[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أكثر إساءة للعرب أن يطلق على كارثتها الحالية اسم أو لقب ربيع .. بل لو رأيناه في المنام لاعتبرناه أقسى كابوس ممكن. تحلم الشعوب بالتغيير إذا ما عاشت محنة من يحكم، وهذا ما لا ينطبق على سوريا ولا أي بلد عربي .. لذلك سقطت أحلام الشعوب الجميلة إلى حين، يحكمها الآن كابوس لكنه واقعي وفي لحمها الحي.
الحلم الشعبي اليوم إذن، كيف الخلاص من الكابوس، والانتقال من الجرائم الفتاكة إلى الحرية المسلوبة .. من تكفير يجهز على الروح، إلى جسد تعود إليه الروح ليتنفس أوكسجينه بأعلى ما يملك من أمل .. حتى الأمل لم يعد واضحا بين ضباب الانحطاط السائد. هكذا باختصار صنعت أفلام سبقت هذه التجربة العربية المرة كي تكون مقدمة للقضاء على العرب ..
لا تملك شعوبنا العربية الآن سوى الإرادة، وهي جاهزة لقتال أعدائها وهي تقاتلهم، في العراق، وفي سوريا وفي لبنان وفي ليبيا وفي تونس وفي غيرها .. لن يتمكن أحد من مصادرة القوة العربية إذا ما تحركت فيها قدرتها على البوح، وبوحها هو التحكم بمصيرها ومن أجله لن تبخل ولن تتراجع .. وليكن الربيع الحقيقي يوم التخلص من التكفيري ومن حالة الانتقام التركي وبعض العربي والغربي، من الدولة العظمى الأميركية ومن أدواتها، من كل فاعل أجرم بحق الأمة وحاول أن يدخل اليأس إلى شعوبها المكافحة.
الكثير من الأقلام الصفراء توحي دائما بأن العرب إلى نهاية، لكنه الخطأ المدروس من أجل اللعب على روحهم المعطاءة .. تصوروا مثلا كيف قدم الجيش العربي السوري أكثر من ثمانين ألف شهيد، وقدم العراق في حربه ضد التكفير ومشتقاته الآلاف، وقدم حزب الله مئات وربما آلافا أيضا .. ومثله أبناء ليبيا، ومصر التي لن تتراجع عن غايات الثورة الحقيقية.
بعض مصابي حزب الله الموجودين في المستشفيات يروون أشكال القتال الذي يخوضونه .. أخبرني أحدهم أنه قاتل من متر إلى آخر، كان بينه وبين التكفيري مسافة لقاء الوجه بالوجه .. ألا تستحق تلك الأجساد الحية التي لها روح سماوية أن تنتصر على أعدائها وأن تسحق أجسادهم وقبلها أفكارهم التي تبث عالما من الدنس، وقد لا يكفي الأمر عند هذا الحد أيضا.
ما يصنعه المقاتلون من أبناء جيشنا السوري والعراقي واللبناني هو نشر الربيع الحقيقي في ربوع بلادنا وأن يترجم لدى أمتنا. إنهم يكتبون تاريخا مجيدا لم يحصل منذ سنين، إذ ثمة روح لصلاح الدين وبيبرس وقطز تهوم فوق الربوع، وثمة وجوه جميلة تنظر من عل لتملأ قلوب وعشاق الشهادة بالجسارة والتضحية. نحن عالم مشبع بالتاريخ، بروح الحرية، بالتقدم، يريدون لنا أن نتراجع إلى الخلف، أن يساء إلى مصير أجيالنا، أن يتمدد فينا التخلف وأن نشربه مع قلقنا وعذابنا.
لن يحدث شر في أمة تملك هكذا أبطال في سوريا والعراق ولبنان، وفي أكثر أمكنتها. وليس عفويا ما يحدث من نضال حقيقي، بل هو من صميم العطاء الذي يسجل لهذه الأمة على مر تاريخها لكنه اليوم يأخذ شكل التغيير الذي يلف كل أشكال الحياة العربية.