أقامها النادي الثقافي بالمركز الترفيهي بولاية منح

منح من ـ سالم بن خليفة البوسعيدي :
ضمن فعاليات نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية أقام النادي الثقافي بالتعاون مع الجمعية العمانية للفنون التشكيلية مساء أمس الأول ندوة بعنوان: الفن التشكيلي في عمان "دراسات في خطاب العمل الفني وثقافته" وذلك بالمركز الترفيهي بولاية منح، حيث أقيمت الندوة تحت رعاية السيد طارق بن محمود البوسعيدي نائب والي منح وتناولت خمسة محاور تطرق المحور الأول الذي قدمته الدكتورة فخرية اليحيائية بالنيابة عن الدكتور وسام عبدالمولى إلى نقد الفنون التشكيلية "العمل الفني والمتلقي ودور الناقد" ويتعلق موضوع هذا البحث بدراسة أهم المراجع التي تناولت بالقراءة والنقد لمجموعة مهمة من الفنانين التشكيليين العمانيين من خلال نموذج كتاب "الفن التشكيلي في عُمان" لمؤلفيه الدكتورة فخرية اليحيائية والدكتور محمد العامري، و كتاب "الفن التشكيلي المعاصر في عُمان" لمؤلفه شوكت الربيعي، وأخيرا كتاب "الفن التشكيلي العماني: واقع الممارسة ومداخل التجريب" وهو عبارة عن حصاد الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي في محافظة مسقط عام 2011 بالتعاون مع الجمعية العمانية للفنون التشكيلية في 13 فبراير.
تم اختيار هذه الكتب الثلاثة لعدة أسباب منها: أن الكتابات النقدية وقراءة وتحليل الأعمال الفنية وحتى مسيرة الفنان في عمان لم تنل من الدارس العناية التي نالتها مجالات معرفية وفنية أخرى مرتبطة بالنقد، وان التفكير في النقد الفني يتيح تحليل العلاقة بين النقد والفن، والاهتمام بنقد أعمال الفنانين التشكيليين أو الممارسة الفنية لبعض التشكيليين يساعد على امتلاك وعي بالممارسة النقدية في أسسها وخصائصها وشروطها حتى تصبح موضوع بحث وتأمل نظري كما أن اختيار هذه الكتب إنما تم لان مجموعة المؤلفين هم مختصون في هذا المجال من فنانين وممارسين وأساتذة جامعيين في الفنون والتربية الفنية.
بينما قدم الفنان التشكيلي عبدالكريم الميمني في المحور الثاني "الثقافة في الفن التشكيلي في عمان" وقال: تعتبر الثقافة التشكيلية في المجتمعات مطلب غاية في الأهمية وإذا ما فُقِدَ ظهرت آثاره السلبية على النتاجات الفنية لدى ممارسي الفن التشكيلي وعلى جمهور المتلقين للأعمال الفنية على حدٍ سواء بسبب نقص المعرفة التي ستنتج حول ما يتراءى أمامهم من أعمال فنية متنوعة الأساليب والاتجاهات وما يستجد في عالم الفن التشكيلي من تطورات فنية تفاجئ الجمهور بحداثتها فيقفون أمامها حيارى وعلامات الاندهاش بادية على الوجوه للتغيير الذي حدث على كثير من الأساليب الفنية التي اعتادوا النظر إليها ومنهم من يسأل من بجواره في المعرض ليستنير بمعرفته عما يشاهد من غموض فيجده لا يملك من قوة المعرفة في هذا الجانب شيئا وتبدأ عندها علامات الضياع في فلك الفن التشكيلي واتجاهاته التي باتت لدى الكثير منهم غير واضحة المعالم مشيرا كذلك إلى تعريف المثقف تشكيلياً ومصادر الثقافة التشكيلية وأثر نماء الثقافة التشكيلية على الفنان والمسؤول والمجتمع وواقع الثقافة التشكيلية في السلطنة.
وجاء المحور الثالث بعنوان التسامح والقيم المجتمعية في الفن التشكيلي في عمان للدكتور بدر المعمري قدم فيه رؤية الفن التشكيلي في عمان فيما يخص تعاطيه مع قيمة "التسامح المجتمعي" مستشهدا بنماذج من الفن التشكيلي العماني المعاصر كما أشار فيه الى أنه في عالم عربي تطغى عليه الاستقطابات من جميع الأطراف بات أمر "التسامح المجتمعي" ضرورة وليس ترفا اجتماعيا. يذكر أن في عام 1995 وعندما اختفى التسامح من بقاع كثيرة حول العالم قدمت اليونسكو إعلانا خاصا بالتسامح وسمت ذلك العام بعام التسامح. هو الإنسان كذلك إذا ما شعر بالخطر يلجأ إلى سن القوانين وتطبيقها، إلا أن دور المؤسسات لم يكن كافيا، فكان دور وسائط الفن والثقافة (السينما ـ الفن التشكيلي ـ الأدب) دورا تكميليا بالغ الأهمية لإعلاء قيمة التسامح المجتمعي اليوم. وفيما يخص دور الفن التشكيلي دأبت الكثير من التجارب الفنية في عمان إلى المضي قدما في تقديم نماذج ذهبت لتلامس مبدأ التسامح وتدعو إليه إلى أن امتد تأثيرها خارج حدود السلطنة.
واستعرض المحور الرابع الذي قدمه الدكتور سلمان الحجري، المدرسة الحروفية في عمان "قراءات تذوقيه في تجارب معاصرة لبعض الفنانين الحروفيين" حيث هدفت الدراسة إلى التعرف على الحركة الحروفية العربية المعاصرة واستكشاف مدى تأثير بعض التجارب الحروفية العُمانية في بلورة خطاب جمالي ذي قيمة حضارية عالية من خلال الاطلاع على تجارب بعض الفنانين الحروفيين في الوطن العربي بشكل عام وفي عُمان بشكل خاص، كما تناولت الورقة بعض الجوانب الجمالية والوظيفية والتعبيرية للحرف العربي كأيقونة اتصال متفردة لها مكانتها الخاصة في اللغة البصرية المعاصرة وكأحد أهم رموز الفن الإسلامي مشيرا إلى أن هـذه الدراسة اتبعت المنهجية الوصفية التحليلية من خلال تناول المفاهيم قيد الدراسة بالوصف والتحليل للأعمال الفنية لأهم الفنانين الحروفيين العرب وخلصت إلى أن الكتابة والحروف العربية لها اتصال مباشر وعضوي بهوية الفنانين الحروفيين العرب وخلفياتهم الثقافية وأن استخداماتهم للحروف العربية هو تأكيد تلقائي لهذه الهوية الثقافية. أكدت هذه الدراسة على أن الحرف العربي قد تجاوز الغاية التوصيلية التواصلية إلى غايات جمالية وثقافية متمكنة ومتفردة تجعله ناجحا في الرهان لتقديم خطاب جمالي متجدد، بشرط خضوعه للتجريب الدائم والمستمر.
واختتمت الندوة محاورها بنزوى في أعمال التشكيليين (رحلة المكان ورؤية الفنان) للدكتور محمد العامري الذي عرضت ورقته جماليات المكان في بعض المدن العُمانية ونزوى على وجه الخصوص مع عرض نماذج من أعمال الفنانين العُمانيين والعالميين وحواراتهم البصرية في لغة الشكل معبرة عن جماليات المكان رؤية الفنان حيث إن التنوع الجغرافي لمدن ومناطق السلطنة جعلها تتميز بصفات طبيعية وبطريقة مختلفة مقارنة بدول الخليج، فنجد الجبال والسهول والوديان والأفلاج والبحر الممتد على جميع المناطق الساحلية. وكل مدينة من مدن السلطنة تتميز بطبيعة خاصة وتقاليد وعادات جعلت منها شيئا مميزا. ومدينة نزوى التاريخية هي إحدى أقدم المدن العُمانية فهي عاصمة العلم والعلماء، وهي العاصمة القديمة لعُمان. ومن الصعوبة بمكان الجزم بأعداد الأعمال الفنية التي صورت مدينة نزوى، غير أنه من المؤكد إنها كانت مصدر إلهام للكثير من الفنانين. غير أن المكان وحده لا يكفي للتعبير عن جماليات المكان، فهناك المناظر الطبيعية بكل ما تحويه من أشجار وأفلاج ومياه ومزروعات خضراء، كما أن الناس بكل أطيافهم وأشكالهم وأنسابهم يشكلون عوامل إضافية تجعل من المكان أكثر جمالاً ورونقاً، كما أن العمارة العُمانية بكل أنواعها تُشكل علاقة جميلة مع المكان. كما قام الدكتور بعرض وتحليل بعض الأعمال التصويرية التي نفذها بعض الفنانين الأجانب وهم: الفنان الاسترالي ديفيد ويليس، والفنان البريطاني ألكس باركار، والفنانة الهولندية تونيي هولسبرجين ، والتي تعبر جميعها عن مدينة نزوى التاريخية وهي تنتمي إلى مجال التصوير.
تجدر الإشارة إلى ان الندوة شهدت عرض اعمالا تشكيلية لعدد من الفنانين اطلع عليها راعي المناسبة والحضور وشهدت تقديم نبذ تعريفية مناسبة نظير كل عمل من قبل الفنانين المشاركين.