[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
اوكرانيا مثيرة للشهية لدى الاميركي والأوروبي، أليست هي المدخل للروح الروسية اذا اردنا ان نفهم معنى ان تكون موصى بها ان تظل روسية الهوى والفؤاد والمنى. فهل بتغير العالم يتغير الوجدان، ام ان الإحساس الخاطئ بما قد تفعله اوروبا لأوكرانيا جعل البعض مشدودا إلى وحدتها، أم هي الكذبة التاريخية التي تصدقها قوى في الداخل الاوكراني فتصير أوروبية اكثر من اي اوروبي قبل ان تعتنق " الاوروبية"، ام ثمة من لعب بالنار من الاوكرانيين ونجح ان يضرب عصفورين بحجر واحد: وجدان روسيا، والاقتراب من "نعيم" كاذب اسمه الوحدة الاوروبية.
في كل الأحوال ليس حس الانفصال شأن اوكرانيا وحدها، هنالك بعد مدة ليست طويلة ما ستحدده اوسكتلندا بانفصالها عن بريطانيا، وهنالك دائما ما هو مختبئ في قاع الشعوب من احاسيس انفصالية تتجسد احيانا على اشكال همسات ثم مطالبات ثم تخفت لتعود من جديد، باستثناء تلك التي دفعت يوغوسلافيا ثمنها فصارت يوغوسلافيات، دون ان ننسى ان ثمة معنى للانفصال في اسبانيا وفي ايطاليا وحتى في فرنسا.
صحيح ان اوروبا تتوحد، هي صورتها الخارجية، اما من الداخل فما زالت الاثنية والقومية والوطنية محرضا ويستحيل جمعها مع من توحدت معه أو اتخذت منه شريكا في الطريق الطويل الذي لن يوصل إلى الانصهار الصعب.
لكننا عربيا نعيش العكس، نحن خارج الوحدة، لكن كل داخل عربي متشوق إليها. نحارب الوحدة، لكن الاكثرية تأمل ان تصلها. صحيح ان علامات جديدة دخلت على خط الحياة العربية بعدما غزتها الأفكار التكفيرية التي هي خارج كل تفكير بمعناه الوحدوي، لأنها اشبه بقوى تبشيرية لكن بقوة السلاح والحراب وبعناوين كالذبح والفتك المباشر دون حكم أو محاكمة.
ومع ذلك، ينقسم السودان في لحظة فارقة من عمر امة تستند إلى حائط كان يصعب حصول ما حصل لولا ان الدنيا تغيرت وصار بالإمكان تثمير دعوات الانفصال كجزء من ثقافة امة، وهي في الحقيقة أمر دخيل يراد له التعميم. ففي اليمن مثال على ذلك، وفي العراق محاولات شاذة ليست من طبيعة البلاد لكن يجري فرضها كي تكون مستباحة في اماكن شبيهة كلبنان، وربما ليبيا.
من قال ان العالم الموحد لا يدري طبيعة الفرضية الوحدوية التي أصابته .. كأنما نحن امام استحالات الإجابة عن وقائع معاشة رغم ان ظاهرها في غاية الوضوح .. اذا عشت الوحدة فأنت تحبذ الانفصال، واذا عشت الانفصال فأنت ميال إلى الوحدة، تلك التناقضات التي هي سهلة الاإحساس، تبدو عالم هذا العالم.
ومع ذلك يقف الرئيس بوتين وكأنه على محك التجربة الجديدة التي لن يهضم مظاهرها. الرجل محشور في زاوية، هم يضربونه في جهازه العصبي طالما ان اوكرانيا تتدحرج لتخرج من كنفه إلى عالم قد تتحول فيه إلى عدو. مثال لا يرضاه فماذا يفعل وكل المخاوف ان هو هز العصا على اوكرانيا ان لا تتحرك القوى المضادة في موسكو وفي اماكن مختلفة من بلاده الواسعة.
محرج بوتين .. اذا كان جوابه السابق في جورجيا قد تحدد فور وقوع المشكلة، ففي اوكرانيا عنوان مختلف هي حالة من انعدام الوزن الأوكراني الذي يسمح له بفرض شروطه بالقوة، ولعل امله قد خاب حين صار يانكوفيتش خارج المساحة المتاحة روسيا.
لاعبون مهرة عرفوا ضيق مساحة اللعب الروسي، فنفذوا الأوامر على جناح السرعة تحت شعار أوروبي اميركي خادع اسمه المحافظة على وحدة اوكرانيا.