[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
لا نبالغ إذا قلنا إن الانتخابات العراقية المقبلة ستكون انتخابات بالإضافة لكونها مفصلية فإنها في الوقت ذاته ستؤسس لمرحلة جديدة في مسار الحياة السياسية.
وحتى تأخذ الانتخابات المقبلة مدياتها ينبغي أن توفر لها كل مستلزمات النزاهة والشفافية لا سيما منع التلاعب بنتائجها وتوفير الأجواء المناسبة لإجرائها.
وعلى الرغم من الظروف التي يعيشها العراق التي تضغط على جميع الأطراف السياسية فإن الانتخابات هي محطة مهمة في مسار العملية السياسية وفرصة لتصحيح مسارها والبحث عن حلول ناجعة تنقل العراق من حال إلى حال.
ويتطلب هذا الانتقال بالعراق من حال إلى آخر أكثر أمنا واستقرارا مرتبط بنتائج الانتخابات وما ستفرزه من وجوه جديدة تعزز من دور البرلمان والحياة السياسية، وتعطي مسيرة العمل السياسي دفعة جديدة لتأخذ مداها في عملية الإصلاح السياسي الذي يقرب العراق من حال الاستقرار والأمن الذي يأمل العراقيون أن يتحقق قريبا.
وعندما نوصف الانتخابات المقبلة بأنها مفصلية فإننا نقصد أنها ستكون مناسبة للطبقة السياسية أن تستفيد من تجربة السنوات منذ غزو العراق واحتلاله والتي تعطل فيها الأداء الحكومي والبرلماني ولم تنجح في تجسير هوة الخلافات ببن أطرافها وصولا إلى التوافق السياسي، ووضع أسس التداول السلمي للسلطة على وفق معايير العملية السياسية التي كانت عنوان مرحلة ما بعد الاحتلال.
فمن دون تحقيق التوافق السياسي ونبذ الخلافات والإقرار بحقوق المكونات العراقية في تقرير مصير العراق فإن العراق سيبقى متداعيا وغير قادر على تجاوز محنته مهما حاول البعض تجميل صورة الأوضاع في العراق.
من هنا تحاول قوى وشخصيات أن تضع خارطة طريق لتصحيح المسار ووضعه على السكة تفضي إلى التوافق السياسي وتحقيق المصالحة الوطنية المستندة إلى الثقة بين المكونات العراقية والإقلاع عن سياسة الإقصاء والاجتثاث التي أدخلت العراق في المجهول.
ومن شأن خارطة الطريق التي استند إليها البرنامج السياسي للقوى الطامحة للتغيير أن تحقق للعراقيين الأمن المفقود وتعزز الشراكة والمصير المشترك بين مكوناته كضمان حقيقي للانتقال الحقيقي إلى مرحلة النهوض الاقتصادي الذي يستثمر ثروة العراق لسعادة أبنائه.
والانتخابات التي يتطلع العراقيون إلى إجرائها في وقتها المحدد ستكشف حجم القوى المؤثرة في الشارع وأيضا هشاشة وثقل من يدعي أنه سيحصل على ثقة الجمهور وتمثيله في الانتخابات بعد أن أخفق في تلبية مشاغل ناخبيه في الأمن والاستقرار والحفاظ على ثروة العراق من مبددي المال العام.
ويقينا أن خارطة الطريق للإصلاح السياسي أخذت بنظر الاعتبار تلبية حاجات وتطلعات العراقيين ستكون المخرج التي ستجنب العراق مزيدا من الخسائر وتسهم في تصحيح المعادلة السياسية التي اختلت جراء نظام المحاصصة الطائفية وقوانين الاحتلال التي قسمت العراق إلى كانتونات طائفية وعرقية.
إن الانتخابات المقبلة ستكشف حجوم وأثقال القوى التي ستخوض غمارها لا سيما القوى التي تستند إلى برنامج ورؤية وطنية جديدة عابرة للخندق الطائفي إلى فضاء المواطنة الجامعة؛ لأنها ستكون الخيمة التي سيستظل بها كل من يسعى لوحدة العراق والتوافق السياسي بعيدا عن إقصاء وتهميش الآخرين.