في ظل تقارب المناسبات التي تستنزف جيب المستهلك
يعقوب الحبسي :أنماط الاستهلاك السلبية سبب الأزمات المالية لدى المستهلكين
موسى الرميمي :قلة الوعي وعدم التخطيط وراء زيادة النزعة الاستهلاكية
فهد المعشري: القناعة والاقتصاد في الإنفاق هو نصف العيش
شهر رمضان ومن ثم عيد الفطر والعام الدراسي الجديد وعيد الأضحى مناسبات تأتي متتالية حيث نقترب الآن من المناسبة الأخيرة، ويمر خلالها المستهلك باختبارات حقيقية لا ينجح كثير من المستهلكين في إدارة مصاريفها.
وبعد الارتفاع العالمي في الأسعار في السنوات الأخيرة وزيادة معدلات الاستهلاك لدرجة لا يكفي معها الراتب، وأصبحت الحاجة مُلحة لإيجاد مصدر دخل إضافي، صار كثير من الناس يفكر في الادخار والتوفير من أجل السيطرة على المصروفات وتلبية احتياجاتهم .. ولكن المشكلة أن هذه الأفكار تتبخر قبل ان تتحول الى حقيقة خلال الأسبوع الأول من استلام الراتب وان كثيراً من أساليب الادخار ليست إلا أوهامًا، لتجد الأسرة نفسها مضطرة للاستدانة لتغطية النفقات الشهرية. ويعتقد بعض الناس أن الادخار والتوفير لا يمكن إلا لأصحاب الرواتب العالية، إما أن يكون راتبك فوق الألف ريال أو إنك لا تدّخر! والحقيقة أنه لا يهم كم يكون راتبك فباستطاعتك الادخار دائماً .. كل ما عليك فعله هو التنظيم وضبط المصروفات بحيث تكون أقل من الدخل. فابدأ الادخار من الآن. ولكن لمعرفة الادخار من الضرورة ان يتعرف رب الأسرة اولا على اهمية التخطيط المالي ووجود ميزانية للأسرة والذي يساعد على تقرير أهداف المستهلك وتحديد حاجاته الفعلية والعيش حسب الإمكانات المادية المتوافرة، ويساعده على التطوير في التفكير ونوع المعيشة وإدارة الأموال على الوجه الأكمل. وبواسطة التخطيط المالي يصل المستهلك إلى ادخار جزء من المال وتحقيق الأمان المالي عند وقوع ظرف معين. الاستهلاك الرشيد وينصح موسى الرميمي بالابتعاد عن القروض الاستهلاكية مهما كانت الحاجة ماسة، لأن هذه القروض تقضي على الدخل، ويضيف موسى: ترك المستهلك وأُهمل زمناً طويلاً من ناحيتين، الأولى عدم التوعية والترغيب، وطرح برامج ادخارية مناسبة، والحث على الاستهلاك الرشيد، والناحية الثانية ترك الحبل على الغارب للقطاع الخاص، مصارف وغيرها، لطوفان الجذب الاستهلاكي، ولم يكن هناك من يحذِّر وينبِّه عن هذا الخطر. المنتجات الغالية ويؤكد انه من خلال قلة الوعي بأهمية التوفير والادخار وتغييب حق المستهلك في المعرفة سابقا أدى إلى زيادة طوفان النزعة الاستهلاكية. ويقول الرميمي لنه عند شراء مواد غذائية وسلع ذات علامة تجارية مسجّلة مشهورة، فإنّ هذا يعني أنك تدفع أموالاً إضافية، بينما يمكن أن تدفع مبلغًا أقل في المواد نفسها، لكن من (ماركة) غير معروفة. عليك دقة الاختيار بين شراء الماركات التجارية المعروفة، وبين توفير المال. فالكثير من المنتجات التي لا تحمل اسم علامة تجارية معروفة عالميًا لا تختلف كثيرًا في النوعية عن تلك المشهورة، ويمكن توفير الكثير من المال بالبحث عن أفضل البدائل منخفضة السعر لهذه الماركات المعروفة، لكن بشيء من التدقيق والذكاء، بحيث لا تشعر عائلتك بأي تغيير في العادات. وأضاف الرميمي إنه مبدأ معروف في عالـَم التسوّق، عند الشراء بالجملة ندفع أموالاً أقلّ من تلك التي ندفعها عند الشراء بالتجزئة، كما أنّ الكثير من المتاجر تعطي خصمًا إضافيًا عند شراء العبوات الأكبر حجمًا، لكن شراء الجملة أو العبوات الأكبر لا يصلح لجميع المنتجات المتعلقة بالغذاء. لذا عليك أن تحدد أولاً المواد الغذائية التي تستخدمها بصورة منتظمة وبكميات كبيرة، ثم احرص على شرائها بالجملة، وستوفر لك مبلغًا كبيرًا من المال. إضافة إلى تفعيل مبدأ التأجيل وذلك عندما تزيد لديكِ الرغبة في شراء الكماليات عليكِ بالتأجيل إلى الأسبوع القادم، ثمّ أجّل إلى الذي بعده. وستكتشف أنّ قطار الحياة يسير بالرغم من أنكِ لم تشتري الكثير من تلك الحاجيّات. نهاية الشهر ويؤكد فهد المعشري من جانبه أن نهاية الشهر تبدو كابوساً مرعباً بالنسبة لبعض المستهلكين عندما تكون أرصدتهم صفرا، ويكون الأمر أكثر إرعاباً إذا وقعوا في مأزق مادي فلم يجدوا سوى الديون ملجأً. ويضيف فهد: إن البساطة في مستوى المعيشة والبعد عن المباهاة للفت انتباه الآخرين، والاقتصاد في الإنفاق هو نصف العيش، كما أن الخدمات تقدمها الدولة مجاناً أو برسوم رمزية مثل العلاج ، والتعليم وغيره، حيث ينبغي على المستهلك الترشيد في الاستهلاك وإنفاق المال بحكمة ،كما يجب على الوالدين توعية الأبناء منذ الصغر بأن يكونوا لهم قدوة استهلاكية جيدة ،فيجب تعليم الطفل بكيفية المحافظة على ألعابه ، وإغلاق صنبور المياه وعدم اللعب بها . كما تستطيع الأسرة الاستفادة من وقت فراغها أو الإجازة السنوية، بأي عمل إضافي يجني دخلاً إضافياً على العائلة . ويرى فهد أن هناك عوامل تؤثر سلباً، مثل الشراء العشوائي بالتقسيط، والاستدانة بشكل متتالي، أو شراء حاجيات غالية الثمن من أجل التباهي أمام الأخرين مثل الأثاث والأجهزة الكهربائية الكمالية، حيث يمكن إعادة ترميم الأثاث القديم بدهانه مثلاً أو إعادة كسوته . وقال المعشري: أغلبنا لا يملك ميزانيَّة للأسرة واذا فكر يوما فيها فسوف يواجِه معوِّقات متعددة مثل عدم الرَّغْبة في إجراء تقييد نفسه وتغيير نَمط الحياة المعتاد، وهذا أمر خاطئ فلا نكن تقليديين نعيش كلَّ يوم بيومه، كما أن غياب الخبرة والمعرفة بالتَّخطيط أيضا سبب شائع لعدم تنظيم ميزانية للأسرة، ولكن إلى متى فالخبرة سوف تأتي، ما ان نبدأ. وأشار فهد إلى انه عندما تضطرب الأمور المالية تجد الأسرة نفسها مطالبة بسداد فواتير الهاتف والكهرباء ومصروفات مدارس الأبناء الأمر الذي قد يؤدي إلى أن تُشعل المشاجرات وتتوتر الأجواء الأسرية، وينصح المعشري بالتروي قبل الشراء وتنمية إحساس القناعة لدينا ولدى نسائنا وأطفالنا خاصة بسبب كم المغريات التي يتعرضون لها كل يوم من منتجات تمتلئ بها أرفف المحلات وتفيض بها الإعلانات والتي لا تعود الا بإرهاق ميزانية أي أسرة عادية. وأضاف أيضا يجب الابتعاد عن التنزه في الأسواق والمراكز التجارية فلا بد من تحديد الهدف من دخول السوق، فهل أنا حضرت للتسوق أم للشراء، فالأولى تعني أنني سأذهب فقط للاستمتاع بمشاهدة الجديد من البضائع والسلع، وهنا يجب ألا أحمل سيولة مالية كبيرة تدفعني لتغيير هدفي بسبب مغريات المعروض، بينما الثانية تعني أنني ذاهب لأشتري، وهنا يجب أن أحدد سلفاً ما سأشتريه. الاستهلاك العشوائي ويرى يعقوب بن خميس الحبسي أن انعدام ثقافة الادخار فرض هيمنتها على الأفراد حيث نرى أنّ الأغلب الأعم يلجأ لتيسير أموره وإيفاء متطلباته عن طريق التمويل والاستدانة ، والكثير من الشباب وأرباب الأسر لديه أنماط استهلاكية سلبية، تلاحظ من خلال اتجاهه لاستهلاك حاجيات ثانوية ليست ضرورية، مما يؤدي إلى الوقوع بأزمات مالية نهاية كل شهر. وأضاف: نشاهد أن سلوكيات الأفراد في الاستهلاك لا تعتمد على أطر اقتصادية سليمة، إذ تسيطر عليها نزعة الفوضى والهدر العشوائي في المال نتيجة غياب التخطيط المالي والاعتماد الكلي على مصادر أخرى في التوفير للمتطلبات، ولا شكّ أنّ غياب ثقافة الادخار لدى كثير من الأسر يعود إلى ضعف ثقافة الوعي، وأنّ البعض يعيش في مستوى مالي متضخم جداً، مما يجعله يفرط في استنزاف الكثير من الأموال دون حاجة، في المقابل فإن ذوي الدخل المحدود نجدهم مقلدين في الاستهلاك رغم عدم الحاجة، وجعل الكثير منهم يعاني من عدم القدرة على إيجاد مردود مادي مدخر يعينه وقت الظروف الطارئة. وينصح الحبسي بالابتعاد عن القروض الاستهلاكية مهما كانت الحاجة ماسة، لأن هذه القروض تقضي على الدخل. ويضيف: ترك المستهلك وأُهمل زمناً طويلاً من ناحيتين، الأولى عدم التوعية والترغيب، وطرح برامج ادخارية مناسبة، والحث على الاستهلاك الرشيد، والناحية الثانية ترك الحبل على الغارب للقطاع الخاص، مصارف وغيرها، لطوفان الجذب الاستهلاكي، ولم يكن هناك من يحذِّر وينبِّه عن هذا الخطر. المستشار المالي للأفراد مصاريفنا تحت دائرة الضوء قال علي بن خالد الشرجي ، مستشار مالي للأفراد: قبل اسابيع انتهينا من مصاريف الاجازة الصيفية, وشهر رمضان, والاعياد وموسم الأعراس والعودة للمدارس, والآن مقبلين على مصاريف العيد، كل هذه المصاريف تأتي تقريباً في فترة زمنية متقاربة، وبالإضافة لهذه المصاريف الموسمية عندنا إلتزماتنا الشهرية من اقساط شهرية وقروض مستحقة الدفع، وكل هذا يضغط على الراتب بشكل كبير. وأشار إلى أن الكثير من المناسبات الاجتماعية أصبحت مرتبطة بالتزام مادي على الناس، وأصبح الشخص الواحد يتحمل مصاريف مناسبات اجتماعية، وعندما تكون هذه المناسبات في فترة زمنية متقاربة، يكون هناك ضغطاً كبيراً على الشخص، وفي غياب ميزانية معمولة بشكل جيد قد يتفاجئ بعض الناس بإنهم غير قدرين على الوفاء بالالتزامات المطلوبة منهم، حيث يلجاء الواحد لقرض بنكي ليوفر السيولة “وهل هذا هو الحل”، وخاصة ان هذه المناسبات تتكرر بشكل سنوي، فيجب علينا ايجاد حل دائم حتى لا نتعرض لهذه الازمات بشكل سنوي، كيف تتصرف في هذه الظروف هو هذا محور حديثنا اليوم، وأول أمر لابد منه هو وضع ميزانية وفي أعلا القائمة تحدد البنود الإضافية (العودة للمدارس، مصاريف العيد …..الخ) فهذه المناسبات من رمضان، العيد، الاجازة الصيفية، الاعراس ليست مناسبات شهرية، بل موسمية. وقال: ومن خلال هذه الميزانية سيكون لدينا رؤية على قدرتنا المالية وسنتعرف على العجز في الميزانية (إذا كان هناك عجز)، أول ما تضح على الميزانية هي القروض المستحقة الدفع، لابد عليك أن تتفهم ظروف الناس، فالناس تنتظر مبالغ مستحقة في الموعد المتفق عليه وعمل حساباتها على كذا، ومن ثم تضح ميزانية المصاريف المدرسية، ومصاريف عيد الاضحى .. وعندما تحدد قائمة المشتريات الخاصة بمصاريف العودة للمدارس، حدد السلع الرئيسية اولا، ومن ثم الكماليات ويمكنك معالجة ضعف الميزانية من خلال الحلول المقترحة التالية، حول اعادة استخدام الادوات المدرسية للعام الماضي من الحقائب المدرسية، الأقلام، الدفاتر، الألوان غير المستعملة، والمقترح الثاني تأجيل شراء بعض الأدوات المدرسية إلى الشهر القادم، فهدفك الآن هو توفير الحاجات الاساسية وفي الشهر القادم يمكنك معالجة الحاجات المتبقية، وبعد ذلك تضع مستلزمات العيد، وحدد ميزانية العيد على أن تكون ما انت بحاجة له وابتعد عن ما لا تستطيع عليه وليس بحاجه له، وتذكر بأنك تستطيع قيادة أمورك المالية من خلال التواصل الجيد بين افراد الاسرة والاتفاق على آلية التعامل مع المستلزمات الخاصة بالأيام القادمة.