"التراث والثقافة" تقوم بدور هام في جمع كنوزها وحفظها ودراستها وترميمها
خطة طموحة بـ"التراث والثقافة" لاقتناء المخطوطات من شتى أنحاء السلطنة بشرائها والمبادلة بها
الاهتمام بإعداد الفهارس العلمية الشاملة لجميع المخطوطات لحصرها وتوثيقها وتحديد هويتها

نظام الأرشفة الرقمية للمخطوطات أهم ركائز حمايتها والحفاظ عليها من التلف والضياع لإحياء التراث الفكري العريق
تُعد المخطوطات صورة حية لنتاج الفكر الإنساني في مجالات العلم والمعرفة، بشتى فنونها وفروعها، وسلطنة عُمان كغيرها من الأوطان تفاخر بوجود وثائق ومخطوطات مهمة ونادرة، تمثلت في مصنفات الفقهاء ودواوين الشعراء، وتجارب العلماء واستنتاجاتهم، وفيها تكمن روح الحياة الثقافية والمعرفية التي عاشها أولئك الصفوة من المؤلفين طوال القرون الماضية.

اهتمام
اهتمت وزارة التراث والثقافة بجمع التراث الثقافي والفكري، باعتبارها إحدى الركائز المهمة في قطاع التراث، ويتمثل دورها في المخطوطات والوثائق ومتعلقاتها، وما تختص به من جمع وتوثيق وأرشفة وترميم لهذه النفائس الورقية، والعصارة الفكرية للعقول والألباب، التي يعز نظيرها في التراث الثقافي للإنسان العُماني.

دور هام
وتقوم الوزارة بدور يتمثل في جمع هذه الكنوز من مضامينها، كمكتبات المواطنين الشخصية، وحفظها ودراستها وترميم المتعرض منه لحالات التلف، كتهتك الأوراق، واندماجها مع بعضها بفعل الرطوبة، وتراكم الأتربة، نتيجة سوء مكان حفظها، وقد أنيط هذا الدور إلى دائرة المخطوطات بالوزارة، التي تمكنت من جمع 5000 مخطوطة تقريبا خلال السنوات الماضية، وهي بأقلام نُساخ عُمانيين هم اليوم بمثابة الرواد في فن الكتابة والزخرفة، لاستخدامهم أقلاما وأحبارا مصنعة محليا.

خطة طموحة
من جانب آخر فقد نفذت الوزارة خطة طموحة لاقتناء المخطوطات من شتى أنحاء السلطنة، وذلك بشرائها والمبادلة بها بالكتب التي تصدر عن الوزارة، وبحس ثقافي جميل قدم الكثير من المواطنين ما لديهم من مخطوطات للوزارة، وشعورهم أنها ملك وطني يتشارك المواطن والوزارة في الحفاظ عليه والنهوض به، واستطاعت الوزارة استقطاب أكاديميين وباحثين لتحقيق المخطوطات وطباعتها بعد ذلك، وقد أحدثت طباعة ونشر المخطوطات العُمانية منذ مطلع الثمانينات الماضية وعلى نفقة الوزارة حراكا في الساحة الثقافية العُمانية، وتزودت منها المؤسسات التعليمية والتربوية، الأمر الذي نتج عنه ثراء في البحوث المتخصصة في المجالات الإنسانية، ووصل عدد ما تم إصداره خلال السنوات الماضية ما يزيد على 750 إصدارا في مختلف فروع المعرفة.
كما أن دائرة المخطوطات بالوزارة تحرص سنوياً على مشاركتها في الأسابيع الثقافية العربية والعالمية، بالإضافة إلى حرصها على المشاركة في المعارض الدولية للكتاب لما لها من أهمية قصوى في نشر الكتاب العُماني وإبراز كل هذا النتاج الفكري الذي أبدع به العُمانيون في مختلف العلوم.

إعداد الفهارس العلمية الشاملة
أولت دائرة المخطوطات بوزارة التراث والثقافة اهتماماً في إعداد الفهارس العلمية الشاملة لجميع المخطوطات، التي يقوم بجمعها وتبويبها باحثون عُمانيون مختصون، وقد دشن مشروع الفهرسة مع بداية التسعينات، وصدرت عنه عدة مجلدات طبعت تباعا، وفق خطة مدروسة، حيث يتألف كل مجلد من قسمين أساسيين، الأول في وصف حال المخطوطة المفهرسة، والثاني يتضمن كشفا بأسماء المؤلفين والعناوين وأسماء النساخ، وتم ترتيب بيانات المخطوطات هجائيا، حسب أسماء المؤلفين، مع اعتماد الاسم المشهور لكل مؤلف، واختيار اسم الشهرة، أما المخطوطات التي لم يعرف لها مؤلف فقد رتبت هجائيا بعناوينها، سواء أكان العنوان أصليا أو تمت صياغته من قبل المفهرس.
ويهدف هذا المشروع إلى حصر وتوثيق المخطوطات، وتحديد هوية كل مخطوط بالتحقق من محتواه ونسبته إلى مؤلفه وإبراز موضوعه، وفي هذا تعريف للعلماء والباحثين والدارسين بالمخطوطات العُمانية وتسهيل لهم في البحث عن مخطوط بعينه.
ومنذ بداية المشروع تم إنجاز خمسة أجزاء من هذه الفهارس، وما زال العمل قائما على فهرسة مخطوطات الفقه، كما تم الانتهاء من فهرسة مخطوط "بيان الشرع" والذي بلغ أكثر من 770 صفحة، وكذلك الانتهاء من فهرسة مخطوط "المصنف"، وتتميز فهرسة كتب الفقه بذكر كل ما يتعلق بالمخطوط، من تقييدات تفيد الباحثين والدارسين على حد سواء، لما لها من أهمية تاريخية ومادة مفيدة.

ترميم المخطوطات
تعمل الدائرة الفنية بوزارة التراث والثقافة بمهمة ترميم ومعالجة المخطوطات، وحفظها وأرشفتها، وهو عمل ضروري من شأنه أن يحافظ على بقاء الوثائق المخطوطات زمنا طويلا، وتبدأ خطة ترميم وصيانة المخطوطات بالتعقيم ثم التنظيف اليدوي والكيميائي، ثم التدعيم الصمغي والحراري، وتعويض الأجزاء المفقودة في الأوراق، وتنتهي بتجليدها، وتتفاوت المدة التي تحتاجها كل مخطوطة من الترميم، بحسب حالة الورق، من جانب آخر تشمل خطط الترميم المخطوطات التي يمتلكها المواطنون، وتعريفهم بآليات وقايتها وحفظها السليم.

رقمنة المخطوطات
بدأت الدائرة الفنية بوزارة التراث والثقافة أيضا بالعمل على مشروع رقمنة المخطوطات بتصويرها رقميا، ويعتبر نظام الأرشفة الرقمية للمخطوطات واحداً من أهم ركائز حماية المخطوطات والحفاظ عليها من التلف والضياع لإحياء التراث الفكري العريق بما يضمن وصوله للأجيال القادمة ليتسنى لها الاستفادة منها. فالتطور المستمر في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أبصر النور عن المساحات الضوئية بمختلف أنواعها، فأصبحت الفرصة مواتية للاستفادة من تلك الماسحات لتحقيق التنمية التراثية للمخطوطات.
ويتكون مشروع رقمنة وفهرسة وأرشفة المخطوطات من مرحلتين أساسيتين:
* المرحلة الأولى: التصوير الضوئي للمخطوطات وأرشفتها رقميا ً.
أولا: خطوات التصوير الضوئي للمخطوطات، اشتملت على المسح الضوئي للمخطوطات، ومراجعة جودة المسح الضوئي، وفهرسة المخطوطات المصورة، والحفظ والتخزين.
ومنذ البدء في تنفيذ هذا المشروع عام2009 تم تصوير 3000 مخطوطة وكل مخطوطة على ثلاث صيغ إلكترونية مختلفة.
ثانيا: مميزات المسح الضوئي للمخطوطات، تمثلت في تصوير ملون (صورة طبق الأصل)، وسرعة التصوير والحفظ، ودقة وضوح الصورة، وكذلك سهولة التداول والاسترجاع.
ثالثا: الرؤية المستقبلية للمرحلة الأولى:
الهدف - حماية المخطوطات المصورة رقميا تحسبا ًلحدوث أمر طارئ قد ينتج عنه إتلاف النسخ الكترونية الموجودة في الوزارة. - حفظ نسختين على الأقل من النسخة الالكترونية للمخطوطات المصورة في أماكن بعيدة عن الوزارة. - التعريف بموروثنا الفكري العريق.
- خدمة الباحثين والمهتمين. - نشر المخطوطات على شبكة المعلومات العالمية (الانترنت). - تحقيق عائد مالي يستغل لخدمة المشروع.
- بيع نسخ إلكترونية للباحثين والمهتمين الراغبين للاستفادة من المخطوطات. * المرحلة الثانية: نشر المخطوطات على شبكة المعلومات العالمية (الانترنت).
إن مشروع رقمنة وفهرسة وأرشفة المخطوطات لن يكتمل بناؤه بعد، ولن تتحقق أهدافه إلا بالبدء بتنفيذ المرحلة الثانية، وتطمح الوزارة مستقبلا إلى نشر المخطوطات على شبكة المعلومات العالمية (الانترنت)، وذلك للتعريف بها والاطلاع عليها للاستفادة منها وفق ضوابط معتمدة بما يضمن أمن وسلامة المخطوطات وحقوق ملكيتها، فنشر التراث الفكري العُماني العريق على الإنترنت من شأنه أن يثري ويرتقي بالمحتوى الإلكتروني العربي وذلك دلالة على مكانة وعراقة هذا الكنز الثمين.