لدى اجتماع لجنة التعاون الكهربائي والمائي بمجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الدوحة، قال الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة بدولة قطر رئيس الدورة الحالية للجنة التعاون الكهربائي والمائي بأن المياه تمثل التحدي الأبرز لدول منطقة الخليج، ومن المتوقع أن يزداد حجم هذا التحدي مع مرور الوقت نظراً لقلة الموارد المائية الطبيعية المتوفرة، والتكلفة الباهظة التي يجب تحملها لتوفير المصادر المائية غير التقليدية.
إن الوضع المائي في دول التعاون الخليجي في غاية التعقيد والخطورة، حيث تواجه دول المجلس مشكلة حقيقية في شح موارد المياه، ويتراوح إجمالي الموارد المائية المتجددة لدول المجلس بين 4 مليارات متر مكعب سنويًّا وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة ونحو 10 مليار متر مكعب سنويًّا حسب بعض التقديرات الرسمية، وهي موارد على هيئة أمطار وسيول ومياه جوفية ومياه مختزنة خلف السدود في المناطق الجنوبية من شبه الجزيرة العربية وبعض مناطق السلطنة، إلا أنها في جميع الأحوال لا تمثل نسبة أكثر من 3% من مجموع الموارد المائية العربية المتجددة.
وتبين التقارير أن هناك عدة أسباب لأزمة المياه في دول مجلس التعاون الخليجي، أهمها: ندرة موارد المياه العذبة السطحية والجوفية، وذلك بسبب عوامل الموقع والتكوين الجغرافي حيث تقع دول شبه الجزيرة العربية في مناخ صحراوي شديد الجفاف والتصحر ومن ثم تعد نسبة المياه المتوفرة من سقوط الأمطار محدودة جدًا وغير منتظمة.
ورغم الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي الست للسيطرة على هذه الأزمة، تبقى صياغة استراتيجية خليجية موحدة للتعامل مع الوضع المائي في المنطقة ومحاولة السيطرة على تداعياته الخطيرة، ضرورة ملحة. على أن تشتمل هذه الاستراتيجية على عدة عناصر متكاملة، أهمها مشاركة القطاع الخاص في دول مجلس التعاون في مشروعات المياه المستقبلية. وتشمل هذه الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص مجال إدارة وتوزيع وإنتاج المياه، علمًا بأن تكلفة هذه المهمة في القطاع الخاص تقل عن نظيرتها في الحكومة بنحو 84% انطلاقًا من أن هذا القطاع يسعى إلى الربح والكفاءة والجودة، وعمومًا فقد بدأت بعض دول الخليج في اتباع هذا الأسلوب.
كما يجب أن تشتمل هذه الجهود على قضية الربط المائي والذي بدأت دول المجلس بدراسته حيث سيساعد هذا المشروع في توفير المياه اللازمة للدول الست الأعضاء في التعاون الخليجي في الظروف الطارئة عن طريق محطات التحلية التي سيتم إنشاؤها على خليج عمان والخليج العربي. وقدرت تكلفة المشروع آنذاك بنحو 3.86 مليار دولار، منها 2.2 مليار دولار قيمة إنشاء خط انابيب توصيل المياه الممتدة من صحار، وحتى دولة الكويت، بينما تبلغ تكلفة إنشاء محطات التحلية، اثنتان بالتناضخ العكسي في السلطنة والإمارات، والثالثة بإنتاج مزدوج للماء والكهرباء في السعودية 1.561 مليار دولار. ومن أهم ملامح مشروع الربط المائي الخليجي أن يكون مصدر المياه عن طريق بحر العرب، أو بحر عمان، عوضا عن بحر الخليج العربي، عند حدوث أي طارئ أو شح في حجم المياه المتدفقة من الخليج العربي.
كما أن دول مجلس التعاون مقبلة على مرحلة جديدة من النمو في السنوات العشر المقبلة، ما يحتم عليها التوسع في صناعة الطاقة وضخ استثمارات جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص، حيث إن النمو السنوي على المياه يصل إلى 8% بسبب ازدياد عدد السكان وتنفيذ مشاريع العمران والزراعة والصناعة والسياحة، ما يحتم على حكومات المنطقة البحث عن بدائل لزيادة الإمدادات المائية تجنباً لحدوث أزمات في المستقبل.

حسن العالي