[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
على عكس ما حظيت به المعارضة السورية من دعم عربي ودولي، فإن المعارضة العراقية بشقيها السياسي والمقاوم بقيت وحيدة، ولم تحظ بدعم ملموس، يضعها في الواجهة السياسية كطرف مؤثر وفاعل في أي حل سياسي للأزمة العراقية المستعصية.
ما أبقى المعارضة العراقية أسيرة هذا الحال، تشظي أطرافها وغياب برنامج ورؤية وخريطة طريق موحدة في التعبير عن موقفها كمرجعية في أي حوار، ناهيك عن غياب الموقف العربي والدولي إزاء التعاطي مع الأزمة العراقية كقضية يستوجب حلها بالانفتاح على المعارضة والتحاور معها، وليس بالركون إلى الموقف العراقي الرسمي الذي ينظر إلى أغلب أطراف المعارضة على أنها معادية وتنفذ أجندة خارجية تستهدف تقويض العملية السياسية، ما أبقى أوضاع العراق على حالها من دون حل حقيقي حتى الآن.
وإذا عدنا إلى المقاربة بين المعارضتين السورية والعراقية، فالأولى حظيت بدعم ورعاية أميركية وأوروبية وحتى عربية إلى حد مقاطعة سوريا وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية، ومد بعض أطرافها بالمال والسلاح والعتاد، في حين بقيت المعارضة العراقية وحيدة وأسيرة التجاذبات والمصالح السياسية.
والسبب بتقديرنا يعود إلى أن النظام الجديد في العراق هو وليد الغزو ونتائجه، ويحظى حتى الآن برعاية ومباركة الإدارة الأميركية وحلفائها رغم فشل القائمين على إدارة العراق الجديد في تحقيق الأمن، والحفاظ على ثروته من اللصوص، وتحقيق المصالحة الوطنية، والشراكة بين مكوناته، ناهيك عن إقصاء وتهميش وملاحقة معارضيه.
فأزمة المعارضة العراقية مركبة بغياب مرجعية موحدة، تعبر عن موقف أطرافها بالتعاطي مع مستجدات الأوضاع السياسية ومتغيراتها الإقليمية والدولية، فضلا عن تردد عربي ودولي بالاعتراف بدورها في أي حل محتمل للأزمة العراقية رغم حاجة جميع الأطراف إلى إيجاد حلول للأزمة المستعصية لا سيما بعد دخول "داعش" على الخط الذي خلطت الأوراق، ووضع جميع الأطراف أمام خيارات صعبة ومؤلمة.
وعلى الرغم من أن بارقة أمل لاحت بالأفق لحلحلة الأزمة العراقية بدعوة ممثلين عن أبرز فصائل المعارضة العراقية لاجتماع في الدوحة عقد مؤخرا، وحظي هذه المرة بضوء أميركي ومباركة عربية وإقليمية، وحتى من أطراف مؤثرة من داخل النظام في العراق، حسب ما كشفه بعض أطراف اجتماع الدوحة، غير أن هذا المسعى لم يصل إلى مبتغاه، ويحتاج إلى جهد ومتابعة وتدخل أطراف عربية وربما دولية لتقريب وجهات النظر، وبلورة موقف موحد، وتجسير هوة الخلافات بين أطرافه لصياغة الرؤية الموحدة لأفق الحل المنشود.
والسؤال: من هو الطرف المؤهل الذي ينهض بهذه المهمة والذي يحظى بثقة المعارضة والموالاة على حد سواء؟
إن الطرف المؤهل لرعاية ودعم هذا المشروع هو الأردن نظرا لأهميته الجغرافية والاستراتيجية والسياسية، وعلاقته المتوازنة مع جميع الأطراف، سواء المنخرطة بالمعارضة أو مع النظام في العراق.
فالأردن سبق وأن نجح في رعايته لأكبر وأضخم اجتماع للمعارضة العراقية بشقيها السياسي والمقاوم العام الماضي بعد أن استجابت جميع مكوناته للدعوة في إطار سعي الأردن لإخراج العراق من محنته ومساعدة أبنائه للتوافق على آلية للحل، لا سيما بلورة وتشكيل مرجعية موحدة للمعارضة العراقية للتعاطي مع الجهود العربية والدولية لإنقاذ العراق.
وإزاء ما تقدم، فإن مستجدات الأوضاع العربية والإقليمية والدولية بعد الاتفاق النووي الإيراني، والمقاربة الأميركية والروسية لملامح الحل للأزمة السورية وربما أزمات أخرى، كلها تستوجب متابعة ما جرى في الدوحة عبر متابعة الأردن لجهوده مجددا من خلال دعوة جميع الأطراف المؤثرة في الساحة العراقية إلى مؤتمر عمَّان الثاني لاستكمال ما حققه المؤتمر الأول لإخراج المعارضة العراقية الحقيقية إلى العلن كطرف فاعل ومرجعية، تتعامل مع العالم كشريك حقيقي، لا يمكن تجاوزه في أي حل محتمل للأزمة العراقية.