أنهى أبناؤنا الطلبة إجازتهم الدراسية التي بلغت قرابة شهرين ونيف، فعادوا إلى مقاعدهم الدراسية رغبة في طلب العلم، الذي يعد رأس مال لا يفنى، إذ العلم سلاح وقوة، حين يهب طالبه المعارف ويكسبه الخبرات ليزاحم به العلماء فيتسع وعاء طالب العلم ولا يضيق، في حين أن كل وعاء بما فيه يضيق ويختنق، هكذا صيغت مبادئنا التربوية التي يقوم عليها طالب العلم المجتهد حين تتجلى تلك المبادئ في سلوكياتهم وأخلاقهم وتعاملاتهم فيمشون أخلاقا بين أقرانهم ويعودون طلاب علم إلى منازلهم وديارهم، فعلينا في هذا المجتمع جميعا المشاركة في حمل رسالة التعليم، وأن نوصل رسالة تربوية لأبنائنا تنص على أن المرء يتعب من كل شيء ما عدا العلم، وأن المتاعب والعوائق هي أساسا جبال شامخة كلما ارتقينا عبر درجاتها تغلبنا عليها وحققنا أهدافنا، موقنين جميعا بأن الراحة والرخاء لا يدركان إلا بالمشقة والتعب.
ظهرت تجليات العام الدراسي الجديد حين عاش الآباء حالة من الطوارئ العلمي يقتنون ما لذ وطاب لأبنائهم تحقيقا لأهدافهم المدرسية، كما ازدانت طرقنا الفرعية والرئيسية مع بداية الأسبوع بحافلات المدارس وهي تحمل نصف مليون طالب وطالبة في أكثر من ألف مدرسة، يقرعون أجراس المدارس إيذانا بانطلاق عام جديد سيزهو على عمان في رحاب أكثر عطاء، حالمين بأمل جديد آخر سيشرق على مشارق البلاد ومغاربها فاغتنموا الفرص واكتسبوا المهارات، وضحى كثير من الطلبة خلال الإجازة بوقته طلبا للعلم، فهم قادرون على أن يفعلوا كل شيء لأجل عمان لأنهم يثقون بقدراتهم، الأمر الذي دفعهم إلى طلب النجاح والإجادة.
بما أن المجتمع سفينة يسهم الجميع في تسييرها؛ لذا يجب أن ندرك جميعا في هذا المجتمع مسؤولياتنا الجسام تجاه أبنائنا الطلبة، ونحدد واجباتنا إزاءهم، وعلينا في المجتمع تطوير مواهب الأبناء، فالإنسان لا يكون إنسانا إلا بالتربية الحسنة كما يجب أن نعلم كذلك بأن الناس مزودون بالمواهب والإمكانيات بقي علينا كآباء أن نتعلم كيف نحرك هذه الإمكانيات في أبنائنا الطلبة، كمعرفتنا المطلقة بتحريك قطعة السكر في كوب الشاي حتى نشعر بحلاوتها ولذتها فيتولد لدينا إحساس جميل بلذة كوب الشاي فكما يقال بأن جذور التربية مرة، أما ثمارها فلذيذة جدا.
انطلق العام الدراسي بثوبه الجديد يحمل فكرا ساميا، على أيدي معلمين صالحين نجتذب منهم الطرائق السليمة لنحيا حياة صالحة حين أصبح منهج المعلم فضيلة يبني بها سلالم المجد، فبات المعلم ناسكا انكب وانقطع لخدمة العلم كما انقطع الناسك لخدمة الدين، ذلك هو المعلم الصالح المخلص حين أضحى الإخلاص عملة نادرة في مجتمعات المادة.
تهنئة خاصة نبثها للأسرة التربوية في البلاد بمناسبة العودة الحميدة للمدارس وطلب العلم، فعسى بذلك أن نستغل الأوقات في تلقي العلوم ونيل المعالي، على أمل أن يكون الغد أفضل من الأمس، وأن تشرق ظلال المؤسسات التعليمية إشراقة تنعكس على المعلمين والطلبة في مدارسهم، متفائلين بالمؤسسات المعنية واستيعابها بأن المعلم حجر الزاوية التعليمية فيقع على عاتقه حمل جسيم في تكوينه وتأهيله بما يتناسب والمعطيات الحديثة في العلوم وكل عام وهمم المعلمين أكثر عزما وحفزا وأشد بأسا وتعزيزا.
وكل عام وطلبتنا في أحسن حال، وكل عام ومؤسساتنا التعليمية أكثر حرصا لصالح المعلم والطالب بما يحقق المسيرة التعليمية الناجعة في البلاد.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]