة التي تعاني منها الاسواق الخليجية بشكل عام، لما لها من اثار سلبية على المجتمع والاقتصاد الوطني، ولقد برزت هذه الظاهرة في السنوات الاخيرة بشكل لافت للنظر وتقوم الوزارة بمحاربتها بشتى الوسائل المتاحة، ولكن اية محاولة لمكافحتها لن تجدي الا من خلال التنسيق بين جميع الجهات الرسمية والاهلية ذات العلاقة.
وقد اعتمدت الجهات الحكومية المعنية بدول المجلس العديد من الخطط الهدف منها القضاء على هذه الظاهرة خلال السنوات القادمة. وتنفيذا لهذه الخطط، تم اتخاذ بعض الاجراءات الوقائية في محاولة للحد من هذه الظاهرة. ومن بين هذه الاجراءات هي فرض الضمانات البنكية على الانشطة التي تسمح باستقدام عمال اجانب وربط قاعدة بيانات السجل التجاري بقاعدة بيانات الجهات الرسمية الاخرى مثل السجل السكاني، وزارات العمل والشئون الاجتماعية، وادارة الكهرباء والماء وشطب السجلات التجارية غير المجددة وغير العاملة والتشدد في تطبيق العقوبات القانونية تجاه المخالفين لانظمة وقوانين السجل التجاري وعدم السماح لمكاتب تخليص المعاملات الرسمية بتخليص المعاملات الخاصة بالسجل التجاري، حيث اشتراط الحضور الشخصي لصاحب الطلب لانهاء اجراءاته مع الادارة.
لقد كان لهذه الاجراءات تأثيرها الواضح على السوق التجارية، حيث ادت هذه الاجراءات بجانب ادارة الهجرة الى تنشيط هذا القطاع الذي كان يعاني من المنافسة الشديدة من قبل العمال الاجانب المسرحة (فري فيزا) ومع ذلك فان الطريق لا يزال طويلا وبحاجة الى تضافر مزيد من الجهود وخاصة من قبل الأجهزة المعنية بدول المجلس لجهة وضع التشريعات التي تتناول هذه المشكلة من جذورها، علاوة على نظرة أكثر فاعلية لدور هذا القطاع، ولا سيما في اجتذاب السياحة وتشغيل الأيدي العاملة الوطنية.

حسن العالي