[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر[/author]
استبشرالمهتمون بعمليات حفظ السلام في المناطق الملتهبة بمختلف دول العالم بنتائج قمة بحث دعم قوات حفظ السلام الدولية التي دعا لها الرئيس الأميركي بارك اوباما مؤخرأ على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، حيث نتج عنها تعهد أكثر من 50 دولة بالمساهمة بنحو 40 ألف عنصر جديد لمهمات حفظ السلام الدولية.
رغم انه استبشار يدخل ضمن المفردات التي يصفها البلاغيون بأنها بلاغة في غير موضعها كونها بشرى شبيهة بحالة الفرح التي يحس بها حفاروا القبور عندما يعثروا على آلة حفر ضائعة اثناء نبش اللحد لميت، وذلك مقام حزن أولى ان يسوده البكاء وليس الفرح.
الحال نفسه ينطبق على مناطق الصراع التي توجد بها قوات حفظ السلام الدولية ، فهي كانت تتمنى أن يكون ذلك التداعي الدولي من أجل نهضتها وتنميتها، وقبل ذلك البحث الجاد عن وسائل أكثر نجاعة للوصول الى سلام عاجل بدلا عن زيادة قوات حفظ السلام، رغم انه عمل انساني بل قمة في الانسانية من اجل المساعدة على حقن الدماء.
ورغم ان المسؤولية الكبرى في وقوع كوارث الصراعات الدائرة في كافة المناطق التي توجد فيها قوات حفظ السلام تقع بالدرجة الأولى على الأطراف المتصارعة ولكن بنسب متفاوتة، إلا ان التدخلات الخارجية في ازكاء نار الفتن والحروب في تلك المناطق لها أيضا القدح المعلى في تطورها واستمرارها.
وعليه، فعندما يأتي الحديث عن فرص الحل، ينبري سؤال عن هل ستسهم مثل تلك القوات في الوصول الى الحل أم انها ستكتفي كماهو حالها اليوم بحقن الدماء والاكتفاء بدور ( الحجازة) بمعنى دور الفصل بين المتقاتلين فقط، في حين ان نخبوية بنية هذه القوات تحمل في طياتها الكثير من المؤشرات غير المبشرة بامكانية ظهور افق قريب للحلول.
وحسب منظمة الأمم المتحدة وغيرها من التقارير المتخصصة في هذا الجانب، فان مساهمة الدول الغربية في قوات حفظ السلام حتى اغسطس الماضي لا تتعدى السبعة ألف جندي من كافة الدول الاوروبية بالاضافة الى أميركا وكندا، وذلك ضمن اكثر من مائة وستة آلاف جندي من مختلف دول العالم، حيث تساهم افريقيا لوحدها باكثر من اثنين وخمسين الف عنصر وهي اكبر مساهم! بينما تساهم بنجلاديش والهند وغيرها من الدول الاسيوية بعدد واحد واربعين الف عنصر! .
ان هذه النخبوية في بنية قوات حفظ السلام قد يكون ارتفاع التقييم الذاتي للجندي الاوروبي والأميركي والحرص على ابعاده عن مواقع الصراعات بقدر الامكان، فضلا عن ارتفاع معدل حساسية دول مناطق الصراعات من تواجد الغربيين على أراضيها.
وعليه فان هذه النخبوية قد لاتكون عاملا مساعدا على الاسراع في الوصول الى حلول سريعة لتلك الصراعات، خصوصا وان قوات حفظ السلام الدولية ربما اصبحت مصدر اعاشة لكثير من افرادها خصوصا للعناصر المنضمة اليها من دول افريقية وبعض الدول الاسيوية هي في الأصل فقيرة، وتعتبر قوات حفظ السلام الدولية دعما اقتصاديا امميا لها، خصوصا وان اكثر من ثلثي تلك القوات من افريقيا واسيا.
في حين يرى المراقبون بأن تركيبة تلك القوات لوكان الجزء الأكبر منها من اوروبا واميركا، لقام الناخب او الشارع السياسي في تلك الدول بدوره في الضغط على حكوماته حتى تسارع بالعون على ايجاد الحلول لها او على اقل تقدير الاحجام عن التدخل المرئي او غير المرئي فيها، الامر الذي سيعزز جهود دول مناطق الصراعات في الوصول الى الحل. وكيفما كانت بنية القوات نأمل في أن تتمكن دول مناطق الصراعات الوصول الى حلول لمشاكلها، كما نأمل من الدول الغربية كافة العمل الجاد على اقناع كافة الأطراف على اهمية الاسراع في الوصول الى حلول على ان يكف المتدخلين سلبا عن تدخلاتهم حتى لا تزداد الحاجة لقوات اضافية لحفظ السلام.