كانت عمان وما زالت القلعة الشامخة للسلام ومنبع رسالة وئام للعالم، فمنذ عقود مضت وإلى اليوم تبعث القلعة العمانية بحكمة قائدها المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ رسائل السلام للعالم بمواقف تبلور روح السلام والمحبة التي تنبع من عمق قلعة عمانية متأصلة بجذور التاريخ الانساني المحب للسلام العالمي والدولي والداعي إليه منذ عقود طويلة عبر رحلات التجارة التي قام بها العمانيون منذ سنين وما زالت تتجسد إلى اليوم.
فبينما تعصف بالعالم العربي والاسلامي وغيرها من دول العالم نوائب من حروب ودماء ودمار وخراب، وضعت السلطنة نفسها بعيدة عن صب الزيت على النار، لكنها في المقابل تضع جهودها السياسية وحنكتها الدبلوماسية لوقف بحر الدم الجاري والنزاعات عبر مد جسور الحوار ولم الفرقاء لانطلاق حوار وتفاهم من شانه وقف حمام الدم وعودة الاستقرار والسلام.
فمن الملف النووي الايراني مرورا بالملف السوري وإلى القضية اليمنية والصراع الدائر هناك، تحتضن مسقط العديد من اللقاءات الرامية إلى ايجاد مخرج لكل الازمات، ومنذ ان نجحت السلطنة في وضع اللبنة الاولى للاتفاق التاريخي بين إيران والقوى العظمى حول الملف النووي الايراني من خلال إعادة الحوار بين الاطراف، ها هو العالم اليوم يتنفس الصعداء بعد ان زال اكبر خلاف تاريخي حول ملف نووي لا يعلم العالم ماذا يكون عليه الوضع لولا التوصل الى الاتفاق، وبدور السلطنة التاريخي الواضح بصنع السلام بين هذه الدول وجهودها الصادقة نحو السلم العالمي فإن الشعب الايراني بأسره وكل شعوب العالم تدرك تماما اهمية وجود مثل هذه الادوار في صنع السلام للإنسانية.
وحول القضية السورية وحمام الدم والدمار الحاصل هناك، تمضي قلعة السلام العمانية في جهودها المعتادة لحلحلة الوضع هناك عبر لقاءات معلنة وغير معلنة ومنها بعيدة عن الصخب الإعلامي تمضي مع اطراف عدة لإيجاد مخرج وحل لهذه الازمة واضعة كل الامكانيات امام الحل السلمي بالتعاون مع عدة اطراف من شأنها المساهمة في ايجاد مخرج لهذه المعضلة ووقف كل المآسي التي تحصل بدولة عربية يذهب ضحيتها ابرياء يوميا.
اما الشأن اليمني فقد تعاطت معه السلطنة ومنذ البداية بشكل واضح وصريح ووقفت بشكل ثابت وصادق يؤكد رفضها التام لهدر قطرة دم بالتراب اليمني ومن كل الاطراف المتنازعة، ففتحت الابواب لكل الاطراف واحتضنت العديد من لقاءات التفاوض وحاولت عدة مرات لم الفرقاء بمسقط لايجاد صيغة معينة لوقف الحرب الدائرة وهي الى الآن ساعية وتواصل جهودها الرامية الى حل الازمة.
وفي ظل تواصل الازمة اليمنية تقدمت السلطنة بعدة مبادرات لانقاذ حياة الكثير من الاشخاص ، فاحتضنت الكثير من المصابين بالحرب باليمن وعالجتهم ومنهم من تواصل علاجه بالمستشفيات المرجعية الكبيرة بالسلطنة دونما تفريق لاي طرف ينتمي إليه هذا المصاب، وذلك من منطلق حسن الجوار وروح السلام التي تنبع من عمق القلعة العمانية.
وهناك الكثير من مواقف السلام والمحبة والتآخي التي ترسلها السلطنة، ومنها مواقف لا ترغب بذكرها او الاعلان عنها خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما تقدمه للشعب الفلسطيني، حيث تعتبر ان هذه القضية واجب من واجبات العروبة والانسانية، كذلك الحال بالنسبة لكثير من الدول.
وليس ما سبق هو كل مواقف السلطنة الرامية للسلام، فقد عرفت السلطنة وقبل ذلك بمواقفها الانسانية وحصلت على شهادات دولية وعالمية حول هذه المواقف ومنها حصول حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على جائزة السلام الدولية بعام 1998م، كما حصل جلالته ـ ابقاه الله ـ على جائزة السلام من الجمعية الدولية الروسية، وذلك تقديراً لجلالته في مجال خدمة السلم والتعاون، وفعل الخير على المستوى الدولي.
كما حققت السلطنة ولعامين متتاليين الترتيب الأول في معدل السلم والاستقرار على مستوى الدول العربية وشمال إفريقيا وفق مؤشر السلام العالمي "جلوبال بيس انديكس" لعام 2008م.
وفي عام 2007م حصلت السلطنة على جائزة السلام البيئية لعام 2007م والتي منحها مركز التعاون الأوروبي العربي تثميناً لجهود السلطنة ومواقفها في خدمة قضايا السلام والبيئة والتنمية.
ومع ما تبعثه قلعة السلام العمانية من رسائل حب ومودة وسلام للعالم عبر مؤسساتها وجمعياتها حققت السلطنة انجازاً عبر سفينة (شباب عمان) والتي توجت بجائزة الصداقة الدولية في هولندا عام 2008م لتضيف هذه السفينة للسلطنة انجازاً لما حققته قبل ذلك أربع مرات في دول مختلفة، نظير جهودها الرامية للسلام بين الشعوب بالعالم.
كما حصلت السلطنة على المرتبة الاولى عربيا والثالثة آسيويا والـ"22" على المستوى العالمي من حيث السلام والامن لعام 2008م من بين 121 دولة، وفقاً لتقرير وحدة الدراسات والمعلومات بمجلة الاقتصادي البريطانية حول الدليل العالمي.
هذه الرسائل التاريخية للسلام التي سجلها تاريخ الانسانية لقلعة السلام العمانية بأحرف من ذهب ستظل نبراسًا للفخر والاعتزاز ومصدر الهام للبشرية ترتوي من فيض معانيه وعبره ومستواه الراقي لمعزة الانسان وكرامته، وصون عيشه وحياته والمحافظة على استقراره من منطلق الكرامة الانسانية التي وهبها الخالق لبني آدم ليعيش في الارض ويعمر فيها وينمي ويبني، لا لكي يقتل ويدمر ويتناحر وينشر الفوضى في بقاع المعمورة.
ان وطناً كعمان وسلطاناً كقابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وشعباً كشعب عمان يحق له ان يفتخر ويفاخر ويبتهج ويعيش في سلام ووئام ويواصل بث رسائل السلام والمحبة للعالم، فدمت يا وطن العزة ودام قابوس المجد والرفعة وعاش شعب الشهامة والمروءة.

سهيل بن ناصر النهدي
[email protected]