في غزوة الخندق خانت بنو قريظة العهد مع رسول الله وتحالفوا مع الأحزاب الذين زحفوا إلى المدينة، وبعد أن نصر الله المسلمين على الأحزاب، توجهوا لحرب بني قريظة وانتصر المسلمون عليهم، وكان لسعد بن معاذ موقف إيماني عظيم.
تقول عائشة (رضي الله عنها): (..ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له بن العرقة بسهم له فقال له خذها وأنا بن العرقة فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله عز
وجل سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة قالت وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية قالت فرقي كلمه وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة فوضع السلاح وأمر بقبة من ادم فضربت على سعد في المسجد قالت فجاءه جبريل (عليه السلام) وإن على ثناياه لنقع الغبار فقال: أقد وضعت السلاح والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم قالت: فلبس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأمته وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمرّ على بني غنم وهم جيران المسجد حوله فقال من مر بكم فقالوا مرّ بنا دحية الكلبي وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل (عليه السلام) فقالت: فأتاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح قالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :انزلوا على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى سعد بن معاذ فأتي به على حمار عليه إكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه فقالوا: يا أباعمرو حلفائك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت قالت وإني لا يرجع إليهم شيئا ولا يلتفت إليهم حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومه لائم قال أبو سعيد: فلما طلع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فقال عمر سيدنا الله عز وجل قال : انزلوه فأنزلوه قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): احكم فيهم قال: سعد فإني احكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله.
وقد طمعت بنو قريظة أن يشفع فيهم سعد بن معاذ، لأنه كان حليفا لهم في الجاهلية، ولكن سعد هو سيد من سادات المؤمنين يعلن ولاءه لله تعالى ورسوله ولا يخاف في الله لومة لائم، فأصدر حكمه على حلفائه بما يرضي الله تعالى.

اعداد ـ أم محمد الحارثية