بعض الأمكنة في حقيقة الأمر تمثل بالنسبة للحراك الاجتماعي مزارا يوميا نتيجة لارتباطها بحياة أفراد المجتمع من الناحية الاقتصادية والتجارية والمعيشية وبالتالي فإن الاهتمام بها وتطويرها ورعايتها وتوفير أهم المقومات التي تبقيها محافظة على تفاعلها مع المجتمع سواء كان ذلك من خلال الشكل المعماري لها او تأمين ما تحتاجه من خدمات أمن وسلامة واُخرى مريحة للعاملين فيه ومرتادية، يفترض ان يكون في مقدمة أولويات الجهات المعنية ولعل من بين تلك الأمكنة سوق السيب المركزي للأسماك والذي ان لم يكن أهم فهو مساوٍ في الأهمية مع سوق مطرح نتيجة الكثافة السكانية التي شهدتها ولاية السيب على مدى السنوات الماضية فجعلتها هي الأعلى بين كل الولايات وعلى الرغم من احتضانها للكثير من الخدمات تعليمية كانت أم صحية أو اقتصادية وتجارية وخدمية إلا إن سوق الأسماك لم يشهد له تطوير سوى مظلة خارجية مكشوفة لاستقبال الأسماك وبيعها وزجاج بين المستهلك ومن يقوم بتقطيعها لمنع تطايرما ينتج عن التقطيع من بقايا ودماء على الزبائن والمارة.
كما أن سوق السمك بالسيب أقل ما يقال عنه إنه تنور لا يستطيع الزبون المكوث فيه لدقائق فما بالك بمجموع العاملين فيه وهم قماميط عمانيون الذين قدر لهم البقاء لساعات تحت سقف من الاسبيستو ومراوح تزيد التنور وهجا، وبالتالي فإنه وبهذه الحالة بعيد كل البعد عن إجراءات السلامة والصحة المهنية المفترض ان تتوفر لهذه الفئة من العاملين لحسابهم الخاص، والسؤال المطروح على الجهات المعنية لماذا حتى الآن على الرغم من إنشاء ميناء للصيادين وتجميل بعض المرافق السياحية وإنشاء سوق مركزي جديد للأسماك في الفليج ان لا يحظى هذا السوق بتكييف مركزي او حتى عادي ؟ يشعر العاملون فيه براحة في الأداء وجفاف من التعرق الذي يكاد في الوضع الحالي يغسل الأسماك التي يقطعونها وكذلك مرتادوه بسهولة الحركة ، فيما يرتدوه من ملابس، حتى وصل الحال ببعضهم الحضور ببجامة النوم لكي يخفف عنه وطأة شدة الحرارة داخل السوق في صيف تصل درجة الحرارة فوق ٤٥ درجة عوضا عن الرطوبة المصاحبة لها، صحيح أن العاملين في السوق لا يخضعون إلى نظام عمل وفق ضوابط وإجراءات واضحة ومحددة إلا ان ذلك يفترض ان لا يكون على حساب المستهلك، فما هو المانع لدى الجهات المعنية من تبني تنظيم عمل هذه المجموعة من المواطنين التي تسعى إلى كسب رزقها من هذا العمل الحر ؟.
إن الاهتمام بهذه المرافق ورعايتها وتأمينها بوسائل الراحة يعد من السمات الحضارية التي يفترض أن تمثل عنوانا لرقي وتقدم المجتمع، خاصة أنها مرافق خدمة تعمل بشكل يومي دون توقف وتشهد كثافة حركة من المستهلكين، على ان لا يكون هذا الاهتمام مقتصرا فقط على المرفق وإنما ايضا على العاملين فيه من خلال تنظيم الأداء الذي يقومون به من حيث توحيد اللباس الذي يرتدونه والأدوات التي يستخدمونها، وإصلاح مغاسل المياه التي تستخدم في تنظيف الأسماك قبل وأثناء التقطيع، لأن ما يستخدم حاليا وعاء (سطل) المياه المستخدمة فيه من كثرة تكرار استخدامها تحولت الى مياه سوداء عبارة عن دماء أسماك وعرق ودماء من يقوم بالتقطيع وأتربه كانت عالقة في السمكة، فهل هذا الوضع صحي لطرفي المعادلة المستهلك والقماط او من يقوم على تقديم الخدمة ؟.
وعلى الجانب الآخر وكما يرى البعض لماذا لا تتبنى الجهات المعنية هذه الفئة من العاملين في هذا المجال ؟ سواء من خلال دعمها ماديا او عن طريق منافذ التمويل الداعمة للمبادرات او إسناد العمل الى شركة تعيد ترميم السوق وتؤمن لكل واحد من العاملين الركن الذي يريح العامل نفسه والمستهلك ويقدم خدمة وبالتالي يكون هناك سوق سمك يواكب كل تلك الجهود التي بذلت في إنشاء ميناء حديث للصيادين، ويتماشى مع التجميل الذي شهده الشاطئ المجاور.

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]