[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
هزت جثة الطفل السوري "إيلان" الذي غرق أمام السواحل التركية مؤخرا ضمير العالم، لتفتح معظم دول العالم أبوابها أمام اللاجئين السوريين بأعداد معينة، حسب خطة وضعتها مفوضية شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة .. ويقدر عدد اللاجئين السوريين بحسب آخر الأرقام الصادرة من المفوضية 7.6 مليون شخص .. في تركيا وحدها 2 مليون لاجئ سوري ولبنان مليون و113 ألفا والعراق 250 ألف والأردن 630 ألفا، ومصر 250 ألفا، وفي أوروبا يسعى نحو 348 ألفا و540 لاجئا للحصول على لجوء سياسي.
بريطانيا أعلنت على لسان رئيس وزرائها ديفيد كاميرون أنها ستستقبل 20 ألف لاجئ سوري على مدى الخمس سنوات المقبلة، أي أربعة آلاف لاجئ كل عام، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال إن بلاده ستستقبل 24 ألف لاجئ سوري وفق خطة المفوضية الأوروبية، بينما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها خصصت 3 مليارات يورو إضافية لمواجهة أزمة اللاجئين السورين الذين وصل 12 ألفا منهم إلى ميونيخ قبل أيام .. أوروبا ليست وحدها التي وضعت خطة لاستيعاب عدد من اللاجئين السوريين، أيضا رئيسة تشيلي ميشيل باشيليت أعلنت أن بلادها ترحب باستضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين، وأعلنت الأرجنتين أيضا أنها مستعدة لاستقبال عدد من اللاجئين، وبدوره قال رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو إن بلاده على استعداد لاستقبال 24 ألف لاجئ سوري، وفي نفس الوقت تعرض رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت لضغوط متزايدة لزيادة حصة أستراليا من اللاجئين السوريين وقال إنهم سيمثلون الجزء الأكبر من اللاجئين الذين ستستقبلهم بلاده والبالغ 14 ألف لاجئ هذا العام!
جامعة الدول العربية بدورها دافعت عن نفسها أمام تلك المشكلة الإنسانية، ورفضت التقليل من الجهود التي تقوم بها الدول العربية لاستضافة اللاجئين السوريين وتوفير احتياجاتهم، وقال السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة إن معالجة موضوع اللاجئين والنازحين السوريين يتم بالفعل من قبل الدول العربية، وقد يكون ليس كافيا، ولكن ليس بهذه الضجة التي تحاول أوروبا إظهارها. وقال إن هناك دولا عربية تعتبر استضافتها للسوريين ليس منة أو دعاية، وإن مصر على سبيل المثال لديها أكثر من 250 ألف لاجئ سوري، ولن تتحدث عن ما قامت به من أجلهم، والأردن لديها أكثر من مليون سوري، وكذا الحال في لبنان والعراق والجزائر، فالكل يستقبل الأشقاء السوريين .. يأتي ذلك ردا على الانتقادات التي وجهتها دول أوروبية لعدم اهتمام الدول العربية بمشكلة اللاجئين السوريين!!
الكل اختزل الأزمة السورية في مشكلة اللاجئين السوريين خاصة عقب مشهد جثة الطفل السوري "ايلان"، ولم يفكر هذا العالم المتحضر في إيجاد حل حاسم وسريع ينقذ الدولة السورية من الضياع .. واكتفى هذا العالم فقط بجهود دول منفردة حاولت جمع كل الفرقاء على طاولة واحدة للوصول إلى حل يرضي كافة الأطراف المتصارعة لم تسفر في النهاية عن أية نتائج إيجابية .. حتى جامعة الدول العربية نفسها لم تثمر جهودها في هذا المضمار عن شيء يذكر، بينما اكتفت طائرات التحالف الدولي بشن غارات على مواقع تنظيم "داعش"، إلا أن تلك الغارات في الواقع تزيد هذا التنظيم قوة، ولم تنجح حتى الآن في إضعافه والقضاء عليه!
أيها العالم المتحضر إن علاج مشكلة اللاجئين السوريين يكون بمعالجة الأزمة السورية نفسها التي هي الأصل، خاصة وأن تلك الأزمة استمرت أكثر من اللازم، ما يهدد مقومات الدولة السورية، فضلا عن الخسائر البشرية والإمكانيات التي تستنزف كل يوم، ولو ظل العالم يتعامل مع المشكلة السورية على أنها مجرد أزمة لاجئين سيأتي اليوم الذي سيتم فيه تفريغ سوريا من سكانها والقضاء عليها نهائيا .. إن استمرار الحرب في سوريا سيخلق المزيد من التداعيات ولا بد أن يأخذ العالم موضوع سوريا مأخذ الجد للوصول إلى حل سياسي، وليس التمادي في هذه الحرب المدمرة التي ستقضي على الأخضر واليابس!!