كثر الحديث في الآونة الاخيرة حول تقليص اجازة عيد الأضحى المبارك لأول مرة في تاريخ الاجازات منذ سنوات عدة، وان ذلك كان بسبب مطالبة صحفية تمثلت في رأي احد الزملاء بعدم اطالة إجازات المناسبات الدينية لأسباب عدة من أهمها مراعاة الإنتاجية وعدم تعطيل مصالح المجتمع، وتحولت القضية الى رأي عام ساهمت فيه شبكات التواصل الاجتماعي بشكل جنوني منهم من أخذه بسخط واخرين بصمت والبعض الآخر بين مؤيد ومعارض ومتجني بألفاظ نابية وغير اخلاقية على حرية فكر ورأي في الطرح غير ملزم لأحد بالأخذ به او تجاهله، وقد ذهب البعض الى ان القرار الذي اتخذته الحكومة في تقليص الاجازة كان بسبب تلك المطالبة التي مضى عليها سنوات حتى قبل ان تتوحد مع القطاع الخاص، فإذا كان ذلك صحيحا فانه يعد احد اهم المكاسب التي يحققها الاعلام الناقد ومساهمته في تغيير بعض الأنماط السلوكية التي لم تعد صالحة لهذه الفترة من عملية البناء والعمل الوطني الذي يحتاج الى المزيد من الانتاج والتحول الى الاعتماد على الذات والبحث عن بدائل تقلل من الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، الاعلام الذي يراه البعض انه لم يصل حتى الآن الى درجة التأثير المطلوبة في تغيير التوجهات والممارسات والآليات والاجراءات المتبعة في ادارة البلاد.
الا ان في واقع الامر ومن خلال قراءات للوضع القائم يرجع سبب ذلك الى عودة الحكومة للتطبيق الحرفي لنص المرسوم المتعلق بتحديد الاجازات في المناسبات والأعياد الوطنية والدينية خاصة بعد توحيد الحكومة للإجازة في القطاعين الحكومي والخاص بهدف تقريب الفجوة في الامتيازات، والتنبه لما هو قادم من أزمات اقتصادية وما سوف يترتب عليها من مشكلات اجتماعية ستؤثر سلبا ليس فقط على البنى الاساسية وإنما على المستوى المعيشي الذي وصلت اليه الاسرة العمانية واعتادت عليه، فالترشيد الحكومي وحدة لا يكفي اذا لم يجد شراكة اجتماعية من ابرزها تحول المجتمع الى مصنع إنتاجي يساهم في ارتفاع مؤشر القطاعات الاخرى لناتج المحلي، وبالتالي فان التطبيق الحرفي لايام الاجازات المعتمدة قانونا وزيادة الجهد او الانتاج خلال ساعات العمل خاصة في القطاع الحكومي الخدمي المطالب مجتمعيا ان يرفع من وتيرة الإنجاز والخدمة المقدمة.
الإجازة في حد ذاتها حق كفله القانون واكدت عليه المنظمات الدولية المعنية ومنها منظمة العمل الدولية من اجل تأمين أوقات للراحة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى حرص الدول على تعطيل العمل في المناسبات الدينية والوطنية لتمكين العاملين من ممارسة هذه الشعائر او الاحتفاء بما تحقق من إنجاز، بالاضافة الى ما يحقق ذلك من أهداف اخرى تتمثل في تقوية العلاقات الاسرية لأعداد كبيرة من العاملين الذين تضطرهم ظروف العمل عدم التواجد في محيطهم الاسري لايام طوال أسبوع العمل، او تلك الأسر التي تندرج تحت ما يسمى بالهجرات الداخلية المؤقتة من ولاياتها الى ولايات اخرى لظروف العمل، ولنترك التهويل حول هذا الجانب الذي سبق وان أقر من سنوات بأيام معدودات كانت تغطي عليها المكارم السامية بزيادة ايام إضافية على الإجازة المقررة قانونا في وقت كان يسمح لتلك الزيادة على الرغم من امتعاض القطاع الانتاجي او الخدمي من ذلك لتكبده خسائر مالية، وعلى الرغم كذلك من تعزيز اقتصاديات مجاورة بضخ الملايين وفقد السوق المحلي للمزيد من السيولة النقدية.
والسؤال المطروح هل حقا أصبحت الاقلام الصحفية الناقدة سواء كانت مع أفراد المجتمع او الحكومة ذات تأثير حقيقي على ما يجب ان يتخذ من إجراءات وآليات عمل تؤمن المزيد من التفاعل حول ما تتطلبه المرحلة الحالية من معدلات انتاج تسهم في تطوير الخدمات المقدمة؟ وهل ما حدث استجابة لرأي ناقد توافق مع تطبيق الحكومة لمرسوم الإجازة ام ان النقد سرّع في التطبيق؟ اعتقد ما كتب لم يغير شيئا او كان له تأثير فعلي على مدة الإجازة، فلماذا صار الناقد اي كان متهما في نظر معظم افراد المجتمع عندما يحاول يصحح وضع وجد انه لا يخدم مسار التنمية؟ في الوقت الذي تمثل كتاباته ما نسبته ٩٩% لصالح المجتمع وإجابة على السؤال الاول نعم هناك تأثير للأقلام الصحفية الناقدة التي كان لها اثرها على مجالات وموضوعات مختلفة وليس الإجازة.

طالب بن سيف الضباري
[email protected]