كييف ـ عواصم ـ وكالات: توالت أمس ردود الأفعال الداخلية والخارجية بشأن التغيرات السياسية في أوكرانية عقب تنحي فيكتور يانكوفيتش, وشهدت شبه جزيرة القرم ذات الحكم الذاتي صدامات عنيفة بين المؤيدين والمعارضين للسلطة الجديدة حيث يخشى من تنامي النزاعات الانفصالية, فيما تأهبت القوات الروسية المرابطة على الحدود الغربية المقابلة لأوكرانيا حيث تفقدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, بانتظار اعلان تشكيل الحكومة الانتقالية اليوم.
وشهدت مناطق الحكم الذاتي في شبه جزيرة القَرم صدامات بين متظاهرين مناهضين ومؤيدين السلطات الاوكرانية الجديدة في سيمفيروبول عاصمة القَرم ، فيما كان رئيس البرلمان المحلي يعلن رفض اي نقاش حول احتمال الانفصال.
وتبادل المتظاهرون، وعددهم الآلاف من كل جانب، بعض اللكمات وكثيرا من الشتائم، ورفع بعض منهم اعلاما روسية، قبل ان تشكل الشرطة طوقا امنيا للفصل بين الطرفين امام البرلمان المحلي في سيمفيروبول.
وفي السياق ذاته طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس باجراء عملية تفقد مفاجئة للقوات في المناطق العسكرية في الغرب والوسط القريبة من اوكرانيا، للتأكد من جهوزيتها للقتال، كما اعلن وزير الدفاع سيرغي شويغو.
ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن شويغو قوله "كلف القائد الاعلى التأكد من جهوزية القوات للتحرك من اجل مواجهة اوضاع متأزمة تهدد الامن العسكري ".
واضاف ان القوات في منطقة الغرب - اراض شاسعة على حدود اوكرانيا وبيلاروسيا ودول البلطيق وفنلندا والقطب الشمالي- والجيش الثاني لمنطقة الوسط العسكرية وقيادة الدفاع الفضائي والقوات المجوقلة "قد وضعت في حالة تأهب.
واوضح ان العملية ستستمر حتى الثالث من مارس.
ويأتي هذا الاعلان في خضم الازمة في اوكرانيا التي تقلق السلطات الروسية.
الا ان بوتين امر في السابق مرارا باجراء عمليات تفقد مفاجئة للقوات الروسية منذ عودته الى الكرملين في 2012، وتمت عملية التفقد الاخيرة للقوات في اقصى الشرق في يوليو الماضي.
وقد ترأس بوتين اجتماعا لمجلس الامن الروسي لمناقشة الوضع في اوكرانيا.
ولم يتخذ بوتين حتى الان موقفا علنيا من اقالة الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش ووصول سلطة جديدة في كييف.
ورأى رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف الاثنين انه "سيكون منافيا للمنطق اعتبار ما هو في الواقع نتيجة تمرد شرعيا". واضاف "سيكون من الصعب ان نتعامل مع حكومة كهذه".
سياسيا: قدمت السلطات الجديدة تشكيلة الحكومة الانتقالية وتواصل جهودها للنهوض بالوضع الاقتصادي المتردي حيث تواجه مخاطر الافلاس وتيارات انفصالية فيما تم حل قوات الشرطة الخاصة التي قمعت المتظاهرين.
وكشف مجلس الميدان الذي يضم ابرز قادة المعارضة وممثلي المجتمع المدني ومجموعات ثورية، في ساحة الاستقلال عن تشكيلة الحكومة الانتقالية الجديدة التي ستتسلم مقاليد الحكم حتى اجراء الانتخابات الرئاسية في 25 مايو.
وقال النائب فاليري باتسكان على موقع حزبه "اودار" الالكتروني ان التشكيلة ستعلن امام المتظاهرين في ساحة الاستقلال في كييف مركز الحركة الاحتجاجية التي يحتلها المتظاهرون منذ اكثر من ثلاثة اشهر.
و"اودار" (ضربة) هو حزب فيتالي كليتشكو بطل العالم السابق في الملاكمة الذي اصبح احد قادة المعارضة واعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 مايو.
وفي انتظار ذلك، اعلن وزير الداخلية الاوكراني الانتقالي حل القوات الخاصة لمكافحة الشغب "بيركوت" التي كان يخشاها المتظاهرون ويكنون لها مشاعر الحقد.
وكتب الوزير ارسين افاكوف على صحفته على فيسبوك "ان بيركوت لم تعد موجودة" مضيفا "لقد وقعت المرسوم رقم 144 بتاريخ 25 فبراير 2014 المتعلق بحل وحدات الشرطة الخاصة بيركوت".
وكانت هذه الوحدة رأس حربة القمع ضد المعارضين في اوكرانيا ونشرت لها صور وهي تطلق الرصاص الحي على الحشود.
وكان من السهل التعرف على عناصر هذه الوحدة بسبب بزاتهم المختلفة عن بقية وحدات الشرطة والتي كانت عليها شارة نسر ابيض (بيركوت تعني النسر الملكي بالاوكرانية).
وسيعقد البرلمان جلسة جديدة اليوم. وفي مؤشر الى صعوبة التوصل الى تسوية، ارجأ البرلمان الى الخميس تعيين الحكومة الذي كان مقررا أمس الاول وقال الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف متوجها للبرلمان "يجب اتخاذ القرار الخميس لا يمكن الانتظار اكثر".
والشخصيات التي ترد اسماؤها بشكل متكرر لمنصب رئيس الوزراء هم المصرفي وزعيم الحركة الاحتجاجية ارسيني ياتسينيوك والثري المعارض بيترو بوروشنكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو.
غير ان تيموشنكو اعلنت من قبل انها غير مهتمة بالمنصب وتستعد للتوجه الى المانيا لتلقي العلاج.
اما بطل العالم السابق للملاكمة فيتالي كليتشكو الذي اصبح من قادة الاحتجاجات فاعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 مايو.
كذلك اعلن حاكم منطقة خاركيف الموالي لروسيا ميخايلو دوبكين ترشيحه للرئاسة.
من جهة اخرى دعا الرئيس بالوكالة الى "وضع حد فورا للمظاهر الانفصالية الخطيرة" بدون ان يذكر حالات محددة. وفي سيباستوبول وسيمفيروبول في شبه جزيرة القرم الموالية لروسيا، جرت تظاهرات تاييد لموسكو شارك فيها مئات الاشخاص.
كما اعربت الولايات المتحدة وبريطانيا عن دعمهما لاوكرانيا ، وقالتا انه يجب الا ينظر الى اوكرانيا على انها ساحة حرب بين الشرق والغرب.
كما اعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج عقب محادثات مع نظيره الاميركي جون كيري عن دعمه لوحدة الاراضي الاوكرانية وسط مخاوف من انقسام هذا البلد.
وقال كيري عقب لقائه هيغ في مبنى وزارة الخارجية الاميركية "هذه ليست منافسة، وليست مواجهة بين الغرب والشرق".
وقال ان "هذا الامر يتعلق بشعب اوكرانيا وخياره للمستقبل".
ومن ناحيته اكد هيج ان اوكرانيا "بلد يحتاج الى مساعدة مالية من العديد من المصادر بما فيها روسيا. فالامر لا يتعلق بالابتعاد عن روسيا، بل بتمكين (الاوكرانيين) من تحقيق خياراتهم".
والتقى هيج انه سيلتقي مع قادة من صندوق النقد الدولي في واشنطن. مؤكدا ان الصندوق هو افضل مصدر لتوفير المساعدة الفنية والمالية الفورية التي تحتاجها اوكرانيا.
وقال ان اوكرانيا يجب ان تكون "قادرة على تلبية شروط تلك المساعدة، ولذلك من المهم تطبيق اصلاحات اقتصادية".
واضاف "من المؤكد انه ليس في مصلحة روسيا ان تواجه اوكرانيا انهيارا اقتصاديا".
ودعا هيج قادة الحكومة الاوكرانية الانتقالية الى "تشكيل حكومة شاملة تشمل اشخاصا من مختلف أنحاء اوكرانيا بما في ذلك من شرق وجنوب اوكرانيا، ومن المهم ان يتمكن الاوكرانيون من اتخاذ هذه القرارات معا".
واضاف "نريد ان نرسل دعمنا القوي لوحدة أراضي أوكرانيا".