[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]

قد تكون الحقائق التي سأتحدث بها صادمة للكثيرين، لأن محطات توليد الطاقة الكهربائية لم تتعرض للقصف من قبل الطائرات الأميركية في حرب غزو العراق عام 2003 خلاف ما حصل في حرب 1991، عندما تم تدمير المحطات بالقصف الجوي والصاروخي، ولمن يعتقد خلاف ذلك أقول إن التيار الكهربائي في العراق لم ينقطع طيلة القصف الذي بدأ يوم التاسع عشر آذار- مارس عام 2003، إلا أنه قد انقطع يوم السابع من نيسان - أبريل وأعتقد الكثيرون أن الطائرات الأميركية قد استهدفت المحطات الرئيسية لتوليد الطاقة، إلا أن المفاجأة قد حصلت عندما عاد التيار الكهربائي يوم الثامن من أبريل - نيسان أي بعد يوم واحد، ثم انقطع التيار الكهربائي يوم التاسع من أبريل - نيسان ليدخل هذا التيار في غيبوبة تشبه الموت حتى اليوم.
واضح أن الأميركيين لم يستهدفوا الطاقة الكهربائية لأنهم اتخذوا القرار النهائي بغزو العراق ووضع الحكم تحت سيطرتهم.
إن كل ما تعرضت له محطات توليد الطاقة وبعض المنشآت هو أن قطعا إلكترونية قد تم نهبها من قبل اللصوص وضعاف النفوس، وكان بإمكان المسؤولين جلب قطع بديلة بالطائرات وبالسرعة الممكنة وبمبالغ زهيدة، لكن ذلك لم يحصل.
في عام 1991 تم إعادة التيار الكهربائي خلال ثلاثة أشهر؛ أي مع بداية صيف ذلك العام، ولم يكن مسموحا للعراق استيراد أي قطعة غيار ولا حتى أقلام الرصاص للطلبة، ونحن الآن دخلنا العام الثالث عشر ولم تتم معالجة حقيقة لهذا القطاع الهام، والفرق شاسع بين ثلاثة أشهر وثلاثة عشر عاما، وبينما كانت الحكومة مقيدة ومحاصرة في الوقت الذي تتلقى حكومات بعد 2003 مختلف أنواع الدعم ابتداء من أميركا وصولا إلى الدول الإقليمية والعربية والأوروبية واليابان وغيرها.
جميع المبالغ التي تم صرفها على قطاع الكهرباء وأعادت التيار الكهربائي خلال ثلاثة عشر عام (1991 - 2003) لا تتجاوز المليار ونصف المليار دولار، في حين تم صرف ما يزيد عن سبعين مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال ثلاثة عشر عاما أيضا دون أن تخرج الكهرباء من سرير الموت الذي رقدت بداخله في ظل الحكم الجديد في العراق.
لقد وضعوا التيار الكهربائي في خانة القتل العمد، وتسابق السياسيون والكتل والأحزاب للحصول على حقيبة الكهرباء منذ عام 2003؛ لأنهم يعرفون أن هذا القطاع بحاجة إلى ترميم وإعادة بناء، فهو العصب الرئيسي في الحياة، لكن ذلك السباق لم يكن بهدف توفير الخدمات للناس، وإنما للسرقة والاستحواذ على المبالغ الطائلة.
لقد أبقوا التيار الكهربائي في فراش الموت دون أن يدركوا أنه يحرق كل شيء، وأن صعقة الكهرباء قد تطيح بالكثيرين في لحظة واحدة.