ـ تؤدى العادات في الأعياد في مراسم خاصة يحرص الأهالي على تأصيلها للأجيال القادمة
ـ الغيول المائية شكلت بحيرات تحيط بها الأشجار المختلفة والطيور المهاجرة

استطلاع - ناعمة الفارسية :
بلدة وادعه في حضن الجبل ، تحفها الظلال الوارفة والخمائل الغناء ، أماكن شاهقة ، شامخة ، جداول منسابة تضمها بلدة " فدى " إحدى بلدات ولاية ضنك بمحافظة الظاهرة وبموقعها المتميز يعتبر وادي فدى من أكبر وأجمل وديان ولاية ضنك ويشتهر بوفرة مياهه وهي موطن معظم الطيور المهاجرة وينبع الوادي من أماكن جبلية كثيرة خلال فترات الأمطار .
يقسمها الوادي إلى ضفتين زادتها رونقا وجمالا فالسالك للطريق يرى يمنة ويسرة الخضرة تمتد من بداية القرية وحتى النهاية ويمر عليها الزائر متوسطا الأشجار المتنوعة كما أن الجبال الشاهقة تضم الكثير من الكهوف والمغارات والتكوينات الهندسية الرائعة التي تضفي على الوادي لمسة جمالية أخاذة ومما يزيد جمال الوادي تلك المآثر الخالدة التي تقف شامخة وهي تحكي ماض تليد وتاريخ مجيد.
وتتنوع تضاريس البلدة بين السهول المنبسطة والجبال الشاهقة المتنوعة والقرى ذات الزراعة المختلفة الألوان والأماكن التي تتناغم فيها جريان الغيول المتدفقة التي تحيط بها أشجار الخشت مكونة ما يشبه البحيرات المائية الخضراء تجري بينها المياه الصافية وتستغل مياه الوادي في ري المحاصيل الزراعية على امتداد القرى التي يمر بها من خلال جداول صغيرة ، إلى جانب المزارات الزراعية التي تتمثل في البساتين الخضراء والأماكن الزراعية الوارفة الظلال التي تتنوع فيها صنوف النخيل وأنواع الفواكه والخضراوات والأعلاف والحمضيات والمزارع الخضراء التي تحاذي البيوت والحارات بالقرية ، وبعض الأهالي لازالوا متمسكين بالحرف التقليدية القديمة هذا إلى جانب المجال الزراعي وهو الأبرز مما ساعد القرية لإظهارها وشهرتها في هذا المجال ، ويضم الوادي على امتداد 24 كيلو مترا العديد من الأماكن الجذابة مما جعلها مقصدا سياحيا ويرتادها الكثير من السياح العمانيين والمقيمين.
التسميـة
وقد سميت فدى بهذا الإسم لكثرة الحروب والصراعات التي خاضها أهالي هذا الوادي في الماضي، فكانت فيه روح من التضحية والفداء والتفاني دفاعاً عنه ، وهذا الاسم قديم جداً فقد ذكره العوتبي في أنسابه في القرن الخامس الهجري عندما تطرق إلى ذكر القبائل التي استقرت في فدى حيث يقول : (ومن القبائل بني الحارث الأصفر بن معاوية منهم أهل بيت الصمة يسكنون فِدى وهم بنو السيد بن سعد بن جابر بن دعم بن عدن بن مالك بن امرئ القيس بن ربيعة بن معاوية) مما يدل على أن هذا الاسم كان يطلق عليها قبل زمن العوتبي بفترة ليست بالقصيرة ، ولهذا يعتقد أن هذا الاسم أطلق على هذا الوادي منذ البدايات الأولى لهجرة العرب إلى عمان بقيادة مالك بن فهم.
وتعتبر الظويهرية مدخل وادي فِدى للقادم من ولايتي ولاية ينقل وولاية عبري ، أما فدى فتقسم إلى عدد من المناطق أهمها البلاد وخطو وشعبة العصم ، ويلاحظ الزائر لفدى أن السكان يتركزون بنسبة كبيرة في الجبال القريبة من ضفتي الوادي وبعيداً تماماً عن مجراه.
عـادات الأعيـاد
وبالنظر لمجتمع البلدة التي تتمسك كثيرا بطقوسها في المناسبات وعاداتها فإنها من أكثر بلدات الولاية تمسكا بعاداتها في المناسبات لخصوصيتها المنسجمة مع البيئة الجغرافية التي يعيشون فيها ، وتتأصل عادات الأعياد في مراسم معينة يحرصون على تأصيلها للأجيال القادمة من خلال إشراكهم في جميع الطقوس الخاصة بالعيد بدءا من تجمع أهالي البلدة للتهنئة بالعيد إلى جانب إعداد وجبات العيد المتعارف عليها وتناولها في السبلة التي يجتمع فيها أبناء البلدة .
وتبرز العيالة كأحد الفنون التقليدية التي تشتهر بها ولاية ضنك بشكل عام بينما يأخذ في بلدة فدى طابع الخصوصية لكيفية أدائه ويحرص أهالي البلدة على تقديم هذا الفن الممزوج بالأصالة في تجمع وحضور لافت من أبناء البلدة صغارا وكبارا ، إذ يقدمون هذا الفن في مناسبات الأعياد فقط ، وبالتحديد يقدمه شباب البلدة إذ ينتظرون حتى يفرغ الجميع من صلاة العيد ويذهب المشايخ وكبار السن إلى موقع " السبلة " وهو المكان المتعارف عليه والذي يجتمع فيه أبناء البلدة ومشايخها لأداء مراسم العيد الأخرى من استقبال المهنئين إلى تناول وجبات العيد المتعارف عليها ، عندها يتأهب الشباب من موقع صلاة العيد ويبدئون في ترتيب الصفوف المتتالية فيما يعطي قائد الفرق الإشارة في بدء الانطلاق بالمسير البطيء مع البدء في تأدية هذا الفن الذي يعبر عن الفرح والحماسة والإقدام ويمسك المشاركون أحدهم بجاره من معصمه وفي اليد الأخرى يمسك كل من المشاركين بعصا من الخيزران ويحركها تارة إلى أحد الجانبين في الهواء أو إلى أسفل وهم يسيرون بخطى بطيئة نحو مكان التجمع " السبلة " ويتبادل أفراد الصفوف الغناء في شلة شعرية موحدة بينهم ، حتى تتم القصيدة مع حركة الأيادي الممسكة بالعصى في مسير جميل ، أما قائد الفرق فيمشى في مقدمة الصفوف وهو من يقوم بإلقاء شيئ من الشعر الحماسي ويردد خلفه المشاركون أبيات الشعر .
وعند وصول المؤدين لفن العيالة يكون المشايخ وكبار السن في انتظارهم أمام " السبلة " التي يتناغم موقعها بين أشجار المانجو العملاقة والنخيل الباسقة حيث يتحلق المؤدون لهذا الفن مع المشايخ وكبار السن في حلقة كبيرة جدا ويدخل بداخلها عدة أشخاص من شباب البلدة أيضا يتجاوز عددهم الخمسة عشر شخصا يقودهم شخص متمرس ومجيد يؤدي فن " العازي" الذي يعتبر أيضا أحد الفنون التقليدية الذي يحرصون على تأديته وسط جمع غفير من أهالي البلدة ، ويقوم مؤدي هذا الفن بألقائه حيث يلقي قصيدة شعرية معبرة بالحمد والثناء والشكر لله ومبادئ الكرم والنخوة .....الخ وكل بيت من الشعر يبدأ بحرف من حروف الهجاء متسلسلا إن أن تنتهي القصيدة بأسلوب مغنى ، ويتوشح مؤدي الفن الخنجر ويمسك السيف الذي يبدأ بهزه بعد أنتهائه من كل بيت من أبيات القصيدة وكأنه يشير إلى المجموعة التي تحيط به لأداء صيحة ( الله أكبر ) بعد كل أداء وهكذا حتى تنتهي أبيات القصيدة ، فيما تحمل المجموعة السيوف والعصي ويمسك أحدهم ببندقية تقليدية يؤدي طلقات متفاوته ، وهم يسيرون في اتجاه الحلقة الكبيرة التي شكلها الحضور أمام موقع التجمع " السبلة " إلى أن ينتهي هذا الفن ليكبّر الجميع ويطلقون عدة أعيرة نارية تعبيرا عن الفرح والابتهاج بمناسبة العيد ، وبعدها يدخل الجميع السبلة لتناول القهوة ووجبة العيد الصباحية فيما يجتمعون على موائد العيد المتعارف عليها والتي يؤدون طقوسها بشكل جماعي لمدة أربعة أيام متتالية في السبلة يتناولونها معا ويتسامرون ويعيد كبار السن الذكريات والأمجاد السابقة للبلدة وأهاليها مع مظاهر الفرح بتأدية الفنون التقليدية والأمسيات وركض العرضة .