التجاذب السياسي والإعلامي بين الغرب وروسيا الاتحادية على خلفية إعلان الأخيرة الحرب على التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش والنصرة" في سوريا وفق القانون الدولي، وبعد تلقيها طلبًا رسميًّا من الحكومة الشرعية السورية المنتخبة، يكشف هذا التجاذب عن ما هو شرعي وغير شرعي، وعن دور فاعل يتمتع بالمصداقية والجدية، وعن دور يمارس التخذيل والتهوين والنفاق، ويمارس الدعاية والتحريض والتشويه، ويتبنى الإرهاب خيارًا ومشروعًا.
إن بدء العمليات العسكرية الروسية ضد تلك التنظيمات الإرهابية بعد موافقة الدوما على طلب الرئيس فلاديمير بوتين، وعلى خلفية طلب القيادة السورية بإسناد الجيش العربي السوري، القوة الحقيقية الوحيدة والفاعلة في محاربة الإرهاب، ضاعف نباح معشر المتآمرين على سوريا، ورفع مستوى ضجيجهم الممجوج وبكائهم، ليكشف عن جملة من الحقائق والأدلة التي تفسر أسباب النباح والبكاء والنحيب، من بينها أولًا، أن العمل العسكري الروسي جاء متوافقًا مع القانون الدولي، ومرَّ منذ بداية التمهيد له وحتى انطلاقه عبر مساراته القانونية والشرعية، على العكس تمامًا من التحالف الستيني الذي يخالف القانون الدولي والشرعية الدولية بانتهاك سيادة الدولة السورية المستقلة والعضو في الأمم المتحدة، وخارج إرادة وموافقة الحكومة السورية والشعب السوري. وثانيًا، أن الضربات الروسية ضد "داعش والنصرة" كانت دقيقة ومحكمة ومركزة ومؤثرة، وسيكون لها تداعياتها وآثارها لصالح القوة التي تحارب على الأرض وهي الجيش العربي السوري ولصالح الدولة السورية، بما يحد من سطوة العصابات الإرهابية ضد الشعب السوري في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها، إيذانًا بتطهيرها، من الإرهاب المدعوم من معسكر التآمر. وثالثًا، أن ضرب الإرهاب وإضعافه ستكون له ارتداداته العكسية على معسكر التآمر والتخريب الذي لا يزال يراهن على عصابات الإرهاب التي أنتجها لتحقيق مشاريعه التدميرية والتخريبية في المنطقة، وبالتالي انهيار مشروعه المسمى "الشرق الأوسط الجديد"، وتهاوي تحقق أهداف تدمير الجيش السوري وعقيدته والدولة السورية وإلحاقها بليبيا والعراق، والأهم من ذلك أن الدعم الروسي سيفوت على الغرب ما بناه من استراتيجيات ابتزاز وحلب لأموال البترودولار التي قدر زمن تحققها بثلاثين سنة؛ أي أن القوى المستهدفة بابتزاز أموالها تحت أكاذيب "دعم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان" ستظل خاضعة لرسن الاستعمار والابتزاز لثلاثين سنة؛ ولذلك، ليس بمستغرب أن تأتي ردود فعل معسكر التآمر والعدوان بهذه الدونية السياسية والخارجة عن اللياقة الدبلوماسية، والناضحة بما امتلأت به الأنفس والقلوب من أحقاد متأصلة ومتجذرة ضد دول المنطقة وفي مقدمتها سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها وضد من يدعمها، بأن يتم قلب الأهداف والتحريض والزعم بأن الضربات الروسية الموجهة ضد إرهاب "داعش" تستهدف المدنيين وما يسمى "المعارضة"، وأنها لم تستهدف مخازن أسلحة "داعش"، في حين أنه من المفترض أن يعد التدخل العسكري الروسي مكملًا لدور التحالف الستيني. لكن من الواضح أن سياسة الكيل بمكيالين التي يعتمدها الغرب في الملف السوري ومحاربة الإرهاب في سوريا، تكرس ما هو ثابت من قناعات بأن الغرب الذي يقود معسكر التآمر والعدوان على سوريا، أجمع أمره على تدمير الدولة السورية وتفتيتها لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي ـ كما فُعل من قبل بالعراق وليبيا ويُفعل بغيرهما ـ وبالتالي أي دور يعاكس هذه الإرادة مرفوض جملةً وتفصيلًا من قبل معسكر التآمر والعدوان؛ ولهذا فإن الأمور مرشحة لمزيد من الحرب الإعلامية والسياسية، مع فصول متكررة ومستنسخة لفبركات وتدليس وأكاذيب من قبل معسكر التآمر والعدوان، بهدف التحريض ضد روسيا ومن معها من القوى الداعمة لسوريا وسيادتها واستقرارها، وأمن شعبها واستقراره.