مرت أجازة عيد الأضحى المبارك وانتهت ورغم أن الأجازة انقضت إلا أن شريحة واسعة من المجتمع بمحافظات السلطنة لا يزال لم يكمل بعض العادات والتقاليد التي يمارسها منذ سنين طويلة خلال أيام العيد ، ومع ذلك لا يزال هناك من يحاول بطرق مختلفة ومتكررة إثارة موضوع الأجازات طولها وقصرها ويذهب بعيدا إلى حيث محاولة التنغيص على أجازات تعطى للإنسان بمختلف دول العام مثل أجازة الأمومة وأجازة يوم الانتخابات وغيرها ، رغم أن من يثير هذه الأمور يعلم تماما بأن المجتمع العماني له خصوصية مختلفة وتشكل الأجازة له خلال العيدين (عيد الفطر وعيد الأضحى) مساحة مناسبة لممارسة عادات وتقاليد قلما نجدها في كثير من المجتمعات، لكن الإصرار على الانفراد بالفكر والعكسية مع المجتمع، جعلت من بعض مثيري هذا الموضوع محل شهرة كبيرة، ولا نستغرب في يوم من الأيام إذا سمعنا مطالبتهم بإلغاء أجازة يوم الجمعة أو أجازة العزاء أو التساؤل لماذا يبدأ العمل صباحا ولا يبدأ ليلا ؟.. فلنعمل ليلا !!!.
ما تشكله العادات والتقاليد العمانية من ترسيخ لأواصر المحبة والتآخي بين الأسر والأهالي في المجتمعات لها أبعادها الإيجابية على المجتمع ، ففي حين نجد بأن كثيرا من الدول تسخر إمكانيات هائلة لبقاء عاداتها وتقاليدها كونها تشكل هوية أساسية من نسيج مجتمعها ، فبالمقابل نجد بأن المجتمع العماني يحافظ تلقائيا على عاداته وتقاليده من منطلق عمق هذه العادات وتأصلها بروح المجتمع وتفاصيل حياته لذلك من الطبيعي بمكان أن يكون لهذا المجتمع فرصة لممارسة هذه العادات وتوريثها للجيل القادم من خلال إعطائه المساحة الكافية من الوقت لممارستها خلال الأجازات .
في المجتمع لا يمكن أن تغير رأي شخص (اليوم) وهو في الثمانينات من العمر بعد أن مارس عادات وتقاليد طوال 80 عاما ، وعلى سبيل المثال لا يمكن أن تقنع هذا الشخص بأن يخرج الشواء (التنور) في ثالث أيام العيد وقد اعتاد طوال تلك السنين أن يخرجه في رابع يوم، لكن بإمكانه بقوة حجته ومكانته أن يجعل من الموظفين بالأسرة البقاء بالمنزل وإكمال رابع يوم عيد في جو أسري، هنا نجد بأن موظفي الأسرة بين إطاعة الجد أو الذهاب لوظائفهم، فلماذا لا يتم وضع حل وسط فيه تبقى كلمة الجد وهي ـ ضرورية في كثير من المواقف ــ متماشية مع طول مدة الأجازة فقط حتى يمارس المجتمع عاداته وتقاليده التي توارثها جيلا بعد جيل ، فهذه العادات المتوارثة لها أهميتها في المحافظة على تماسك المجتمع وبقاء هويته .

سهيل بن ناصر النهدي
[email protected]