ومضة أمل أضاءت نأمل اكتمالها
جاء التصريح (التفاؤلي) في وقت شهدت فيه الساحة السياسية تزاحمًا مفاجئًا من المبادرات بشأن الأزمة السورية التي استمرت أربع سنوات، تمهلت خلالها أوروبا وأميركا وروسيا ودول الجوار وغير الجوار السوري من الأشقاء العرب والأصدقاء غير العرب في ملامسة جذور المشكلة أو السعي الحاسم للوصول إلى حل سريع وجذري للأزمة.
فظهرت وبقوة المبادرة الروسية، والمبادرة الإيرانية، وتلا ذلك توافقات عربية وأوروبية بشأن تلك المبادرات جنبًا إلى جنب، ما شهدته السنوات الأربع الماضية من محاولات ومفاوضات تضمنت ما تم إعلانه من مواثيق مثل ميثاق جنيف 1 وجنيف 2 وغيرها الكثير من محاولات الأمم المتحدة الفاشلة بشأن سوريا والتي وصفها بعض المراقبين بأنها تندرج في إطار الظواهر الصوتية في المماحكة الأممية بشأن القضايا العربية.
وبهذا (التدافع) السياسي في المبادرات خلال فترة زمنية قصيرة، ورغم أنها إشراقة مفرحة، يسطو على السطح سؤال مهم: لماذا تأخرت كل هذه المحاولات طيلة تلك السنوات، في حين (قتل) بسبب هذه الأزمة ـ حسب تقارير ـ أكثر من مئتي ألف شخص، يختلف المتصارعون في تمييزهم، فمنهم من يقول قتيلًا ومن منهم من يميز بشهيد وآخر بالضحية وإلخ… فقد تتعدد الأسباب والمسميات ويبقى الموت واحدا؟
السؤال عن: لماذا الآن كل هذا التدافع في المبادرات وإضاءات الأمل يظل حاضرًا، غير أن الكثير من المؤشرات بمقدورها أن تقود الحيارى نحو بعض الإجابات غير الشافية اهتداء بما بدا من بصيص أمل مضيء في النفق السوري الإنساني المظلم.
تلك المؤشرات أبرزها عاملان أساسيان، هما تزايد الخطر الداعشي في المنطقة، وتزايد أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا التي تعاني في الأصل ضغوطا اقتصادية، كانت قادرة على إدارتها قبل أن يصل لأراضيها حوالي ثلاثمائة وخمسين ألفا بالضرورة أن يتمتعوا بكافة متطلبات الحياة اليومية المكلفة حسب ارتفاع مستوى المعيشة في أوروبا.
أما العامل الداعشي ووفق المفوضة الأوروبية للعدل فيراد جوروفا فإن عدد الأوروبيين الذين انضموا إلى تنظيم داعش يتراوح بين خمسة إلى ستة آلاف عنصر، فيما تشير تقارير أخرى إلى أن عدد الروس المنضمين لنفس التنظيم يصل إلى ألفي شخص، فضلًا عن تنامي أعداد المنتمين للتنظيم هم في دول الجوار السوري التي بدأت مؤخرًا تستشعر الخطر الداعشي.
قد يكون أحد العاملين المشار إليهما اقتصاديًّا في مضمونه، في حين أن كليهما له قوة كبرى في الدفع أو تدافع المبادرات ممن أصبح الأمر يهمهم بعد مرور أربع سنوات، رغم أن الأزمة نفسها نتج عنها نزوح في الداخل السوري وصل ـ حسب التقارير ـ إلى حوالي ستة ملايين نازح داخل سوريا المنكوية بنار الصراع. ولكن هناك عاملا سياسيا آخر له أهميته، وهو اتساع النفوذ الروسي بالأزمة السورية والتحكم في مجرياتها بقدر ربما أصبح محركا لأميركا بأن تسعى للحفاظ على ماء وجهها في منطقة تعتبر فيها اللاعب الأساسي في ميادينها السياسية، فضلا عن دورها المؤثر في أوروبا التي تحركت مؤخرًا.
وفي كل الأحوال وبغض النظر عن من قدم مبادرة، غربية كانت أو شرقية، يظل الأمل قويا في أن تكتمل إضاءة ومضته في الوصول السريع إلى حل سلمي ناجع وعاجل يسهم في حقن دماء الشعب السوري الشقيق.