[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” دراسات المجلس وتوصياته وقراراته ورؤاه بشأن المواضيع والقضايا التي تهم المواطن وترتبط بمصالح الوطن, والتي تقدم وفقا لرؤية أعضاء المجلس ومن خلال تلمسهم لمطالب ورغبات واحتياجات المجتمع, والتي تتم متابعتها عبر وسائل الإعلام من خلال جلسات المجلس أو تصريحات الأعضاء أنفسهم, لا يتم تنفيذها في الغالب من قبل الحكومة أو يتأخر الرد عليها,”
ــــــــــــــــــــــــــــــ
سابعا: إشكالات العمل الشوروي:
في مقابل التطورات والنتائج والاعتبارات المرتبطة بتطور الاختصاصات والصلاحيات والانجازات التي حققها المجلس والتي تطرقنا لها في مقالات سابقة , ظهرت بعض الاشكالات التي أعاقت نوعا ما ممارسات العمل الشوروي , وأضعفت دوره وهزت ثقة المواطن في صلاحياته والتي يمكن قراءتها على ضوء متابعة وتقييم مسيرة المجلس في فترته السابعة ( 2011- 2015 ) م , في الآتي :
البيانات الوزارية التي يلقيها وزراء الخدمات أمام مجلس الشورى وما يعقبها من مناقشات وحوارات تدخل في إطار توجيه الأسئلة من قبل الأعضاء والإجابة عليها من قبل الوزير, وهو نمط عرفه المجلس منذ إنشائه, عندما كان استشاريا أي قبل أن يتغير الاسم إلى (( شورى)), وظلت عملية تكرار الأسئلة والطرح الممل والمقدمات الإنشائية والمطالبات بمشاريع وخدمات في الولايات والتي تتضمنها أسئلة عدد كبير من أعضاء المجلس والتي سارت على غرار ونهج ما كان عليه الوضع في السابق , والتي نالت الكثير من النقد والتحليل والملاحظات السلبية طوال الفترات السابقة من عمر المجلس, هذا النمط أو الأسلوب في تقديم البيانات الوزارية والذي تعرضه قنوات التلفزة المحلية طرح سؤالا مهما حول جدوى هذه الجلسات ونتائجها الحقيقية ومدى مساهماتها في تجويد الأداء وتحسين الخدمات ومعالجة الأخطاء, وما تحدثه من تغييرات حقيقية, وأشعرت المواطن بأن المجلس لم يتغير وبأن صلاحياته ما زالت استشارية, وأن الصلاحيات الجديدة لم تضف إليه جديدا. مع أن المجلس قام في الفترة الأخيرة بمتابعة وبحث الوعود الخاصة بالمشاريع وتجويد الخدمات ومعالجة الاشكاليات لدى وزراء الخدمات كنوع من المتابعة لما طرح في جلساته.
عدم اعتراف أي وزير من وزراء الخدمات الذين يلقون بياناتهم أمام المجلس بأي خطأ أو قصور أو خلل يتعلق بمسئولياته وأداء وزارته, رغم الملاحظات والاستفسارات والأمثلة الكثيرة التي تصل حد الاتهامات التي يلقيها الأعضاء عليهم في تلك الجلسات والتي تؤكد على أن أخطاء وقعت ومشاريع تعطلت أو تأخرت ومعاملات تعسرت وعن الكثير من أوجه القصور التي يجدها المواطن في تعامله مع المؤسسات الحكومية .. , وهي ثقافة ولدت ونمت وتعمقت في بيئتنا حيث لا يعترف الوزير بأخطائه وإن كانت ماثلة للمواطن بحسب وجهة النظر السائدة لدى المجتمع.
غياب بعض الأعضاء واختفائهم عن أنظار المواطنين من المتابعين والمهتمين الذين لديهم ملاحظات ورؤى على أداء العضو, وكذلك أصحاب الحاجات والمراجعين الذين تلجئهم الظروف إلى الأعضاء الذين انتخبوهم لتمثيلهم في المجلس, وذلك بعد وعود وآمال وشعارات انتخابية أطلقها هؤلاء الأعضاء لاستمالة الأصوات لصالحهم, ومطالبات الأعضاء في المقابل بامتيازات شخصية عديدة ضمن أصوات بثتها وسائل الإعلام, وهي من الملاحظات البارزة التي تطرح عبر المنتديات وفي المجالس الخاصة.
دراسات المجلس وتوصياته وقراراته ورؤاه بشأن المواضيع والقضايا التي تهم المواطن وترتبط بمصالح الوطن, والتي تقدم وفقا لرؤية أعضاء المجلس ومن خلال تلمسهم لمطالب ورغبات واحتياجات المجتمع, والتي تتم متابعتها عبر وسائل الإعلام من خلال جلسات المجلس أو تصريحات الأعضاء أنفسهم, لا يتم تنفيذها في الغالب من قبل الحكومة أو يتأخر الرد عليها, أو لا تأتي الردود لصالح تلك الدراسات والتوصيات ... مما عزز من صورة المجلس السلبية عند المواطن إلى جانب ما تمت الإشارة إليه في النقطتين الأولى والثانية, هذا جانب ومن جانب آخر فيرى البعض أن مرحلة التوصيات والدراسات التي تعنى بها مؤسسات ومجالس أخرى متخصصة ومتمرسة لم يعد مقبولا في إطار الصلاحيات التشريعية والرقابية التي أنيطت بالمجلس, وعليه أي المجلس أن يفعل من أدواته ووسائله التشريعية والرقابية وتوظيفها لمحاربة ووأد قضايا وملفات وصور الفساد التي تشغل المجتمع العماني بمختلف فئاته .
لا زالت الثقافة السائدة لدى المجتمع, مواطنا وعضوا ترتبط في نظرتها وتقييمها لأداء العضو ومسئولياته ونشاطه بالقطاع الخدمي وتحقيق مصالح المواطنين في الولاية التي يمثلها هذا العضو, والتي تتمثل في تقديم ومعالجة وبحث وطرح وتخليص وتبني الموضوعات التي تضيف خدمات إلى الولاية على شكل مشاريع ومرافق, أو معالجة مشاكل وقضايا تخص فئة أو فردا من المواطنين, وفي المقابل فهي من الوسائل التي يتبناها بعض الأعضاء لأغراض دعائية وانتخابية , وتسبب الاحراج لأعضاء آخرين يعملون على نقل المجلس من هذا الاختصاص الذي باتت المجالس البلدية تمثله إلى عمله البرلماني الحقيقي في مجاليه التشريعي والرقابي.
يعمل المجلس وفقا لعدد من القنوات وأدوات التواصل على التعرف على قضايا المجتمع والإحاطة بالمواضيع والمسائل التي تهمه ويسعى أي المجلس إلى نقلها إلى جهات الاختصاص وفقا للوسائل البرلمانية المتاحة , أو رفع توصيات بشأنها , وبالنظر إلى أن بعض تلك الموضوعات والقضايا ذات صبغة شخصية أو تتعلق بتوفير خدمة في منطقة من المناطق , أو شكوى موجهة إلى مؤسسة ما , ومنها ما يحتاج إلى تقص أو أن المجلس ليس جهة الاختصاص المناط به النظر أو دراسة أو متابعة تلك القضايا والمواضيع بحسب ما تظهره المتابعة لها في تلك القنوات وأدوات التواصل, ووفقا للنتائج التي لا تأتي أحيانا بما يشتهيه المواطن أو الفئة أو أصحاب القضية والموضوع المقدم تكال التهم على المجلس في المواقع الحوارية بحجة أنه لم يسع أو لم يقم بواجبه في معالجة الموضوع.
مع تصنيف الوزارات والمؤسسات والمجالس الحكومية إلى سيادية وخدمية, تزاحمت أسئلة المواطن عن الكيفية التي سوف يمارس على أساسها المجلس صلاحياته التشريعية والرقابية في ظل هذا التصنيف , وهل يمكن ممارسة هذا الاختصاص على جزء من المؤسسات الحكومية دون الأخرى ؟ ألا تعتبر الصلاحيات الرقابية وفقا لهذه القاعدة ناقصة وتؤثر على دور المجلس وتحد من أداءه لدوره الذي يطمح إليه المجتمع في الوقت الذي باتت فيه ملفات الفساد تقلق مضجعه ؟ .
في ظل الأوضاع والظروف التي عمل على ضوئها مجلس الشورى والتي تعرض المقال إلى بعض منها, وبالنظر إلى أن الصلاحيات الجديدة تقف في منتصف طريق أولها صلاحيات استشارية بحتة ونهايتها تشريعية ورقابية لبرلمان حقيقي, وفي ظل الاجتهادات في تفسير وتوجيه النص القانوني, عادت تلك الأسئلة المشككة في دور مجلس الشورى وإمكاناته الحقيقية وبدأت ثقة المواطن التي أعادت تلك الصلاحيات والمعطيات التي تمت الإشارة إليها بعضا منها تتراجع, وليس من مصلحة أحد حكومة كان أم مجتمعا أن يفقد المواطن ثقته في مؤسسات الدولة وبالأخص تلك التي تمثله, خاصة وأن صلاحيات مجلس الشورى ودوره البرلماني الحقيقي تأتي ضمن أولوية المطالب التي يسعى المواطن إلى تبنيها وتحقيقها من منطلق أنها تمثله وتعبر عن طموحاته وتعظم من دور مشاركته الحقيقية. لا شك بأن مجلس الشورى وفي ظل الظروف المشار إليها والضغوط التي يتعرض لها من قبل المواطن والسقف المرتفع من المطالب والمسئوليات التي يريد المجتمع من المجلس أن يقوم بها ويؤديها ومن بينها محاسبة المسئولين على الأخطاء, والتحقيق في ملفات الفساد وكشف صوره وأشكاله المختلفة التي يتحدث عنها المواطن بقوة وكثافة, سوف تواجهه أي المجلس اشكالات وعقبات كأداء, ومن الأهمية بمكان أن يخضع المجلس أداءه وصلاحياته ولوائحه وآليات عمله للمراجعة والتقييم والتطوير, وعليه أن يضغط وبقوة للتعامل مع توصياته ومرئياته ووسائله البرلمانية بإيجابية وأن يعزز من دوره ويرفع من مستوى نشاطه البرلماني على ضوء الصلاحيات التي يملكها ويعمل على معالجة تلك العقبات , والمضي قدما في المطالبة بصلاحيات أوسع وأشمل وإلا فإن الفجوة واهتزاز الثقة بين المجتمع وبين أعضائـه سوف تتسع وستشهد المزيد من التراجـع.
[email protected]