[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
حين سئل أحد المعلقين السياسيين في أحد البرامج الحوارية عما هي التسمية التي تطلق على ما يجري في سوريا أجاب بأنها الحرب العالمية الثالثة. ما من شك أننا إذا أردنا تفصيلها فلسوف نجد كل مقومات الحرب الكبرى، بكل أسلحتها وخططها وأبعادها، فأكثر من ثمانين دولة تعبث بتلك الأرض الطيبة سوريا، تغطيها عشرات المحطات الفضائية العربية والعالمية، وإلى جانبها أقلام بالجملة مسخرة للهجوم عليها.
المعارك العسكرية تشارك فيها جميع الأنواع التي استعملت في الحرب الأولى والثانية، والواضح أن التراب السوري فتح لشتى أنواع الأوباش من كل سكان الأرض ليكونوا حاضرين في خريطة الدم المراق .. والذين يطلعون على طبيعة المعارك الجارية يمكنهم أن يلحظوا بعناية، أن كل معركة كانت صغيرة أو كبيرة تشكل مدرسة قتالية ومعنى عسكريا ربما يتم إدخاله في المفاهيم العسكرية العالمية كإضافة جديدة لا بد من تعلمها.
أما الدول المشاركة في الهجوم، فهي بين داعمة ومشاركة وممولة ومدربة ومتعاطفة، وهي دول من المؤسف أنها تقول بالحيادية فإذا بهذا العنوان كلمة سر للمشاركة بتلك الحرب الضروس التي لم تعرفها منطقة الشرق الأوسط، ولا رأت مثيلا لها خلال السنوات الخمس من الجحيم العربي الذي يمر.
ولعلي دون أن أتمكن من الاطلاع على تقارير دول كبرى حول قدرات الجيش العربي السوري، أن أتصور الكثير منها وهي تتحدث عن إمكانياته وعن قدراته وعن مفاجآته، وعن أدائه الذي تطور كثيرا بين فترات دفاعاته الأولى والآن، وبين هجماته الأولى، وبين ما وصلت إليه. فمن أبسط ما يجري، أن سوريا بكاملها وبكل تفاصيلها، خاضعة لفضاء غربي بكاملها على مدار الساعة، وهو الذي كان يحرك المجموعات القتالية في السابق وما زال، ويحدد لهم طبيعة المعارك القادمة وكيف تكون ..
ثم إن من يطلع على شكل التدمير وحجمه سواء في حمص تحديدا أو في مدن وقرى سورية معروفة وخاصة تلك المحيطة بالعاصمة دمشق وفي حلب ومحيطها وغيرها، سوف يلاحظ أنها شبيهة بمدن أوروبية وغير أوروبية دمرت خلال الحرب العالمية الثانية وبطريقة منهجية لم يترك فيها بيت ولا حائط ولا موقع ولا شارع إلا وانمحى من مكانه.
نحن إذن أمام حرب عالمية ثالثة بكل ما لها وما عليها، وهي حرب لن تتوقف إلا إذا استنفدت أغراضها تماما، أو تم إجراء تسوية كبرى يتم من خلالها إيقاف الدعم عن قوى الإرهاب بشكل نهائي. والشروع بوضع خطط لإعادة إعمار ما تهدم وهي مسألة تحتاج لسنوات. لكن من الواضح أن تلك الحرب مستمرة وهي تتغذى من دم السوريين ومن أملاكهم وأموالهم وراحتهم، تأكل الأخضر واليابس، تدمر بلدا كان جنة الله على الأرض.
إنها الحرب الثالثة إذن بكل مقوماتها التي إذا قرأنا عن الحرب الثانية أو الأولى سنجد معطات قريبة لها، كما سنجد العالم منقسما على نفسه .. ولطالما كان هذا العالم غير مهتم بالنواحي الإنسانية وأنه يرفع شعار حقوق الإنسان من باب التسلية وليس لممارسة حق مشروع.
الحرب الثانية انتهت بفاجعة كبرى قامت الولايات المتحدة بإلقاء قنبلة ذرية على هيروشيما وناجازاكي أدتا إلى كارثة كبرى بحق البشرية .. فكيف يمكن أن تكون نهاية الحرب "الثالثة" وما هي طريقتها..!