بيروت ـ من أحمد أسعد:
حجبت الغارة التي شنها طيران العدو الإسرائيلي ليل الاثنين الماضي على أحد مواقع حزب الله على الحدود اللبنانية السورية واعترف الحزب أنه سيرد على هذا العدوان، حجبت الضوء عن الاخفاق المتتالي الذي يصيب اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام الاولى والمفترض ان لا يتجاوز عمرها الثلاثة اشهر، ولا يغير في واقع الامر ان يخرج وزير الصحة وائل ابو فاعور بعد الجلسة السادسة امس الاول للقول انه تم انجاز معظم القضايا الخلافية، ذلك ان الحكومات اللبنانية المحشورة معا في حكومة سلام ما زالت على موقفها المتناقضة، فقوى الثامن من اذار مصرة على عدم ادخال اي عبارة في البيان الوزاري ليكشف انها تستهدف المقاومة وان كانت على استعداد لإبداء المرونة في مناقشة ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي يرفضها فريق الرابع عشر من اذار، الذي يسعى بدوره الى تمرير اعلان بعبدا في هذا البيان، مع ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان وهو عراب هذا الاعلان لم يعد متمسكا به وكل ما يهمه حاليا الذهاب الى باريس للمشاركة في اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في الخامس من الشهر المقبل، وتكون الحكومة قد نالت ثقة المجلس النيابي، واضاف زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذين نقلوا عنه قوله تعليقا على رفض حزب الله المطالبة بادراج التزام اعلان بعبدا ان ما يهم هو انجاز البيان الوزاري، ولفت الى ان المسؤول في النهاية عن البيان الوزاري هو رئيس الحكومة، رئيس الجمهورية لديه رأي يعبّر عنه في مجلس الوزراء، ورأ زوار سليمان انه لا يريد الظهور بمظهر من يعرقل البيان عبر اصراره على اعلان بعبدا. رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط لفت الى انه مع التوصل الى صيغة بيان وزاري مقبولة تأخذ بعين الاعتبار وجود ارض لبنانية محتلة، ودعا جنبلاط الى التضامن لتحقيق الاقرار والوصول بالحوار الى رئيس جمهورية توافقي. وعلى الطريق نحو انجاز هذا البيان يدعو الفريقان المتصارعين وضع الالغام كل منهما للاخر، على امل ان يحقق كل منهما نقاطا لصالحه مع ان اللبناني في عالم اخر وهو يتطلع الى من يتابع همومه المعيشية والاقتصادية والاجتماعية ويبدد هواجسه الأمنية. ويرا المتابعون ان اعلان بعبدا لن يكون له اي تأثير على صعيد انخراط عدد من الأطراف اللبنانية في الازمة السورية وبالتالي فان ما يحصل من سجال عقيم هو من قبيل ذر الرماد في العيون، وهو أولا واخيرا ناجم عن انعدام الثقة بين مكونات هذه الحكومة، مع العلم ان المخاطر المحدقة بالبلد تتطلب من فريقي السلطة التخلي عن جدالهم البيزنطي ولو مؤقتا اذا كانوا يهتمون فعلا باستمرار وحدة هذا البلد واستقراره وسلمه الاهلي مع ان الشكوك كبيرة في هذا الاطار. ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه قوله ان ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة مقابل اعلان بعبدا، مشيرا إلى أن لا مشكلة لدينا في فكرة النأي بالنفس، فقد سبق ان كانت في بيان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، واذا اصّر فريق الرابع عشر من اذار على الاعتراض على المقاومة أضاف بري: لا مشكلة فليؤجلوا جلسات لجنة صياغة البيان الى اشعار اخر، يذكر ان لجنة صياغة البيان الوزاري تعقد اجتماعها القادم عند الرابعة من اليوم الجمعة. مصادر معنية في السرايا الحكومي اشارت الى ان العمل يجري على ايجاد صيغة توافقية ترضي كلا من فريقي الثامن والرابع عشر من اذار يجمع بين اعلان بعبدا وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي يرفضها فريق الرابع عشر من اذار، وتقوم هذه الصيغة على حق لبنان واللبنانيين في مقاومة اسرائيل بكافة الاشكال، وكانت مصادر معنية في الاتصالات الجارية لتذليل العقبات امام ولادة البيان الوزاري قد كشفت لـ"الوطن" عن تكثيف حركة المشاورات في الساعات الاخيرة، مشيرة الى صيغة توافقية مقترحة يجري العمل على انضاجها وترضي الاطراف في بندي اعلان بعبدا والمقاومة. وابدت هذه المصادر تفاءلها بان تصل الامور الى اقرار مسودة البيان الوزاري الاسبوع الجاري. رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون اكد على حق كل شعب تحتل ارضه بتحريرها بكل الوسائل مهما كانت الصيغة، موضحا ان اعلان بعبدا ينص على الحياد والخلاف على تحديد الخطر، متسائلا: هل الواقع السوري يهددنا ام لا. ولفت عون في حديث بتلفزيون الـ ان بي ان الى ان وجود اللبنانيين بين الانتحاريين يؤكد ان هناك بيئة حاضنة للارهاب في لبنان، داعيا للخروج عن منابع الارهاب وضربها قبل وصولها. على صعيد اخر كثفت قوات العدو الصهيوني يوم امس من دورياتها الراجلة والمدرعة خلف الخط الحدودي مع لبنان بعيدا عن السياج الشائك وشوهدت اليات مدرعة وعناصر مشاة تمركزت في مواقع خلفية نوعا ما قبالة المناطق المحررة وخصوصا في مرتفعات الوزاني وبساتين المطلة ومرتفعات كفر شوبا وشبعا المحتلة. ورفع جيش الاحتلال الاسرائيلي من اجراءاته تحسبا لاي رد فعل من قبل حزب الله في اعقاب الغارة الاسرائيلية على موقع للحزب في البقاع قبل اربعة ايام، اجراءات الاحتلال الاسرائيلي التي شملت كافة المواقع والنقاط وانظمة التجسس انطلاقا من مواقعه في المناطق المواجهة في رأس الناقورة وصولا الى مزارع شبعا في القطاع الشرقي تضمنت غياب الدوريات المعتادة في الأماكن المقابلة للاراضي اللبنانية ولا سيما منها المناطق المكشوفة والتزام الجنود المدججين دشمهم والاكتفاء بمراقبة الجانب اللبناني بواسطة مناظيرهم واجهزة التجسس الاضافية التي استقدمت في اعقاب التطورات الامنية، وصولا الى اخذ المزارعين وسكان المستوطنات اجراءات غير اعتيادية بعد تبلغهم خطورة الوضع من جانب جيش الاحتلال الاسرائيلي، وعلى الجانب اللبناني من الحدود الذي شهد نشاطا طبيعيا للمزارعين في حقولهم القريبة من الخط الازرق ورعاة الماشية في المنطقة، اضاف حزب الله من حالة الـتأهب في صفوفه في اطار الرد على اي اعتداء اسرائيلي جديد قد يطال لبنان، فيما حافظت قوات اليونفيل على وتيرة نشاطها المعتاد وسيّرت دوريات مؤللة في المناطق القريبة من الخط الأزرق، حيث تتواجد عنده مواقع الجيش اللبناني الذي بدوره اتخذ الاجراءات والتدابير الامنية على طول الحدود. وفي جديد المعلومات حول اعتقال بعض المتورطين في التفجيرات الارهابية التي طالت مناطق متفرقة من لبنان، حيث ذكرت المعلومات الأمنية أن الموقوفين لدى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الشقيقين ميم ألف وحاء ألف اعترفا بان ميم هو من المخططين لتفجير السفارة الايرانية في بيروت وما تلاها من تفجيرات، وان حاء تدرب في يبرود استعدادا لتفجير المستشارية الايرانية ومبنى قناة المنار التابعة لحزب الله، الى ذلك عثر عناصر حاجز ضهر البيدر مع الف عين المطلوب بتهم التهريب وحيازة اسلحة على ثلاثة دفاتر سوق مزورة، دفتري سيارتين مزورتين وهوية سورية مزورة وشيكات مصرفية موقعة على الرياض بأسماء غير معروفة ووهمية، ولفت مصدر امني في البقاع الى ان المضبوطات قد تكون مرتبطة بتحضيرات لوجستية لعمليات تفجير، لا سيما ان طريقة التزوير تتشابه مع هويات واوراق سيارات مزورة استعملت في تفجيرات سابقة.
في المواقف: اكدت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها الاسبوعي على اهمية ان تنجح الحكومة الجديدة في انجاز البيان الوزاري، وذلك استنادا الى نقاط الاجماع الوطنية، وشددت الكتلة على ضرورة مواجهة موجة الارهاب التي تطال كل المواطنين اللبنانيين، واستنكرت العدوان الاسرائيلي الجوي على لبنان وفي منطقة الحدود الشرقية، مطالبة الجيش والأجهزة المختصة بمعلومات واضحة حول طبيعة ومكان العدوان بما يمكّن الدولة اللبنانية من اتخاذ الموقف والخطوات اللازمة ضد هذا العدوان الساخر. في الاثناء اكدت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية أنه تم التوصل الى اتفاق بين السلطات الفرنسية واللبنانية على تجهيز الجيش اللبناني بالاسلحة والاعتدة التي يحتاج اليها بقيمة ثلاثة مليارات دولار وفق البرنامج الذي كان وضعه الجيش اللبناني والذي كان مقدرا بمبلغ أربعة مليارات وستمئة مليون دولار، وأشارت المصادرإلى أن الاتفاق يتضمن بتجهيز الجيش اللبناني بمعدات عسكرية لسلاح الجو والارض والبحر في اطار حاجات الجيش، ولا يدخل ضمن برنامج انشاءات كاعادة تأهيل المستشفى العسكري، ورأت المصادر ان الاتفاق قد يعلن خلال اجتماع الدول الداعمة للبنان في باريس والذي سيحضره الى جانب وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن المانيا وايطاليا واسبانيا والنروج والسعودية والامم المتحدة والبنك الدولي وجامعة الدول العربية، لافتة الى ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يرأس الوفد اللبناني مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولند قد يضع اللمسات الاخيرة على العقد في اجتماع بينهما في اليزيه قبل استقبال هولند الوفود، على أن يعقد المؤتمر بعدها في مقر الخارجية الفرنسية.