ذكرتم سماحة الشيخ أن حفظ القرآن الكريم لا بد أن يقترن بالفهم وأن يكون فهماً عميقاً يصحبه التطبيق، هل تؤيدون إذاً في هذه الحالة أن يعتني المدرس بتحفيظ قدر معين من القرآن الكريم ثم يعمل جاهداً على ترجمته واقعياً في حياة هذا الطالب وتطبيقه ثم ينتقل بعد ذلك إلى الآخر؟
هذا المسلك كما قلنا كان عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلّم)، ومسلك أولئك هو خير المسالك لا ريب، أولئك كرعوا من بحار النبوة، واقتبسوا من أنوارها ، فهم أولى الناس بالاتباع، ولكن يتفاوت الناس، منهم من يكون الحفظ أسهل عنده، ومنهم من يكون الفهم أسهل عنده، فلا بد من مراعاة هذا التفاوت ما بين الناس، فمن كان أقدر على الحفظ والفهم يحتاج معه إلى وقت طويل يراعى هذا الجانب فيه، وكذلك إذا كان بعض الناس بإمكانهم أن تتفتح مداركهم لمعاني الكريم أكثر فأكثر فهؤلاء أيضاً يراعى جانبهم، وهذا لا يعني إهمال المنهج الذي يمكن أن تراعى هذه الجوانب كلها فيه.
هل يشترط الوضوء في سجود التلاوة؟ وإذا كان الشخص مارا في الطريق أو كان راكبا في السيارة فمر بآية السجدة فمتى يسجد؟
الأصح أنه لا بد من الوضوء في سجود التلاوة وإن كان العلماء في ذلك مختلفين ، والمار في الطريق يؤمر أن يسجد إذا أمكنه ذلك على الفور، وكذلك الراكب في السيارة يومئ في سجوده على الفور، وإن تعذر حتى مجرد الإيماء فإنهما يؤخران السجود إلى الوقت الذي يمكنهما فيه والله أعلم .
إذا مرت عليه سجدة في المصحف فأين يضع المصحف، هل يضعه على الأرض على الرغم من أنها طاهرة؟
المصحف يجب أن يصان، ونحن من وجدنا من علمائنا من يقول بأن الكتاب الذي فيه آيات من كتاب الله، وفيه أسماء لله تبارك وتعالى، وفيه علم نافع من حرمته أن لا يترك على الأرض ، بل يوضع على مكان مرتفع ، وهذا من تقدير العلم، ومن تعظيم أسماء الله تعالى وآياته ، فكيف بكلام الله تبارك وتعالى ، كيف بكتاب الله المنزل الذي هو كلامه يضعه الإنسان على الأرض حيثما يضع قدمه ، لا ينبغي أن يصدر ذلك ممن يعظم حرمات الله ويجلها بل عليه أن ينظر له مكاناً رفيعاً يضعه عليه، فإن لم يجد فليجعله تحت إبطه وليسجد ثم بعد ذلك ليمسكه بيديه، والله تعالى أعلم .
ضرب الفأل في القرآن الكريم هل له أساس شرعي؟
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد: فعلينا قبل كل شيء أن ندرك أن الغيب لا يعلمه إلا الله ، فالله سبحانه وتعالى يقول ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول)(الجـن 26 ـ 27) ، ويقول سبحانه وتعالى أيضاً ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل ـ 65) ، فاستشراف الغيب من خلال اطلاعٍ على آية ودلالة تلك الآية أمر لم تأت به سنة عن النبي (صلى الله عليه وسلّم)، ولا دل عليه دليل شرعي قط، أما كون الإنسان يتفاءل بأن يسمع آية مبشرة، ويتفاءل بأن يطّلع أول ما يطلع على آية مبشرة فإن النبي (صلى الله عليه وسلّم) كان يعجبه الفأل الحسن من كل شيء، سواءً كان من أسماء البشر أو من غيرها ، فكيف إذا كان هذا الفأل آية من كتاب الله ، فإن في سماع الإنسان ما يبشره بالخير من القرآن الكريم ما يدعوه إلى أن يمضي قدماً في سبيله وأن لا يتردد في ذلك.
والنبي (صلى الله عليه وسلّم) بقدر ما كان يتفاءل كان لا يتطير أي لا يتشاءم، كان بعيداً كل البعد عن التطير ، ولذلك قال (صلى الله عليه وسلّم) فيما وصّى به أمته (وإذا تطيرتم فلا ترجعوا)، ثم قال بعد ذكر وصاياه (وذلك آية ما بين المؤمن والمنافق)، فالإنسان لا يتطير ـ أي الإنسان المؤمن ـ وإنما يتفاءل يحب الفأل الحسن كما كان شأن الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، ويرضى بقسمة الله ، ويحرص دائماً على أن لا يكون متردداً عندما يريد الإقدام على خير.
فهذا هو الذي أراه فيما يتعلق باستشراف الغيب من خلال مراجعة الإنسان لشيء مما جاء في القرآن.

يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة : أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة