لقد حكم العمانيون شرق أفريقيا أكثر من ثلاثمائة عام بشكل رسمي ابتداء من أسرة اليعاربة في القرن السابع عشر ثم أسرة البوسعيد حتى عام 1964.تقوم الأُسرة في سلطنة زنجبار على مبادئ الإسلام حيث يعيش أفرادها ويعملون معاً متعاونين في الأزمات والمسرات وتهتم الأسرة بكبير السن فكان نظام الزواج والاحتفال في الأعياد الإسلامية وما يتحلى به الشعب في زنجبار من مبادئ وقيم وآداب فاضلة جاءت من الدين الإسلامي الحنيف مما جعله عاملاً قوياً ومؤثراً في الحياة العامة في زنجبار.
انعكس الدين الإسلامي على الحياة الاجتماعية ففي الزواج كان الرجل يدفع المهر للخطيبة وكان يتراوح بين خمس وعشرة روبيات هندية، وكان يوجد مبلغ أخر ولكن لا يدفع (الصداق). وكان الرجل العربي في يوم الزفاف يأتي ومعه أصحابه من الرجال إلى المسجد ويقرأ المعلم وثيقة الزواج وبعدها يوزع العريس الحلوى والقهوة ويدُفع للمعلم مقابل هذه الخدمة (عقد الزواج ) بعض الروبيات الهندية وفى هذه الليلة يقوم العريس بالاحتفال في بيت والده ثم يذهب إلى بيت العروس وأحيانا يحضرون العروس له ويذبحون الذبائح( الولائم).
ومن عادات الولادة أن يأتي المُعلم في كل صباح لمدة أربعين يوماً يصب الماء فوق رأس الأم ويقرأ سورة ياسين وبعد أسبوع يحلق رأس المولود ويتصدق بما يعادل وزنه ذهباً وبالنسبة للحياة العملية للزوجين يعمل الرجل في الأعمال الحرة أو التجارة أو الصيد أو الزراعة .أما الزوجة فتعتني بتربية الأولاد أو الزراعة وفى الصباح والمساء تحمل الماء على رأسها لمنزلها وتعتني بإعداد الطعام لزوجها وقد يكون الرجل له أكثر من زوجة حتى أربع مع قدرته على ذلك وفى حالة الوفاة يأتي الطبيب ويعلن أن الشخص يحتضر فيأتي المُعلم ويقرأ سورة ياسين من القرآن حتى وفاته ثم يأتي المُعلم والمغسل ليغسله فلما ينتهي يجتمع الناس لحمله ودفنه.
أ- المـلابــس
تختلف الأزياء باختلاف السكان حسب أجناسهم والوضع الإجتماعى للفرد ويتميز الزي في زنجبار بالبساطة وعدم التعقيد والدور الحضاري الذي قام به العرب في نشر عادة اللبس المحتشم وترك العادات البدائية مثل عادة العُري التي كانت منتشرة في كثير من المناطق الداخلية في القارة، وتتكون ملابس الرجال عادة من ثوب قطني أبيض طويل ويطلق عليه اسم كانزو Kanzu ويلبس العرب خارج بيته عمامة كبيرة تسمى ديليما dilemma ويحتاج لفها إلى مهارة . ويلبس الرجل الزنجبـاري حزاماً من الكشمير غالي الثمن والسواحيليون من ذوى الأصول العربية لا تكتمل زينة ملابسهم إلا بالسلاح مثل السيف والخنجر العربي المُطَعم بالعاج وقطع الذهب والأحجار الكريمة أما ملابس الرجال الهنود من سكان زنجبار فهي عادية ولا تلفت الانتباه وتتكون من قميص طويل وبنطلون واسع وكلاهما من القطن الأبيض وغطاء الرأس عبارة عن طاقية بسيطة وصغيرة، وذوو النفوذ والجاه منهم يلبسون ثياباً حريرية مزينة بالأقرطة الذهبية الكثيرة وكوفية مطرزة أيضا.
ومن ملابس المرأة في زنجبار العباءة السوداء المصنعة من الحرير وتسمى باللغة السواحيلية ( بوى بوى ) وتغطى الرأس وتلبس جلباب من القطن له أكمام طويلة ، ويتم تطريزه عند العنق واليدين وتطرز بالخيوط الفضية والذهبية. أما في الوقت الحاضر فقد أخذت المرأة في زنجبار تلبس الملابس العصرية الحديثة.
ترتدي النساء من الطبقة العامة (الوقاية) وهى قطعة من القماش القطني أو الموسلين تلف بعناية تامة حول الرأس لتغطى الصدر والرقبة وترك نهايتها تتدلى إلى الأمام كما تستعمل بعض النساء العربيات والسواحيليات البرقع Borkaa وهو عبارة عن حجاب يغطى الوجه كله عدا منطقة العينين وهذا يدل على الأثر العربي الإسلامى لأن هذا النوع من اللباس كانت تستعمله النساء الحضرميات القادمات من جنوب شبه الجزيرة العربية
ومن أزياء النساء السواحيليات الواسعة الانتشار في جميع أنحاء زنجبار الكانجة kanga كما تسمى ليسو leso في بعض أجزاء المنطقة السواحيلية وهى تمثل الأثر الأفريقى في الزى النسائي وهو عبارة عن قطعتين من القماش القطني المشجر حول الجسم من أعلى الصدر إلى تحت الركبتين بقليل وأحياناً تصل إلى الكعب والقطعة الثانية تُلبس فوق الرأس والكتفين وتغطى الوجه وأحياناً تغطى الكتف الأيمن والرأس فقط.
ومن الطبيعي أن تكون ملابس الفقيرات من نساء السواحيلية والمزارعين الأفارقة أقل شأْناً من حيث نوعية القماش، يمكن القول بأن المرأة السواحيلية محتشمة بملابسها الطويلة اللائقة المختلفة الألوان بشكل أنيق، أما نساء الهنود بصفة عامة فيلبسن ثياباً حريرية متوسطة الطول ومفتوحة الجوانب وسراويل واسعة ويضعن على رؤوسهن وأكتافهن شالات من الحرير الهندي المزركش بالألوان الجميلة وهو زي جميل وناعم والنساء المسلمات من الهنود يلتزمن بالحجاب.
أما زينة المرأة الزنجبارية مثل القلادة والخلخال والأساور والخواتم التي تُلبس في جميع أصابع اليدين والحزام في الوسط فجميع هذه الحلي تكون ذهباً إذا كانت المرأة من أسرة غنية ومن الفضة بالنسبة لمتوسطيّ الحال ومن زينة المرأة السواحيلية الأفريقية أنها تثقب أذنيها بثقوب عديدة وتضع فيها قطعاً من ورق مستدير ملون وفى المناسبات والأعياد يقوم النساء والرجال بوضع ثقوب وتسمى سيكاتريشن cicatrisation فى الوجه والجسم بأشكال ونماذج هندسية معينة كما تخرم المرأة أنفها وتضع فيه قطعة كبيرة من الذهب
ومن أنواع الملابس التي كانت موجودة ما يلى :
1- أمازو Amazu هو شال يستخدم ليلف حول الوسط للسيدات
2- كيسباو Kisibau صديرى بدون أكمام للرجال
3- كانزو Kanzu عبارة عن ثوب طويل أبيض للرجال
4 - كوفية Kofia طاقية غالباً مطرزة للرجال
5- كانزوس Kanzus للمرأة ملون وأقصر من الرجال مثل الصديرى المطرز
6- كيكوى Kikoi هو من أهم الملابس للنساء وهو عبارة عن قماش ذات حدود ملونة له نوعان منه نوع رخيص مصنوع فى الهند والأجود منه منسوجات يدوية مصنوعة فى مسقط و إطارها من الحرير.
7- البرقع Barakoas وهوغطاء للوجه

لقد تأثر المسلمون الهنود بالإسلام حيث كانت الأسرة هي عمود الجماعة الهندية وكان للإسلام أثره على العادات الاجتماعية وكانت هناك معتقدات الغيب في الجن والحسد والأرواح الشريرة التي تسبب المرض ومن ثم فان الأساليب المستخدمة لمواجهتها كانت متشابهة مع ما يجرى في بعض الدول العربية ( الزار – الحرز – النذر ) وكذلك كيفية استخدام الآيات القرآنية في أمراض الحسد وكذلك استخدام الكي والحجامة والأعشاب الطبية كالزعتر والحلوى والقرنفل وغيرها ولقد انتشر في زنجبار السحر الأسود وكانوا يعالجونه بآيات من القرآن الكريم.
ب-الطـعـام
كان الطعام في زنجبار يتنوع ويختلف حسب الشعوب المقيمة فيها، ففي القصور السلطانية كانت المطابخ في جهة منفصلة عن القصر وهى تعج بالعاملين والطباخين على اختلاف أجناسهم، وكانت أطباق الطعام التي تقدم حافلة بالمأكولات العربية والتركية والفارسية.
ولم يكن هناك غرفة خاصة لتناول الطعام وإنما كان يوضع في الشرفة الرئيسية في قصر بيت المتونى أو في إحدى الغرف الكبيرة به، حيث توضع طاولة لا ترتفع عن الأرض أكثر من ثلاث بوصات، وفى بعض الأحيان كان يوضع الطعام على البساط وأول من أكل على المائدة من حكام زنجبار هو السيد حمود عام (1314هـ / 1897 م). ويشبه طعام الهنود المسلمين طعام سكان المنطقة السواحيلية أما البانيان(الهندوس ) فطعامهم محدود ويتكون من الحبوب والقمح والخضار ويحرم عندهم أكل اللحوم لإن معتقداتهم تحرم ذبح أى شئ فيه روح وحياة فهم طبقة منعزلة لا تسمح لهم معتقداتهم المشاركة الاجتماعية لأى طائفة أخرى ويتكون غذاء الزنوج من العصيدة التي تصنع من دقيق المهوجوMuhogo أو من الجَزر اليماني، كما يطبخون الحبوب بأنواعها مثل الفاصوليا والفول ويشربون القهوة العربية التي يحرص صاحب المنزل على أن يقدمها بنفسه للضيوف بأواني القهوة المعروفة وطريقتها.
كان التأثير العُماني في زنجبار كبيراً حيث انتشرت بعض أنواع الأطعمة والمشروبات العُمانية فقد أصبحت بعض المأكولات العُمانية من أهم المأكولات والمشروبات الشعبية فى زنجبار مثل ( الحلوى العُمانية – التمر – القهوة العربية ) وبالرغم من اختلاف نوعية المحاصيل الزراعية بين البلدين إلا أن التمر كان لا يزال يحتل الصدارة من بين أنواع الأغذية الرئيسية في جميع المناسبات مع أنه ليس من المحاصيل الزراعية، هذا إلى جانب التشابه في بعض العادات الخاصة بالمأكل والمشرب وأن العادات والتقاليد الخاصة بالزواج مثل اختيار العروس والخطبة والمهر وليلة الحناء وليلة الزواج تكاد تكون متشابهة فى زنجبار وعُمان
ومن عادات تناول الطعام الأكل بالأيدي ولا تستخدم الملاعق إلا في حالات معينة كوجود ضيوف، ويبدأ المعلم بذكر البسملة وينتهي بالحمد لله تخلقا بآداب الإسلام ثم يتم توزيع القهوة بعد تناول التمر أو الحلوى. يأكل الأفارقة المحليون وجبتين في اليوم والوجبة الرئيسية في المساء والوجبة الأخرى في الصباح من الكعك cakes المصنوع من دقيق الأرز مع جوز الهند ويدعى توى Tui وكذلك أكلات مثل الأسماك واللحوم والدواجن.

د. صالح محروس محمد محمد
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر جامعة بني سويف جمهورية مصر العربية
[email protected]