[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
وكأنها صحوة ضمير مفاجئة لا حديث لأوروبا إلا عن اللاجئين السوريين وأزمات المهاجرين مع تعاطف ظهر فجأة لضحايا أزمة تفجرت منذ ما يزيد عن الأربعة أعوام، الأمر الذي يستدعي النظر إلى هذا التعاطف من كل جوانبه لا من جانب واحد فقط.
فقد فجرت صورة جثمان الطفل السوري ايلان كردي وهو ملقى على شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا موجات من التعاطف مع مأساة اللاجئين السوريين حتى أن كبرى الدول الأوروبية تقود حملة للضغط على بقية دول الاتحاد لقبول مهاجرين سوريين.
وعلى الرغم من مأساوية صورة ايلان إلا أنها تثير أيضا العديد من علامات استفهام، من حيث سرعة انتشارها، وتفردها بهذا الانتشار دونا عن صور متعددة، وأكثر قسوة لمآسي السوريين على مدار السنوات الماضية، بل إن صور الحادث الإرهابي البشع الذي ارتكبه مستوطنون إسرائيليون بحق عائلة الدوابشة عندما أقدموا على حرق منزلهم ليستشهد رضيع عمره 18 شهرا ويلحق به والده ووالدته لم تلقَ مثل هذا الانتشار.
وفي غمرة ما أثارته صورة ايلان أيضا من تصريحات بعضها صادقة ومبعثها إنساني، وأخرى بالتأكيد لا تخرج عن بند المزايدات، تناسى الكثيرون تساؤلا يثيره مكان وقوع الحادث، حيث إن رحلة هجرة عائلة كردي كانت خلال التوجه من بودروم التركية إلى جزيرة كوس اليونانية، المدخل إلى الاتحاد الأوروبي؛ أي أن هذه العائلة دفعت ربما كل ما تملكه من أجل الخروج من تركيا التي نصبت نفسها منبرا، سواء عبر نظامها أو من تستضيفهم من معارضين لتصريحات مطالبة بإسقاط "النظام" السوري بدعوى الإنسانية، بل إن تركيا كانت من أوائل الدول التي وفرت معسكرات لجوء من قبل نزوح السوريين عبر الحدود قبل أن تقدم على ضربهم بالهراوات وخراطيم المياه خلال هجمات إرهابيي "داعش" على عين العرب.
كما أن تزعم ألمانيا لدعوات استيعاب المهاجرين داخل أوروبا يثير الدهشة خاصة إذا ما وضعنا تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والمسؤولين الألمان جنبا إلى جنب مع حوار دار بين ميركل وطفلة فلسطينية لاجئة قدمت إلى ألمانيا قبل 4 سنوات، ومهددة بالطرد حيث قالت الطفلة "لدي أحلام كغيري، أرغب في الدراسة الجامعية، وهذا هدف وأمنية أتمنى تحقيقها". قبل أن يكون الرد عليها من قبل ميركل "السياسة تكون أحيانا قاسية".
لكن ما يبدد هذه الدهشة تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية يتحدث عن انتظار الاقتصاديين الألمان للمهاجرين على أحر من الجمر، حيث يطمحون إلى انتقاء تخصصات معينة كالمهندسين والمتخصصين بالحاسوب والتقنيين.
ونقل التقرير عن المسؤولين في اتحاد أرباب العمل قولهم إن ألمانيا التي تراجعت فيها البطالة إلى أدنى مستوياتها 6.4 بالمئة منذ التوحيد، تحتاج إلى نحو 140 ألف مهندس ومبرمج وتقني، مضيفين أن قطاعات الحرف والصحة والفنادق تبحث أيضاً عن يد عاملة. ويمكن أن تبقى نحو 40 ألف فرصة تدرب شاغرة هذه السنة.
والواقع أن أزمة اللاجئين السوريين التي تعد من أكبر أزمات اللاجئين على مستوى العالم لا ينظر لها من الجانب الإنساني فقط، بل إن هناك من ينظر إليها كوسيلة لمعالجة مشاكله الاقتصادية في جانب براجماتي بحت أو كإطار إنساني يتيح له تحسين صورة قميئة أو بمزايدات لتحقيق أوهام سلطوية وهذا أخس الجوانب.